أبعد من حدود استقالة «ريما خلف»-د.عبد الحسين شعبان
2017-03-30
كان للاستقالة التي قدمتها ريما خلف، المدير التنفيذي ل«الإسكوا» (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا) من منصبها، رمزية خاصة، فهي موظفة رفيعة المستوى وعملت من موقع المسؤولية في المنظمة الدولية لسنوات طويلة، واطلعت على الكثير من الخفايا والخبايا التي أضاءت عليها ونبهت إليها في رسالتها. وفي نهاية المطاف اضطرت للاحتجاج العلني حين لم يعد السكوت ممكناً، بل يصبح تواطؤاً، لأنه سيؤدي لمخالفة ضميرها، كما عبرت عن ذلك.
وهي وإن تحلت بمهنية عالية ودبلوماسية راقية، وحاكت خطابها الموجه للأمين العام «انطونيو غوتيريس» بخيط من حرير، لكنها فتحت معركة دبلوماسية وقانونية وحقوقية ذات أبعاد أخلاقية وثقافية وفكرية وإنسانية، ما يدفع العرب والفلسطينيين لضرورة مواصلتها بذات الإيقاع.
وإذا كان موقف «ريما خلف» يتسم بالشجاعة والمبدئية، فإنها استندت إلى قيم العدالة وحقوق الإنسان المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ومثل هذا الموقف، وخارج دائرة التمجيد لخطوة جريئة ومن أعلى قمة الهرم الدولي، يطرح العديد من الحقائق وينبه إلى طائفة من الاعتبارات التي ينبغي أخذها على محمل الجد وهي:
1. لا يمكن للوظيفة الدولية، ومهما بلغت درجة الالتزام الوظيفي والمهني أن تكون بالضد من القيم الإنسانية، فالمهنية لا تعني الحيادية الزائفة أو الحرفية العقيمة التي لا تفرق بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، فذلك ليس سوى جمود وتحجر، فالوظيفة الدولية ينبغي ألا تلغي «إنسانية» الإنسان، ولعل من أولى مسؤوليات الموظف الدولي وشروط عمله أن يكون منصفاً، ووجوده ينبغي أن يكون إيجابياً بإعلاء القيم الإنسانية وعدم السماح بإجراءات أو قرارات تخالفها أو تمس جوهرها.
2. إن ردود الفعل الدولية إزاء ممارسات «إسرائيل» أخذت تميل لصالح حقوق الشعب الفلسطيني، وتدريجياً بدأت تبتعد عن الانحياز المسبق لها، وليس أدل على ذلك قرار «اليونيسكو» باعتبار الأماكن المقدسة في القدس من تراث العرب والمسلمين (نوفمبر/تشرين الثاني2016) وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف الاستيطان «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية ( ديسمبر/ كانون الأول 2016).
3. هناك «مناطق فراغ» لم يتم الاشتغال على ملئها من العرب ومن الجانب الفلسطيني، وهي كثيرة، ولا سيما في الإطار الدولي الحكومي، وغير الحكومي (منظمات المجتمع المدني) وهذه تحتاج إلى معرفة عميقة واستراتيجيات جديدة مرنة طويلة المدى، والأمر يتطلب هندسة جديدة لعلاقاتنا الدولية، ووضع القضية الفلسطينية في المكان الذي تستحقه، وتحديد «جبهة الأصدقاء» و«جبهة الأعداء»، إضافة إلى مسعى جديد لتحييد دول كانت منحازة «لإسرائيل» حتى وقت قريب، لكنها أخذت تشعر بالحرج إزاء انتهاكاتها وممارساتها المنافية للشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
وهنا يمكن التركيز على ما هو أساسي بقدر ما هو ممكن مثل: وضع فكرة حق تقرير المصير التي يقرها المجتمع الدولي، موضع التطبيق من خلال الترويج لدولة فلسطينية قابلة للحياة، تكون بضمانة المجتمع الدولي مع تأكيد حق العودة.
ويجدر بنا التأكيد على حل يلبي الحد الأدنى من الحقوق ويأخذ بالاعتبار القرار 181 العام 1947 وهو القرار الذي تأسست «إسرائيل» بموجبه، والقرار 194 العام 1948 الخاص بحق العودة، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي 242 العام 1967، و338 العام 1973 (المتعلقان بالانسحاب «الإسرائيلي») لأنها قرارات مقبولة دولياً.
4. إظهار الممارسات «الإسرائيلية» العنصرية، تلك التي تناولها تقرير «الإسكوا» والخاصة بتأسيس نظام الفصل العنصري «أبرتايد» والذي يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه، سواء في الأراضي الفلسطينية أو ما يسمى عرب ال 48 أو ما بعد الاحتلال «الإسرائيلي» العام 1967 وفي المخيمات وبلدان الجوار والشتات، برفض حق العودة، وبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
وهي وإن تحلت بمهنية عالية ودبلوماسية راقية، وحاكت خطابها الموجه للأمين العام «انطونيو غوتيريس» بخيط من حرير، لكنها فتحت معركة دبلوماسية وقانونية وحقوقية ذات أبعاد أخلاقية وثقافية وفكرية وإنسانية، ما يدفع العرب والفلسطينيين لضرورة مواصلتها بذات الإيقاع.
وإذا كان موقف «ريما خلف» يتسم بالشجاعة والمبدئية، فإنها استندت إلى قيم العدالة وحقوق الإنسان المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ومثل هذا الموقف، وخارج دائرة التمجيد لخطوة جريئة ومن أعلى قمة الهرم الدولي، يطرح العديد من الحقائق وينبه إلى طائفة من الاعتبارات التي ينبغي أخذها على محمل الجد وهي:
1. لا يمكن للوظيفة الدولية، ومهما بلغت درجة الالتزام الوظيفي والمهني أن تكون بالضد من القيم الإنسانية، فالمهنية لا تعني الحيادية الزائفة أو الحرفية العقيمة التي لا تفرق بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، فذلك ليس سوى جمود وتحجر، فالوظيفة الدولية ينبغي ألا تلغي «إنسانية» الإنسان، ولعل من أولى مسؤوليات الموظف الدولي وشروط عمله أن يكون منصفاً، ووجوده ينبغي أن يكون إيجابياً بإعلاء القيم الإنسانية وعدم السماح بإجراءات أو قرارات تخالفها أو تمس جوهرها.
2. إن ردود الفعل الدولية إزاء ممارسات «إسرائيل» أخذت تميل لصالح حقوق الشعب الفلسطيني، وتدريجياً بدأت تبتعد عن الانحياز المسبق لها، وليس أدل على ذلك قرار «اليونيسكو» باعتبار الأماكن المقدسة في القدس من تراث العرب والمسلمين (نوفمبر/تشرين الثاني2016) وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف الاستيطان «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية ( ديسمبر/ كانون الأول 2016).
3. هناك «مناطق فراغ» لم يتم الاشتغال على ملئها من العرب ومن الجانب الفلسطيني، وهي كثيرة، ولا سيما في الإطار الدولي الحكومي، وغير الحكومي (منظمات المجتمع المدني) وهذه تحتاج إلى معرفة عميقة واستراتيجيات جديدة مرنة طويلة المدى، والأمر يتطلب هندسة جديدة لعلاقاتنا الدولية، ووضع القضية الفلسطينية في المكان الذي تستحقه، وتحديد «جبهة الأصدقاء» و«جبهة الأعداء»، إضافة إلى مسعى جديد لتحييد دول كانت منحازة «لإسرائيل» حتى وقت قريب، لكنها أخذت تشعر بالحرج إزاء انتهاكاتها وممارساتها المنافية للشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
وهنا يمكن التركيز على ما هو أساسي بقدر ما هو ممكن مثل: وضع فكرة حق تقرير المصير التي يقرها المجتمع الدولي، موضع التطبيق من خلال الترويج لدولة فلسطينية قابلة للحياة، تكون بضمانة المجتمع الدولي مع تأكيد حق العودة.
ويجدر بنا التأكيد على حل يلبي الحد الأدنى من الحقوق ويأخذ بالاعتبار القرار 181 العام 1947 وهو القرار الذي تأسست «إسرائيل» بموجبه، والقرار 194 العام 1948 الخاص بحق العودة، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي 242 العام 1967، و338 العام 1973 (المتعلقان بالانسحاب «الإسرائيلي») لأنها قرارات مقبولة دولياً.
4. إظهار الممارسات «الإسرائيلية» العنصرية، تلك التي تناولها تقرير «الإسكوا» والخاصة بتأسيس نظام الفصل العنصري «أبرتايد» والذي يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه، سواء في الأراضي الفلسطينية أو ما يسمى عرب ال 48 أو ما بعد الاحتلال «الإسرائيلي» العام 1967 وفي المخيمات وبلدان الجوار والشتات، برفض حق العودة، وبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
وهنا لا بد من إعلاء صوت التضامن الدولي بما فيه إجراءات المقاطعة الثقافية والأكاديمية والسياسية والاقتصادية ل «إسرائيل»، وكل ما له علاقة بسحب الاستثمارات وفرض العقوبات لإجبارها على الانصياع لقواعد القانون الدولي. ولعل مؤتمر ديربن ضد العنصرية (جنوب إفريقيا - العام2001 ) كان نموذجاً حيوياً على فاعلية التضامن الدولي حين دمغت ثلاثة آلاف منظمة حقوقية ممارسات «إسرائيل» ووصمتها بالعنصرية.
5. إن سحب تقرير «الإسكوا» بخصوص الممارسات «الإسرائيلية» ومسألة «الأبرتايد» يعكس أزمة الأمم المتحدة المستفحلة، إضافة إلى خضوعها للقوى المتنفذة وبيروقراطيتها، فخلال شهرين فقط وصلت ل «ريما خلف» تعليمات بسحب تقريرين أعدتهما «الإسكوا»، لاعتبارات سياسية وليست اعتبارات مهنية تتعلق بالجوهر أو المضمون، كما تقول. وهو الأمر الذي يحتاج إلى تحالفات واسعة وعريضة مع ملاحظة المتغيرات على الساحة الدولية وموازين القوى.
إن استقالة «ريما خلف» هي أقرب إلى «لائحة اتهام» وذلك حلم العدالة في مقاضاة «إسرائيل».
5. إن سحب تقرير «الإسكوا» بخصوص الممارسات «الإسرائيلية» ومسألة «الأبرتايد» يعكس أزمة الأمم المتحدة المستفحلة، إضافة إلى خضوعها للقوى المتنفذة وبيروقراطيتها، فخلال شهرين فقط وصلت ل «ريما خلف» تعليمات بسحب تقريرين أعدتهما «الإسكوا»، لاعتبارات سياسية وليست اعتبارات مهنية تتعلق بالجوهر أو المضمون، كما تقول. وهو الأمر الذي يحتاج إلى تحالفات واسعة وعريضة مع ملاحظة المتغيرات على الساحة الدولية وموازين القوى.
إن استقالة «ريما خلف» هي أقرب إلى «لائحة اتهام» وذلك حلم العدالة في مقاضاة «إسرائيل».