القيادة الإسرائيلية تحرض على الكراهية بين مواطنيها-معاريف
2016-10-31
فجأة، وسط الجدال بين شارون غال وعوفر غولان، الرجل الذي شتم الصحافي أمنون أبرموفيتش، سأل المذيع غولان: «ماذا فعلت في الجيش؟» بعد محاولة للتملص من السؤال أجاب غولان: «كنت موظفاً»، وحرص على أن يشير الى أن هذا بسبب «الفتاق». فأصبح هذا الجواب فيروسا؛ إذ كيف يحتمل لشخص خدم في وزارة الدفاع ان يقول ما قاله لمن حصل على وسام بطولة وأصيب بجراح خطيرة أثناء خدمته العسكرية؟ الاقوال الفظيعة التي قالها غولان، والشتائم التي تمتلئ بالكراهية والتي خرجت من فمه، اصبحت غير شرعية فقط لان أمنون ابرموفيتش احترق حيا في الدبابة في الوقت الذي كان فيه غولان، بالحد الاقصى، يحترق بالخبز الساخن في الكافتيريا التي قبالة بوابة كابلن.
سؤال «ماذا فعلت في الجيش» ليس ذا صلة بمحاكمة الاقوال الرهيبة التي وجهها غولان لابرموفيتش. فحتى لو كان غولان خدم كضابط في وحدة مقاتلة، ما كانت له أي شرعية ليقول ما قاله. فهذا ليس خطاباً امنياً. يدور الحديث هنا عن شخص شرير، فظ الروح وفوق كل شيء مغسول العقل يهاجم شخصا يحمل كل حياته ندبا بشعة في نفسه وجسده. قصة غولان ليست خدمته العسكرية. قصته هي المكان الذي يمكن أن يصل اليه اناس يتغذون كل يوم بالتحريض منفلت العقال. فالقيادة الاسرائيلية هي والتي وضعت الكلمات في فم غولان. الصوت صوت الجمهور، أما الايدي فأيادي نتنياهو وريغيف وليبرمان وبيتان؛ فهم يطعمون بملعقة مليئة بالبنزين والنار، وهم الذين ينفخون عليها كي يرفعوا مستوى لهيبها.
ليس للقيادة الاسرائيلية جواب على أي سؤال سوى التحريض ضد اليسار. ليس لها أي قول مبدئي في أي موضوع، وليس لها أي رؤية مستقبلية، أي فكر. ماذا سيحصل بعد 20 سنة في اسرائيل اذا لم يحل النزاع؟ «بتسيلم» هم المذنبون. وسنسحب من مديرهم العام مواطنته. ماذا بشأن أسعار السكن؟ محمود درويش يريد أن يأكل لحمكم، وأنا أخرج عن النص.
يجلس في البيت عوفر غولان كهذا، ومن ناحيته الدولة في خطر بسبب «اليسار». ليس لديه أي فكرة عما يدور الحديث بالضبط، ولكنه يعرف بأن «اليسروي» كان في الخارج، وتحدث «ضد الدولة»، والآن توجد دولة إسرائيل في وضع أصعب بكثير مما كانت في بداية حرب «يوم الغفران». وأن يكون أمنون ابرموفيتش وقف ضد فعلة اليئور أزاريا فقد أدى هذا باسرائيل الى نقطة اللاعودة. أبرموفيتش وتهديد النووي الايراني هو الأمر ذاته، ولا يوجد أي فرض. هكذا يعمل التحريض المنظم وهو لا يجري أي تمييز. إذ يربط كل شيء بكل شيء. لا يوجد ما هو مهم أكثر أو أقل، لا يوجد ما هو صحيح وغير صحيح، كل شيء متساوٍ في القيمة. في يوم ما يكتب رئيس الوزراء «ستاتوس» عن واجب الكفاح ضد الاتفاق مع ايران، وفي الغداة يكتب رئيس الوزراء ذاته «ستاتوس» عن واجب الكفاح ضد الاعلام المعادي. والاستنتاج؟ الايرانيون واصحاب الرأي الاسرائيليون مصنوعون من المادة ذاتها، هم الشيء ذاته، وينبغي الكفاح ضد الجهتين.
السؤال الذي كان ينبغي أن يطرح هو «من أين حصلت على هذا الكره، من أين يأتي هذا؟». أما محاولة متابعة جذور الكراهية الشاسعة، الشوهاء، تلك التي المسافة بين ما تتسبب في قوله وبين ما يمكن لها أن تتسبب في فعله – قصيرة جدا. كراهية باسناد من القيادة التي تجعل العلاقة بين الانسان والانسان في اسرائيل متعذرة.