:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/11089

هل العالم وترامب جاهزان لبعضهما البعض-إسرائيل اليوم

2016-11-12

انتخاب دونالد ترامب المفاجئ لرئاسة الولايات المتحدة له تأثيرات. وقد تمت ملاحظة ذلك فور الاعلان عن فوزه على المستوى الدولي وفي الاسواق العالمية، وايضا خشية دول «الناتو» لأنه لا ينوي ابقاء هذه المنظمة بصيغتها الحالية. لن تكون للرئيس القادم ثلاثة اشهر هادئة. سيكون عليه الحديث عن عدة امور حتى قبل أداء القسم في كانون الثاني، كي يوضح أنه تحدث خلال الانتخابات عن مواقفه العامة، ولكن ليس عن السياسة المحددة. سيكون عليه القول إنه سيفحص كل موضوع على حدة عندما سيجلس على الكرسي في المكتب البيضوي من اجل اتخاذ القرارات التي لن تهدد اقتصاد العالم وسلامته. الرئيس التارك، باراك اوباما، خائب الأمل من نتائج الانتخابات، أكثر من خيبة أمله من عدم انتخاب كلينتون. فهو قلق لأن بعض انجازاته المهمة طوال ثماني سنوات (خطة الصحة، الاتفاق النووي مع ايران) ستلغى بهذه الطريقة أو تلك. وفي المقابل، يتم الحديث منذ زمن عن «نافذة اوباما» التي ستستمر في الاشهر القادمة. لو تم انتخاب كلينتون لكان سيتشاور معها قبل اتخاذ القرارات المهمة. الآن حيث لا توجد حاجة الى مراعاة كلينتون، وحيث لا يخاف من خطواته، فان الاشهر الانتقالية لن تضر به سياسيا، وهو سيكون حرا في فعل ما يريد. مثال على ذلك هو المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي على مستوى رفيع حول الموضوع الاسرائيلي - الفلسطيني دون مشاركة الاطراف. هدف المبادرة هو اتخاذ قرار حول مبادئ الاتفاق مع انتقاد المستوطنات، وتحويل ذلك الى قرار في مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وقد اصبحت هذه المبادرة عملية أكثر. وهذه هي اللحظة التي خشي منها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هذه هي اللحظة التي لا يخشى فيها اوباما من عدم استخدام «الفيتو»، وهو يميل الى أمر كهذا في الظروف التي نشأت. لا شك أن ترامب سيستنكر الخطوة، لكن ذلك لن يردع اوباما. ومن اجل منع خطوة كهذه فان على حكومة اسرائيل أن تبادر الى مبادرة، ليس فقط بالاستعداد للقاء القيادة الفلسطينية، لكن من الصعب القول إنها مستعدة لذلك. على اسرائيل أن تستعد جيدا لادارة ترامب. إن ميوله كما يبدو هي لصالح اسرائيل كدولة، وايضا لصالح سياسة حكومة اليمين. ومع ذلك فان الاقوال التي قالها في السنة الاخيرة تشير الى جهل كبير، حيث يمكن التأثير عليه بسهولة. لديه ثقة كبيرة بنفسه، والآن ستزداد هذه الثقة. اذا قرر أنه الوحيد القادر على حل الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، فيمكنه أن يفاجئ بخطوات لا تناسب المصالح الاسرائيلية. التفكير في أن الرئيس الجديد سيتضامن مع مواقف حكومة اسرائيل هو أمر ساذج. الرئيس الـ 45 سيحتاج هو نفسه الى الانحراف عن سلوكه، وينشئ «جامعة ترامب» لعدة اسابيع من اجل أن يصبح طالبا أكثر اجتهادا. هكذا فقط يمكنه الاستعداد لعلاج المشكلات التي لم يسمع عنها في السابق، ولا يعرف خيارات الحلول لها. الامر الصحيح أكثر بالنسبة له هو الحصول على المساعدة من قدامى الحزب الجمهوري الذين يعرفون المشكلات ويريدون نجاح ترامب. شخص من جيمس بيكر مثلا (وزير الخارجية في ادارة الرئيس ريغان ورئيس طاقم البيت الابيض). إنه قادر على اقناع الرئيس المنتخب بأن بعض افكاره ليست عملية وقد تضر. وايضا يستطيع الاشارة الى الافكار التي تحتاج الى تحسين. ترامب يصل الى البيت الابيض بدون طاقم وبدون مرشحين لملء المناصب الاكثر أهمية في الادارة الأميركية. يدور الحديث عن أكثر من 200 منصب رئيسي في المرحلة الاولى، وهنا ايضا سيضطر الى مساعدة أحد الجمهوريين القادرين على تقديم التوصيات حول الاشخاص المناسبين، وايضا تحذيره من الاعتماد الزائد على حدسه في اختيار الاشخاص وحسم مصيرهم. طاقم ترامب في الدائرتين الأوليين سيكون مقررا اذا ما سينجح في التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه القوة العظمى الوحيدة في العالم. اذا كان يمكن المقارنة بينه وبين ريغان، فلا شك أن الاخير قد نجح بفضل وجود طاقم مهني جيد الى جانبه قام بارشاده وصحح اخطاءه. كان ريغان ممثلا للسياسة التي وضعها رجاله، وفعل ذلك بمهارة عالية. والسؤال هو هل الثقة الزائدة لدى ترامب ستدفعه الى عدم تقبل أي رأي يخالف رأيه؟ في الحياة الحقيقية بناء على الاستطلاعات، فضل العالم كلينتون كرئيسة بسبب تجربتها واتزانها وبراغماتيتها وحذرها. وقد نبع هذا التفضيل من الخوف من ترامب في اعقاب أقواله عن دول العالم، ومعرفة أن كلينتون لن تفاجئ وستتصرف بطريقة تشبه طريقة ادارة اوباما رغم الفوارق بينهما. لقد استيقظ العالم، الاربعاء الماضي، مع ترامب كقائد للعالم الحر. لقد انتخب في انتخابات ديمقراطية، وقال الجمهور الأميركي كلمته. لا يدور الحديث عن انتخابات داخلية في الولايات المتحدة فقط، بل الانتخابات الاكثر تأثيرا على كل العالم. لذلك فان الرغبة هي أن ينجح وألا يفشل وألا يقوم بخطوات متسرعة أو ينجر الى الاستفزازات. سيكون على ترامب استغلال الوقت القليل الذي سيمنح له كي يثبت لنفسه وللولايات المتحدة وللعالم أن الشخص فعل ما فعل لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للفوز. سيكون عليه أن يثبت أنه سيتعاطى بشكل مختلف تماما في الحياة الحقيقية.