التطبيع الفنّي: جدل حول الغناء في فلسطين
2016-12-13
ليست المرّة الأولى التي يجري التداول فيها عن معلومات، حول إحياء فنانين عرب لحفلات في الأراضي العربيّة المحتلّة. لكن، أوّل من أمس، انتشر خبر يقولُ إن رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، قامَ بالاتصال بإدارة أعمال المغنيّة اللبنانيّة، إليسا، لإحياء حفلات لها في فلسطين المحتلة، وبالتزامن مع اقتراب حلول عيد الميلاد المجيد، وهي تمتد بين التاسع عشر والخامس والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري. ووفق بعض التفاصيل، فإن بعض المتعهدين يسعون إلى استقبال مجموعة من الفنانين العرب في هذه الفعاليات التي تقام في فلسطين، وبعض المناطق المحتلة، بالتنسيق والاتفاق مع السلطة الفلسطينية. وورد أيضاً اسم الفنانة، هيفا وهبي، وكذلك الفنان العراقي، كاظم الساهر، والذي اعتذر بعد سلسلة من المفاوضات مُفضّلاً النأي بنفسه عن المشاركة. لم تكن المرة الأولى التي تُنشر فيها مثل هذه الأخبار، والتي تتناول مجموعة من المغنين العرب، مدعوين للمشاركة في حفلات في فلسطين.
اليسا ردت أمس عبر صفحتها الخاصة "تويتر" حول الأخبار عن حفلة مزعومة ستقام لها في مدينة الناصرة فنفت ذلك، وقالت: "حلمي زيارة بيت لحم، مكان ولادة السيد المسيح، وحلمي الغناء، لكن ذلك غير ممكن حالياً.
خلال السنوات السابقة، شهدت مناطق ومُدن فلسطينية، سلسلة من الحفلات لمغنين عرب كان آخرها دعوة فريق "مسار إجباري" الغنائي لإحياء حفل في القدس، وسط ردود فعل متفاوتة بين مؤيد للخطوة، وبين معارض لها. لكن مدير الفرقة قال في تصريحات متقاطعة: "لا نريد التعليق على المهاجمين للفريق، بشأن دخولنا إلى فلسطين والغناء هناك، لكل شخص، مطلق الحرية في وجهة نظره، ولكننا لن نرضخ ونسمع ما يقال عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر". وأضاف: "ليس لنا علاقة بإسرائيل، ولنْ نتعامَل معها، ونحن لا نعتبر أنفسنا مُسافرين إلى إسرائيل، كل ما في الموضوع أننا ذاهبون لإقامة حفل للطلبة الفلسطينيين على الأراضي الفلسطينية؛ بناء على الدعوة الموجهة لنا من جامعة بيرزيت أقدم جامعات فلسطين، لتمثيل دولة مصر".
وتابع: "هذا ليس تطبيعاً، لأن الفريق ليس ذاهباً لإحياء حفل على أراضٍ تابعة للسلطات الإسرائيلية"، موضحاً أن الفرقة سوف تسافر إلى فلسطين عبر مدينة عمان بالأردن للدخول إلى الضفة الغربية عن طريق معبر الكرامة بتأشيرة أردنية، مشيراً إلى أن وجود تأشيرة إسرائيل على جواز السفر، يمنع دخول صاحبه إلى العديد من الدول الأخرى، لذلك نحن مسافرون بناء على تصريح من السلطات الفلسطينية".
وقبل شهرين، دوّى خبر إحياء الفنان التونسي، صابر الرباعي، حفلاً خاصاً أقيم في رام الله. ونال جدلاً واسعاً في الأوساط الصحافية، خصوصاً وأن صابر الرباعي التقط صورة مع ضابط إسرائيلي عربي، مما فتح باب الجدل مجدداً أمام اتهامات كثيرة سيقت إلى الرباعي، وخصوصاً باتهامه بالتطبيع مع قوات الاحتلال.
بعد الانتفاضة، لم يكن بالإمكان زيارة الفنانين إلى فلسطين، والقيام بحفلات فيها. الفنان، هاني شاكر، أحيا حفلاً في مدينة أريحا عام 2008، ضمن فعاليات "أيام السياحة الفلسطينية"، تحت رعاية وزارة السياحة. وأكد شاكر حينها أنه قادم ليغني في فلسطين، وليس في إسرائيل، وبالتالي لا "تطبيع" في هذه الزيارة، موجهاً دعوته إلى الفنانين العرب لزيارة فلسطين، ورسم الفرح على وجوه الفلسطينيين. تلته الفنانة الجزائرية، سعاد ماسي، والتي شاركت في احتفالات عيد الموسيقى 2007 لتتواصل بعدها زيارات الفنانين والمثقفين العرب، ومن بينهم، الأردني عمر العبد للات، بدعوة من محافظة رام الله والبيرة، والتونسي أحمد الشريف، والمصريان حسام حبيب وحمادة هلال، في حفلات تجارية، والفنان العراقي إلهام المدفعي، والشاب فضيل الجزائري.
وزارت الفنانة التونسية، لطيفة، فلسطين قبل عامين، والتقت الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كما قدمت سلسلة من الأغنيات الخاصة لفلسطين خلال فترات متقطعة.
وزار مواطنها الفنان التونسي، لطفي بوشناق، القدس عام 2013، لتصوير فيديو كليبات في هذه المدينة العزيزة بحسب ما صرح بوشناق يومها، وقال إنّه يتمنى أن تكون فلسطين قاعدة لانطلاق الفنانين والمبدعين العرب في كل المجالات.
بوشناق زار أيضا عدّة مدن في داخل الخط الأخضر الفلسطيني، واصفاً العلاقة الروحانية التي تربطه بالقدس، ومؤكّدا أنّه تربّى على القضية الفلسطينية، ويتمنّى أن يكافح أولاده من بعده لأجل هذه القضية. وقام بالرد على من قال عن زيارته إنّها تدخل في التطبيع، "إنّ زيارتي هذه من أجل أخيه السجين وليس السجّان".
وغنت أصالة في فلسطين سنة 2013، في اختتام مهرجان "ليالي برك سليمان"، وكانت أول فنانة سورية تزور الأراضي الفلسطينية، منذ احتلالها عام 1967، إذ تمنع السلطات السورية زيارة فنانيها ومواطنيها الضفة الغربية، خوفاً من التطبيع، وأحيت أصالة نصري حفلةً غنائيّة كبيرة، ضمن المهرجان، تحت رعاية الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في قصر المؤتمرات ببيت لحم، واختارت نصري أن تمضي عيد الفطر في فلسطين