:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/11510

ماذا بعد توفر النصاب السياسي- حمادة فراعنة

2017-01-15

أحسنت صنعاً اللجنة التحضيرية الفلسطينية ، التي عقدت إجتماعها الأول في بيروت يومي 10 و 11 كانون الثاني 2017 ، برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني ، عندما تجاوزت فكرة عقد المجلس الوطني بمن حضر في رام الله ، أو عبر الكونفرنس التلفزيوني من أكثر من موقع ، وبذلك أحبطت رغبات الرئيس محمود عباس ، الذي سعى لتكرار ما حققه في عقد مؤتمر حركة فتح يوم 29/11/2016 .
إخفاق فكرة عقد المجلس الوطني في رام الله يعود لسببين أولهما عدم تماسك وجهة النظر التي تدعو إلى ذلك ، ومحدودية عدد المدافعين عنها حتى من داخل وفد حركة فتح ، وثانيهما المرونة النسبية في موقف حركة حماس الذي تميز بالإستعداد الأولي لتلبية متطلبات تشكيل موقف مشترك مع الفصائل والشخصيات المستقلة الرافضة لعقده في رام الله ، مما وفر مناخاً أوسع وأقوى للتلاقي في منتصف الطريق .
نجاح إجتماع اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني ، وإحباط المواقف الأحادية المقدمة من هذا الطرف أو ذاك ، وشطب وجود معسكرين متصادمين سياسياً وتنظيمياً ، وإنهاء حالة الأصطفافات الحادة ، إنعكاساً لتدخل المواقف ، وفشل رهانات حركتي فتح وحماس كل منهما على خياراته الأحادية ، وفر مساحة رحبة في البحث عن عناوين مشتركة تجمع الأغلبية السياسية بهدف فهم كيفية مواجهة التحديات المحلية والعربية ، التي أدت إلى التغول الإسرائيلي في فرض سياسات تمكين قبضة الإحتلال ، والتوسع الإستيطاني ، وإستكمال خطوات تهويد القدس ، وأسرلة الغور ، وتمزيق الضفة الفلسطينية ، وعزل المواقع الجغرافية الثلاثة الضفة والقدس والقطاع عن بعضها البعض ، مما يستدعي إعادة النظر بمجمل سياسات التفرد والأحادية التي تطبع سلوك فتح في رام الله ، وسلوك حماس في غزة ، وكلتاهما تقعان في أسر سياسات وبرامج المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق ، وغير قادرتين على الخروج من مأزق الضعف بسبب الأنقسام السائد بينهما .
ومع ذلك سجلت اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني ، رغم نتائجها المحدودة على أنها خطت الخطوة الأولى عبر نجاح إجتماعها وكسب شرعية وجودها كمؤسسة تمثيلية تابعة لمنظمة التحرير ، وإنعقدت في ظلها وتحت إدارة رئاستها ، برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني ، وأعضاء اللجنة التنفيذية ، وضمت الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير ، وتلك المستنكفة عن المشاركة المتمثلة بتنظمي الصاعقة والقيادة العامة ، والفصائل التي مازالت خارج مؤسسات منظمة التحرير الثلاثة حماس والجهاد والمبادرة ، وبذلك وفرت اللجنة التحضيرية النصاب السياسي المطلوب لنجاح عملها وإستمراريته ، فالنصاب السياسي الذي تحقق بحضور مختلف المكونات والفصائل والتيارات السياسية الفلسطينية ، خطوة جوهرية على الطريق نحو الأنتقال للخطوة الثانية في الإجتماع المقبل المفترض أن يتم في منتصف شباط لإستكمال ما هو مطلوب وهو تشكيل لجان فنية سياسية وتنظيمية تضع خطوات العمل الجدي بإتجاه تحقيق هدفين : أولهما صياغة برنامج سياسي مشترك ، وثانيهما وضع الصيغ واللوائح التنظيمية لجعل منظمة التحرير المؤسسة التمثيلية المؤهلة الموحدة الجامعة لكل الأطراف والمكونات السياسية الفلسطينية ومشاركتها في المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية ، وأداتها على الأرض وفي الميدان داخل الوطن ، السلطة الوطنية ، بإعتبارها أحد أدوات ومؤسسات منظمة التحرير ، وفق البرنامج السياسي المشترك ، وسرعة تشكيل حكومة إئتلافية تعكس الوحدة والشراكة الفلسطينية المطلوبة وفق بيان اللجنة التحضيرية وحصيلة الأتفاق الذي تم في إجتماعها .
لا شك أن الفلسطينيين على مختلف توجهاتهم وفصائلهم ينظرون بعين الرضى لإجتماع التحضيرية بمشاركة كافة الأطراف الفلسطينية ، بصرف النظر عن التفاصل الجزئية التي لا يمكن أن تُرضي هذا الطرف أو ذاك ، ولكنها الخطوة العملية الأولى المنبثقة عن الشرعية وتعكس النصاب السياسي المطلوب ، ولذلك يبقى الرهان عليها لمواصلة عملها وإستمرارية خطواتها التراكمية التدريجية ، لا أن تلحق بسابقتها اللجنة القيادية المؤقتة حصيلة إجتماعات القاهرة والتي توقف عملها بدون سبب جوهري ، سوى غياب الرغبة وعدم توفر الأرادة ، وإستمرار سياسة التفرد والأنقسام ، والأستهتار بمصالح الشعب الفلسطيني المعذب .