مقاطعة جنازة بيريس رفض لشرعية إسرائيل - هآرتس
2016-10-06
قام أعضاء الكنيست العرب، الذين قاطعوا جنازة شمعون بيريس- وهذا حقهم الكامل بالطبع- بانتخابه رئيسا للدولة. يمكن التصديق بأن اعضاء الكنيست العرب توجد لهم مشكلة مع بيريس رجل الأمن، كما قال أيمن عودة (في الوقت الذي ليست لهم مشكلة مع بشار الاسد، رجل الأمن). ولكن ألم يكن رجل الأمن معروفا لهم عندما انتخبوه رئيسا؟ هل هناك منطق في هذا الامر؟ المشاركة في الجنازة الرسمية لشخص كان جزءاً من صورة اسرائيل هي فعل رمزي يعكس التسليم بالدولة وقبول شرعيتها والرغبة في الاندماج الحقيقي. وليس التسليم بسياسة معينة، بل التسليم بالدولة. مشاركة محمود عباس كانت خطوة حسن نية دبلوماسية تستحق التقدير تجاه دولة أجنبية، تجاه عدو يفترض التوصل معه إلى سلام. وفي المقابل شعر اعضاء الكنيست من القائمة المشتركة، وبحق، أن مشاركتهم ستنقل رسالة بأنهم يعتبرون أنفسهم أعضاء برلمان إسرائيلي. لذلك هم ليسوا مستعدين، لأن الرواية القومية الفلسطينية التي يتمسكون بها تناقض هذه الامكانية. لحظة – لكنهم بالفعل اعضاء في الكنيست الاسرائيلية ويعملون فيها بشكل فعال. فهم يشاركون في انتخاب رئيس الدولة. وفي فترة رابين كانوا جزءًا من الجسم المانع الذي حافظ على بيريس الأمني في السلطة. في المجال السياسي الفعلي هو جزء من الطريقة – وفي الوقت ذاته يتمسكون بالرواية التي تقول إنه ليس شرعيا أن يكونوا جزءاً من الطريقة. لذلك فان اعضاء "حداش" وليس فقط "بلد" يشعرون بين الفينة والاخرى بضرورة تأكيد الرواية. وهذا ما فعلوه الآن ايضا. يلتقط الجمهور الاسرائيلي اليهودي جيدا هذه الرسالة. والنتيجة هي أن القائمة المشتركة تعد باندماج السياسيين العرب في مؤسسات الحكم الاسرائيلية، وتعيق اندماج الجمهور العربي الواسع في الدولة والمجتمع الاسرائيليين. سيقول الكثيرون إن هذه هي الرواية الوحيدة للجمهور العربي وليس هناك سواها. ولكن الحقيقة أنه كانت ذات مرة لـ "حداش" رواية مختلفة، مختلفة جدا. يقول ايمن عودة إنه غير مستعد لنسيان (حتى لبيريس شخصيا) العام 1948. من الجدير أن يتذكر موقف حزبه في العام 1948. فهذا الحزب أيد خطة التقسيم. ولا أحد يتذكر كيف تم التعبير عن هذا التأييد ومن الذي تم اتهامه من قبل الشيوعيين، العرب واليهود، بالحرب وكارثة عرب البلاد التي نتجت عنها. في خطابه الاول في الكنيست في 9 آذار 1949، تحدث الشيوعي العربي توفيق طوبي عن "مقاومة الشعب في إسرائيل والحرب من أجل الاستقلال والحرية" ضد "الهجوم الامبريالي عن طريق العرب... واذا نجحت الامبريالية بشكل مؤقت بأن تأخذ من العرب في البلاد استقلالهم.. واذا نجحت في التسبب بكارثة للشعب العربي، فان الامبريالية لم تنجح في تدمير دولة اسرائيل. وهذا هو انتصار قوى الحرية والديمقراطية في الشرق الاوسط". توضح هذه الاقوال من الذي يجب أن يحاسبه عودة على العام 1948، اذا كان يرى نفسه ينتمي الى الارث السياسي الذي مثله طوبي. تدفقت الكثير من المياه منذ ذلك الحين في أنهار كثيرة. الجمهور اليهودي على يقين بأنه لم يبق في الحزب الشيوعي و"حداش" أي ذكر لهذه الرواية. ولكن القوميين العرب "الطاهرين" ما زال لديهم مأخذ على موقف الحزب في العام 1948 وهم يشككون في قوميته. وفي العام 1996 كتب عزمي بشارة في مقال له بعنوان "عرب اسرائيل – مراجعة للحوار السياسي المنقسم" أن "العربي الاسرائيلي" – هو لقب استنكاري للعربي الذي يريد الاندماج في اسرائيل – "ويتبين من كتابات اميل حبيبي أن هذا تعبير ثقافي أكثر بروزا للعربي الاسرائيلي. الرواية التاريخية له هي أن عرب اسرائيل عرفوا الحقيقة دائما وصمدوا وبقوا. بقاؤهم هو قرار واعٍ وحكيم مقابل غباء اللاجئين الذين صدقوا وعود العرب وتركوا منازلهم، ومقابل الحركة الوطنية الفلسطينية التي رفضت تصديق الواقع الى أن هُزمت. وعندما هُزمت قال العربي الاسرائيلي: لقد قلنا لكم". إن الهزيمة حسب موقف بشارة هي اتفاقات اوسلو، والخطأ الكبير لاميل حبيبي هو أنه صدق بالفعل، كما اشتبه بشارة، بفكرة دولتين لشعبين – هذا هو موقف الحزب الشيوعي المعلن. لم يتنازل اميل حبيبي أبدا عن مطلب المساواة الكاملة واستقلال الشعب الفلسطيني. هل يوجد من يقود الجمهور العربي في اسرائيل، الذي في اغلبيته مستعد لذلك، على ضوء ارثه وطريقه في كل مراحله؟ لقد حصل اميل حبيبي في العام 1992 (قبل اوسلو) على جائزة اسرائيل من قبل رئيس الحكومة اسحق شامير. وكان هذا قرارا صعبا بالنسبة له. فماذا كان سيقول عن جرأة الذين قرروا مقاطعة جنازة شمعون بيريس؟