هــــــل يفعلها أوباما؟ -غازي السعدي
2016-11-02
هناك (18) مشروع قانون على جدول أعمال الكنيست، منها ما يطالب بضم الضفة الغربية بالكامل إلى السيادة الإسرائيلية، ومنها ما يطالب بضم جزئي وعلى مراحل، ومنها ما يطالب بضم المنطقة المصنفة "سي" حسب اتفاق أوسلو، والتي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل، لكن هناك تطورات جديدة حدثت وتحدث، رداً على العنجهية الإسرائيلية المتطرفة، في أعقاب تصريحات "بنيامين نتنياهو"، بأن الشعب الإسرائيلي أصبح قوياً في "أرضه" وفي "وطنه"، وأنه على طريق التحول إلى قوة عظمى - حسب "هآرتس 11-10-2016"- غير أنه مستمر في المزاعم الأمنية لضم الأراضي الفلسطينية، فما هي التطورات الجديدة: "نتنياهو" حذر المستوطنين من القيام باستفزازات استيطانية حسب جريدة "هآرتس 20-10-2016"، بالفترة الواقعة بين انتهاء الانتخابات الأميركية التي ستجري بتاريخ "8-11-2016"، وانتهاء ولاية الرئيس "باراك أوباما"، في العشرين من كانون الثاني القادم، واصفاً هذه الفترة بالحساسة، وأن مشروع الاستيطان سيتعرض للخطر "إذا لم نتصرف بذكاء"، فالحكومة الإسرائيلية، ومنذ أشهر، قلقة من احتمال اتخاذ "أوباما"، في أيامه الأخيرة، خطوات مثيرة في مجلس الأمن، تضر بمصير المستوطنات ومصير إسرائيل، فالرئيس "أوباما" يعارض بشدة البناء الاستيطاني في الأراضي المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية عليها، ونائب السفير الأميركي في الأمم المتحدة، قال مرة أخرى أثناء مناقشة أوضاع الشرق الأوسط في مجلس الأمن، أن المستوطنات تتناقض مع حل الدولتين، مما دفع "نتنياهو" لمهاتفة وزير الخارجية "جون كيري"، ومناشدته أن لا تطرح واشنطن مبادرة جديدة بشأن المشكلة الفلسطينية على مجلس الأمن، قبل مغادرة "أوباما" البيت الأبيض، فإسرائيل تخشى من تحول في السياسة الأميركية، فهل يفعلها الرئيس "أوباما"؟
التطور الثاني، انه ولأول مرة يشارك في جلسات مجلس الأمن الدولي الذي يبحث موضوع الاستيطان، طرفان جديدان هما: منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وحركة "السلام الآن"، فمدير عام "بتسيلم" "حغاي ألعاد"، حذر من أن المستوطنات تشكل العقبة الكأداء التي تقف أمام حل الدولتين، واتهم الحكومات الإسرائيلية بهدم أكثر من (4400) منزل للفلسطينيين، فـ "بتسيلم" وحركة "السلام الآن"، تطالبان بتدخل مجلس الأمن الدولي، لإنهاء موضوع الاستيطان، وقال مدير "بتسيلم": أنه لا يمكن احتلال شعب طيلة نصف قرن، مع ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأنها ديمقراطية ودولة قانون، والادعاء بأن إسرائيل ملتزمة بحقوق الإنسان، وأنه لا توجد دولة واحدة في العالم، لم تشجب الاحتلال والاستيطان، وقد وجه ممثلو أكثر من (44) دولة الانتقادات- خلال اجتماعات مجلس الأمن الدولي- إلى إسرائيل لسياستها الاستيطانية، وكان من بين المتحدثين في هذه الجلسة، التي عقدت بتاريخ "19-10-2016، ممثلون عن حركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي التي تضم (57) دولة، بالإضافة إلى حركتي "بتسيلم" و"السلام الآن".
هجوم إسرائيلي هستيري تعرضت إليه منظمة "بتسيلم" وحركة "السلام الآن"، لمشاركتهما في اجتماع مجلس الأمن، لتنديدهما بالاستيطان، بمزاعم أنهما تعملان لنزع الشرعية عن إسرائيل، ووصفهما بالخيانة، لتجرؤهما على الإدلاء بشهادتيهما ضد الاستيطان، فالحكومة الإسرائيلية، واليمين الإسرائيلي الفاشي، يعتبرون مثل هذه الشهادات مخالفة ومعادية لسياسة الحكومة بشأن الاستيطان، بل أن مثل هذه الشهادات، تدعم وتقوي الموقف الفلسطيني في مجلس الأمن، لإدانة إسرائيل، وصفعة أخرى لإسرائيل من الولايات المتحدة، لوقوفها ومساندتها لحركتي "بتسيلم" و"السلام الآن".
أما التطور الآخر، فكان قيام جمعية "نساء يصنعن السلام" بتنظيم مظاهرة لأول مرة، ضمت نحو ثلاثة آلاف امرأة يهودية وفلسطينية، بملابس بيضاء، بدأت من رأس الناقورة شمال فلسطين، وحطت أمام منزل "نتنياهو" في القدس، يرفعن الشعارات التي تطالب بالتوصل لاتفاقية سلام مع الفلسطينيين، وستنظم هذه الجمعية مسيرات أسبوعية لعلها تؤثر وتقلب الرأي العام الإسرائيلي نحو السلام، ليأتي قرار "اليونسكو" الذي هز الإستراتيجية الإسرائيلية، باعتبار القدس الشرقية بمقدساتها، إضافة إلى الضفة الغربية، أراضٍ محتلة.
ومن المستجدات أيضاً، البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بتاريخ "5-10-2016"، والذي جاء فيه: أن الاستيطان، والمصادقة على شرعنة نقاط استيطانية عشوائية، يتناقض مع تعهدات سابقة للحكومة الإسرائيلية بأنها لن تبني وحدات سكنية استيطانية جديدة، فأكثر ما أثار غضب الولايات المتحدة واستفزها ، أن قرارات البناء الجديدة، جاءت بعد فترة قصيرة جداً من اتفاق إسرائيل والولايات المتحدة على صفقة المساعدات العسكرية والمالية التي وصفها "نتنياهو"، بأن لا سابق ولا مثيل لها، وقال "نتنياهو" أن "أوباما" يشكل خطراً وجودياً على مستقبل الاستيطان، ففي المقال الافتتاحي لصحيفة "نيويورك تايمز"، حثت الرئيس "أوباما"، لاستغلال الأشهر الأخيرة من ولايته في البيت الأبيض لتوجيه ضربة لإسرائيل، واقترحت تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي لإقرار حدود جديدة لكل من إسرائيل والدولة الفلسطينية، وذلك رداً على قرارات الحكومة الإسرائيلية الاستيطانية، فقد شنت الإدارة الأميركية، هجوماً شديد اللهجة لم يسبق له مثيل، على سياسة إسرائيل الاستيطانية، وقال الناطق بلسان الخارجية الأميركية أن الأصدقاء لا يتصرفون على هذا النحو، ويقصد إسرائيل، كما دعا بيان للاتحاد الأوروبي لوقف الاستيطان باعتباره غير شرعي ويتناقض مع القانون الدولي.
الرئيس "أوباما" غاضب من سياسة إسرائيل الاستيطانية، وجاء بيان أميركي يستنكر النوايا الإسرائيلية بالاستمرار بعمليات البناء في قلب الضفة الغربية، لكنه لم يستقبل بآذان صاغية، فنائبة وزير الخارجية الإسرائيلي "تسيبي حوطبيلي"، سارعت للتنديد بالبيان الأميركي، وعلى الرغم من هذه الاحتجاجات، وهذا التنديد، فقد نشرت الشركة الوطنية الإسرائيلية للسياحة- وهي شركة حكومية- عطاء لبناء حديقة تحمل اسم "موقع حلم إسرائيل"، على أراضي بلدة "دورا القرع"، شمال شرق رام الله، بدعم مالي حكومي، فإسرائيل ترد على الانتقادات والاحتجاجات والإدانات الدولية والأميركية، بهجمة استيطانية جديدة، والاستيلاء على آلاف الدونمات، والعمل على فصل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، وعلى تقسيم جغرافي للضفة الغربية، وتسعى إلى الفصل الكامل بين رام الله ونابلس، من خلال توسيع البناء الاستيطاني، ومحاصرة التجمعات السكانية الفلسطينية، وعزلها عن محيطها، فإسرائيل تستخف بالعالم، حيث أعلن الوزير "نفتالي بينت" رئيس حزب البيت اليهودي، أن على إسرائيل أن تضحي بالنفس، من أجل ضم الضفة الغربية لإسرائيل، والتمسك بالحلم بأن تصبح الضفة جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل السيادية، ووزيرة ما يسمى بالعدل –المفقود- "ايليت شاكيد"، قالت بأن على إسرائيل فعل ما يخدم مصالحها، وأن على العالم الديمقراطي، وتعني الولايات المتحدة، أن يحترم الحسم الديمقراطي للجمهور الإسرائيلي، وعدم التدخل في السيادة الإسرائيلية، فأي عدل لدى هذه الوزيرة، بمخالفتها للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، من جهة أخرى، فوزيرة الخارجية السابقة- والنائبة حالياً في الكنيست- "تسيفي ليفني" حذرت الوزير "بينت" من أن الحلم الذي يمثله آخرون، هو كابوس على شعب إسرائيل، وسيؤدي إلى قيام دولة ثنائية القومية، ذات أغلبية فلسطينية، وسيؤدي إلى نزاع متواصل، "علينا محاربة هذا الكابوس، وإزالة جميع الأقنعة بصورة نهائية"، وقالت في مقابلة إذاعية "6-10-2016:" يكفي أكاذيب، فالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، هو العائق في وجه السلام، لقد آن الأوان بعد (50) سنة، أن نقول الحقيقة بيننا وبين أنفسنا"، ورئيسة حزب ميرتس "زهافا غلؤون"قالت:"نتنياهو" على استعداد للتضحية بالشرعية الدولية، من أجل إدامة الاحتلال والاستمرار بالاستيطان، فكيف نبني على أرض فلسطينية، والادعاء بأننا دولة ديمقراطية، ودولة قانون"، ويبدو أن حكام إسرائيل يفضلون هذا التوسع، والعيش على السيف والحروف والحراب والتوتر إلى ما لا نهاية.