:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/11013

اخـتــبـــار لنـتـنـيـاهـــو/ اخـتـبــار لكحــلــون-يديعوت

2016-11-01

هل ثمة أحد ما، في الساحة السياسية، الإعلامية، الجماهيرية، أينما كان يفهم ما الذي يريده رئيس الوزراء؟ هل يمكن لاحد ما أن يشرح ما هو هذا المعمعان الذي دخل اليه نتنياهو في كل ما يتعلق بهيئة البث العامة؟ من بالضبط يقاتل نتنياهو، غير الشياطين الذين يتراكضون في رأسه؟ وكيف تحول اصلاح هو نفسه أيده إلى موضوع مركزي على جدول أعمال الحكومة، حين يكون حتى وزراء «الليكود» أنفسهم لا يفهمون الدافع الذي يقف خلف هذا الصراع ويرون فيه جنونا مطلقاً؟
لا مفر من القول إنه مثل الأطفال الذين يختلقون لأنفسهم صديقا خياليا، يحتاج نتنياهو كل الوقت لعدو خيالي.
أي موضوع مبدئي سيقاتل من أجله حتى آخر قطرة من دمه؟ ذات مرة كان هذا هو القانون الذي عني بالصحافة المكتوبة والذي عليه أخذ الدولة إلى الانتخابات، وبعد ذلك الموضوع الايراني، وعندها جاءت صفقة الغاز حين شطبت هذه ايضا عن جدول الاعمال، وأصبح الاعلام مرة اخرى التهديد رقم واحد لرئيس الوزراء.
عندما نسمع الاتهامات التي يبثها مقربوه في موضوع الهيئة لا يمكن ألا نشتبه بأننا نشهد واحدة من نوبات جنون الاضطهاد الأشد التي يمر بها رئيس الوزراء منذ الازل.
هذا الموضوع يجب أن يقلقنا جميعا. فعندما يفقد رئيس الوزراء التوازن، يرى ظل الجبال كالجبال ويجعل موضوعا هامشيا بمعايير إدارة الدولة الموضوع الاساس الذي تنشغل فيه الدولة منذ اسبوعين، فهذا بالتأكيد مدعاة للقلق.
إذ ما الذي كان هنا: فقد بدأ هذا بخطوة اتخذها جلعاد اردان كوزير للاتصالات في الولاية السابقة، باسناد من رئيس الوزراء.
وتواصل هذا في هذه الولاية، حين بات نتنياهو هو وزير الاتصالات. فاذا كان يعارض جدا اقامة الهيئة، فقد كان بوسعه أن يوقف ذلك قبل سنة ونصف السنة. ولكن ها هو في جلسة الحكومة التي قالت فيها وزيرة الثقافة ريغف: «من أجل ماذا نحتاج هيئة اذا لم نكن نسيطر عليها»، قال نتنياهو: الصحافة المكتوبة سبق أن عالجناها، والهيئة ليست حقا أمرا مثيرا للاهتمام. المهم هو ادخال المنافسة مع القنوات التجارية القائمة.
في الكنيست وفي الاحاديث الطويلة التي أجراها مع محافل اعلامية، تحدث رئيس الوزراء عن ادخال المنافسة مع قنوات التلفاز.
فما الذي حصل فجأة ليجعل الهيئة موضوعا يتعلق بأن نكون أو لا نكون، وان رجاله يهددون على ذلك بتحطيم الاواني والتوجه الى الانتخابات؟
يشهد هذا على ما يبدو بقدر أكبر على المزاج الذي يعيشه نتنياهو مما يشهد على أي شيء جوهري اكتشفه.
فمن جهة هناك الرغبة في التحكم بالاعلام ومن جهة اخرى جنون الاضطهاد الكامن في أن أحدا ما يطارده، يلاحقه، وان الهيئة التي تقام هي جزء من مؤامرة لاسقاطه.
استعداده للتوجه الى معركة بهذا القدر من التطرف في موضوع هو بالاجمال هامشي بالنسبة له وبالتأكيد لن يقرر مستقبله – يبين أنه يشعر بالمطاردة.
من هم اعداؤه، غيل عومر؟ الداد كوبلنتس؟ مع كل الاحترام للهيئة ولاهمية اقامتها، لا يفترض برئيس الوزراء أن ينشغل في هذا الموضوع لا مباشرة، ولا حتى قيد ثانية. ولكن نتنياهو تنازع منذ الان مع درعي، تورط مع اردان، ويقف امام اشتباك مع كحلون، الرجل الذي مؤخرا فقط بذل جهودا عظيمة كي يقربه منه، واعتبر كهاذٍ بقدر لا يقل، في نظر وزراء حزبه.
في «الليكود» يدور التعبير «صاندي مورننغ فيفر»، الذي يفترض ان يعبر عن حالة نتنياهو في كل يوم أحد، حين يعود من السبت في البيت، حيث يشحن بالغضب والشك تجاه من يحيط به.
من الواضح أنه مثلما في حالات اخرى، يتجه نتنياهو نحو الانغلاق، فيطوق ويلزم نفسه.
أما نقطة الحسم فستكون التصويت في الحكومة، الأسبوع القادم. وكل معارضة لخطوة الغاء الهيئة ينبغي أن تتم قبل التصويت، لأن هذا - اذا اقر – سيكون كل الوزراء ملزمين بأن يؤيدوه في الكنيست.
بكلمات اخرى: اذا قرر كحلون بأنه سيمنع قانون بيتان، فالمواجهة مع رئيس الوزراء ينبغي أن تقع قبل التصويت، الاحد القادم.
تغيب وزير المالية عن جلسة الحكومة، أول من أمس، وبعد ذلك عن جلسة رؤساء أحزاب الائتلاف، والتي كان يفترض فيها أن يجرى النقاش في مسألة الهيئة. كحلون ليس إمعة. وهو لا يريد أن يساهم في جولة يجريها عليه رئيس الوزراء في اثناء النقاش.
يعرف كحلون بأن هذه القصة هي اختبار. اختبار للعلاقات بينه وبين رئيس الوزراء، اختباره نفسه حيال الجمهور. فهل سيخضع كحلون ويوافق على اغلاق الهيئة كما يريد نتنياهو، أم انه لن يسمح لمبالغ طائلة تصرف على حل الهيئة والعودة الى سلطة البث القديمة؟
يخيل لي أن كحلون سيتمسك بالموضوع المالي: فاذا نجح نتنياهو في أن يثبت بانه قادر على الغاء الهيئة باقل من 10 ملايين شيقل فلن يتمكن كحلون من الاعتراض وسيصوت مع اغلاق الهيئة. اما اذا كلف هذا أكثر، واليوم يدور الحديث عن 400 مليون شيكل، فان كحلون سيقول: الجمهور انتخبني كي احافظ على الصندوق العام واوزعه بشكل صحيح. لا يمكنني أن اقرّ مبالغ كهذه.
ولكن ماذا سيكون اذا قال نتنياهو لكحلون ان هذا سيكلف 300 مليون شيكل، واذا لم يقر كحلون هذا فاننا سنتوجه الى الانتخابات؟ (غير أن الانتخابات هي بالذات شهادة ضمان للهيئة).
كيف قلنا؟ اختبار صغير لنتنياهو، اختبار كبير لكحلون.