الفأر الذي زأر- هآرتس
2016-12-29
لو كان بيتر سلراس على قيد الحياة لكان من المفترض أن ندعوه ليكون رئيسا لحكومة اسرائيل. لأن مهزلة كهذه التي قام بها نتنياهو تستحق على الأقل ممثل كوميدي وصاحب كفاءة مثل الذي جلب لنا في العام 1959 "الفأر الذي زأر". وهو فيلم مضحك حتى الرعب عن مملكة "غراند بنفيك" التي أعلنت الحرب على الولايات المتحدة. وهذا نتاج خيال الكاتب ليونارد فبرالي الذي لم يحلم بأن يكون مصدر الهام للقصة الحقيقية التي وضعها رئيس الحكومة عن دولة اليهود عندما قرر الخروج على رأس الكتيبة وفي يده دبوس حاد للورق.
التقليد تغلب على المصدر لأن حرب نتنياهو تصيب اربع قارات من امريكا ومرورا بافريقيا واستراليا وانتهاء باوروبا. وبقي فقط فرض العقوبات على انتركتيكا من اجل استكمال الهستيريا. كل أم ستعرف من الآن، التي تحظى بالتنقيط الاسرائيلي، أنه لا يجدر التورط مع الصهاينة. وستعرف دول اوروبا المتنورة أنه منذ الآن سيكون عليها أن تستجدي من اجل زيارات وزراء السياحة والتطوير الاقليمي والمواصلات والعلوم، وبشكل خاص وزير الشؤون الاستراتيجية. لقد انتهى عهد الدلال. يا لهذه الجرأة، يا لهذا الفخر. الآن نحن ضد العالم.
الدوار لا يبدأ بالعقوبات التي ستفرضها اسرائيل على الدول التي بادرت وأيدت قرار مجلس الامن. فجذوره تكمن في اقوال نتنياهو في الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول. "الامم المتحدة بدأت كقوة اخلاقية وتحولت الى مهزلة اخلاقية"، قال ذلك أمام جمهور ضئيل في قاعة الجمعية، "يمكن أن الامم المتحدة تندد باسرائيل، لكن الولايات المتحدة تؤيدها. وحجر الاساس في هذا التأييد هو التأييد المستمر من قبل الولايات المتحدة لاسرائيل في الامم المتحدة".
لقد مرت ثلاثة اشهر، وفجأة تحولت مؤسسة المهزلة هذه الى العدو اللدود لاسرائيل. "الأوم شموم" (الامم المتحدة) التي قزمت اسرائيل قراراتها بشكل دائم وحولتها الى كرات ورقية، زادت قوتها أمام نتنياهو الى درجة أنها تحولت الى التهديد الاستراتيجي الاكبر على اسرائيل. والولايات المتحدة هي الآن عصابة مجرمين يقودها مسلم أسود. ومن يريد تنشيط ذاكرته مدعو لقراءة البند 9 في قرار مجلس الامن 2334، الذي تسبب بالسكتة الدماغية الاخيرة. في هذا البند
هناك تفصيل للقرارات، من قرار 242 ومرورا بخريطة الطريق للرباعية والمبادرة العربية والمبادرة الفرنسية وانتهاء بميثاق جنيف الرابع وقوانين الاحتلال.
اذا كانت الامم المتحدة هي مؤسسة ليست ذات صلة، ويمكن تجاهل قراراتها، وانها غير قادرة على حل النزاعات، وقادرة فقط على اخراج لسانها أمام المذبحة الجماعية في سوريا أو في جنوب السودان، وأن قوتها لا تفوق قوة الجامعة العربية، فلماذا أحدث نتنياهو عاصفة الغبار؟ ولكن يبدو أن نتنياهو ايضا، خلال الاستراحات التي لا يشوه فيها الغضب تفكيره، يعرف أن الامم المتحدة وهي المؤسسة التي منحت اسرائيل الشرعية الدولية، أكبر من مجموع مركباتها. فهي ليست السنغال وليست اوكرانيا. وعندما تفرض العقوبات فان هناك زعماء تتم محاكمتهم ودول قد تنهار. أو العكس، مثلما حدث مع ايران، التوقيع على اتفاق نووي، أو لا سمح الله، توقيع اتفاق سلام.
إن الدولة التي تعلن الحرب على اعضاء مجلس الامن، إما أن تكون قوة عظمى أو قوة واهنة. واسرائيل رغم الاقنعة، ليست قوة عظمى. لقد فقد رئيس حكومتها السيطرة، وهي تحولت الى دولة تطلق النار في جميع الاتجاهات وتدمر فرصتها لتجنيد اجماع دولي من اجل مواجهة التهديدات الحقيقية. إنها تبني لنفسها قصة بطولية أمام الامم المتحدة، لكنها تتصرف وكأنها متسادا جديدة. الجوقة في اسرائيل ستستمر في العزف، لكن في هذه الاثناء هناك الاغنية المعروفة والدقيقة "في دولة الاقزام" التي تروي كيف "يركب الفرسان على الحشرات/ يملأون الجو بالصفير والغناء، والطبال يضرب بقوة على قشرة الجوز/ ويغني ما جيد وما/ الخروج معا للحرب".