الأمل في النضال الشعبي الفلسطيني -حمادة فراعنة
2017-03-14
لا أمل يُرتجى في نظر حركة الجهاد الاسلامي نحو قيادتي فصيلي الأنقسام الفلسطيني فتح وحماس المتشبثتان بما تملكان من نفوذ وسلطة منفردة لكل منهما، فأهل قطاع غزة أكثر استياء من حماس لأنهم يدفعون ثمن تسلط قيادات وكوادر حماس وعقلياتهم الأخوانية الأحادية المنفردة، وأهالي الضفة الفلسطينية أكثر غضباً على فتح بسبب سلوك قياداتها وسوء ادارتهم لمؤسسات السلطة، وأكثر من يحترم فتح وحماس هم أهل القدس لأن الذي يتحكم بهم مؤسسات الاحتلال وسلطاته، ولا يواجهون تردي وتفرد حكام فتح وحماس، فالوظيفة والراتب والنفوذ والصراع على السلطة، والحكي الثوري لدى فصيل، والحكي العقلاني لدى الأخر، كلاهما منمق للتسويق والتشويق وكأنهما في حفل مسرحي، لا قيمة له على صعيد الشارع الأحتجاجي، والنضال الشعبي، والتطلعات الوطنية نحو الحرية والاستقلال .
لقد تقاسموا السلطة قبل أوانها، وهما في ادارة وقيادة السلطة واستمراريتها بقرار اسرائيلي، مباشر لفتح وغير مباشر لحماس، فكلتا السلطتين تستمدان بقائهما بقرار من جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، وفتح وحماس توفران الأمن لجيش الاحتلال، في الضفة والقطاع، بمنع أي عمل مقاوم جدي حقيقي ضد الاحتلال، وأجهزة حماس وفتح تردع أي عمل مقاوم يستهدف الاحتلال .
تاريخهما مشرف، وأعطى نتائج ملموسة ضد الاحتلال، من داخل فلسطين، ناهيك عن مبادرات فتح خارج فلسطين باستعادة الهوية الوطنية وتوحيد تمثيلها عبر منظمة التحرير وصمود بيروت، ولكن من داخل فلسطين، يُسجل لحركة فتح دورها في الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987، والتي أدت الى اذعان اسحق رابين والتوصل الى اتفاق أوسلو لما له وما عليه، ويُسجل لحركة حماس دورها في الانتفاضة شبه المسلحة الثانية عام 2000، والتي أدت الى انحسار قوات الاحتلال عن قطاع غزة بعد ازالة قواعده وفكفكة المستوطنات بقرار من شارون، وهي تحمل سمات العمل الأيجابي الخلاق، والوقوع في الوقت نفسه في خطايا الأذى وشبهة الأرهاب، كما هي عمليات خطف الطائرات الأبداعية للجبهة الشعبية والتي أعطت نتائج اعلامية للحضور الفلسطيني على المستوى الدولي، وادانات من أصدقاء الشعب الفلسطيني قبل أعدائه وخصومه .
أثمان باهظة تم دفعها من قبل الفصيلين حتى وصلا الى الموقع القيادي الذي يشغلانه، ولكن قيادتا فتح وحماس، تحولتا الى فصيلي وظائف، وخياراتهما أسيرة بقائهما في السلطة في رام الله وفي غزة، وكلتاهما تتطلعان الى الحصول على المال، والمال سيد الموقف، وهو الذي جعل مجمل حركة التحرر العربية تعجز عن مواصلة طريقها لاستكمال خطوات الاستقلال السياسي والأقتصادي، ناهيك عن الاجتماعي لما تحمله بعض فصائلها من قيم رجعية متخلفة كما تفعل حماس نحو حقوق المرأة وعيدها العالمي، لأنه مستورد، وكأن القيم العربية والاسلامية التي تتبناها الشعوب غير العربية في أسيا وافريقيا ليست مستوردة لهم مع الاسلام الذي أتى من الجزيرة العربية حاملاً معه قيمه ومفاهيمه التي عمل لها وحملها الفاتحون الأوائل لهذه البلدان، فآمنت بها شعوب وتحولت الى الاسلام، بما يحمل من مفاهيم وعقيدة، مع أنها مستوردة من الجزيرة العربية، بل ان شعوباً أرقى من العرب، وتاريخها أقدم، ومتطورة عنهم مثل ايران وتركيا وحتى مصر الفرعونية اندمجت بالاسلام وتحولت له، وهو ليس نابعاً من بلادهم بل مستورداً من جزيرة العرب، فالقيم والمفاهيم والتراث عابرة للحدود، وهو ملك للبشرية ينتقل عبر الجغرافيا والتاريخ ويتطور مع تطور الحياة في دورات تكاملية ومحطات انتقالية، كما الحرب اليوم في مواجهة التنظيمات السياسية المتطرفة داعش والقاعدة، فقواعدها وقياداتها أممية عابرة للحدود، والدول التي تحاربها أيضاً من مختلف الجنسيات والقوميات العابرة للحدود، أي أن الحرب الدائرة من أفغانستان الى اليمن وسوريا والعراق والصومال وليبيا والصحراء الأفريقية، هي حرب عالمية أممية بالمعنى العملي والواقعي والبشري، تضم هويات وقوميات ولغات بين صفوف المقاتلين على جبهات المواجهة بين الطرفين، بين الأحزاب والفصائل الجهادية من طرف، وبين الدول التي تحاربها من طرف أخر .
لا أمل يُرتجى من قيادات فتح وحماس، والأمل القائم والمتواصل هو في العمل الشعبي المقاوم، فرفع الآذان من بيوت أهل القدس المتحررين من سيطرة وسلطة فتح وحماس، وقواعدهما التنظيمية مع باقي الفصائل وشعبهم في حالة تصادم مع سلطة الاحتلال في القدس العربية الفلسطينية الاسلامية المسيحية، ومع أجراس الكنائس حينما تدق، فهي تدق كما تفعل أذان المساجد في تواقيتها .
شعب في حالة حرب ضد المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، الذي يرفض الآذان على امتداد خارطة فلسطين في مناطق 48 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ويهدم البيوت في النقب كما يفعل في القدس، ويقتل الشهيد باسل الأعرج في رام الله كما فعل مع المربي يعقوب أبو القيعان في قرية أم الحيران في النقب، ويعتقل سميرة الحلايقة عضو المجلس التشريعي من حماس الاسلامية، كما يعتقل المسيحي باسل غطاس عضو البرلمان الاسرائيلي، ويسجن الدرزي سعيد نفاع عضو الكنيست، وكلاهما من حزب التجمع الوطني الديمقراطي .
المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي يعرف عدوه وهو الشعب العربي الفلسطيني بكل مكوناته وقواه وفئاته، ويتحرك ضده، لا يفرق بين المسلم والمسيحي والدرزي، بينما تغفل فتح وحماس عن عدوهما الوحيد الذي يحتل أرض فلسطين، وينتهك كرامة شعبها، ويصادر حقوقه ويسرقها، ومع ذلك فالخصومة والعداوة بين قيادات فتح وحماس تفوق خصومتهما وعداوتهما للعدو الاسرائيلي، فهما تتنافسان على السلطة، والسلطة تستدمانها من العدو الذي يُسهل لهما البقاء في السلطة .
لقد شن العدو الاسرائيلي ثلاثة حروب على غزة، 2008 و 2012 و 2014، لتقليم أظافر كتائب القسام وخلع أنيابها، ولكنه في الحروب العدوانية الثلاثة لم يكن هدفه اسقاط حكومة حماس وسلطتها، فهي في نظر العدو الاسرائيلي وجيشه وأجهزته أفضل من غيرها، وهي ملتزمة باتفاق التهدئة وتردع أي عمل مقاوم من أرض سيطرتها في قطاع غزة، كما تفعل سلطة حركة فتح من رام الله، وكلتاهما تتنافسان في تقديم الألتزام عبر التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، وعبر التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، ثمن البقاء في السلطة واستمراريتها، وشعب فلسطين في مناطق 48 كما في مناطق 67، يدفع الثمن والى حين انفجار الانتفاضة الشعبية من لدن الشعب كل الشعب الذي سيفعل لمواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي برمته، كما فعل في انتفاضتيه الأولى عام 1987، والثانية عام 2000، وسيواصل طريقه حتى استعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة : حقه في المساواة في مناطق 48، وحقه في الاستقلال لمناطق 67، وحق اللاجئين في العودة واستعادة ممتلكاتهم .