لألمـانـيـا الاحـتــرام -حمادة فراعنة
2017-05-01
ركب رئيس حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي نتنياهو رأسه وعاند حينما وضع نائب المستشار الألماني وزير الخارجية زيغمار جبريئيل، الزائر لفلسطين يوم الثلاثاء الـ 25 من نيسان، أمام خيارين : أولهما اما أن يكون اللقاء بينهما دون اللقاء مع مؤسسات مجتمع مدني اسرائيلية معارضة لسياسات حكومته، أو اللقاء مع المؤسسات المدنية الاسرائيلية والغاء استقبال نتنياهو له .
زيغمار جبريئيل اختار اللقاء مع مؤسستين اسرائيليتين هما منظمة " بيتسيلم " و منظمة " كاسرو الصمت " مقابل أن نتنياهو نفذ تهديده وألغى اللقاء مع الضيف الألماني، وهكذا سجل نتنياهو المزيد من الصلف والعنجهية والنظرة الفوقية في تعامله مع الأخرين، ومن طرفه سجل وزير الخارجية الألماني صلابة خياره، واحترامه لنفسه ولدولته وشعبه، ورفض الغاء استقباله لاسرائيليين معارضين لسياسات نتنياهو وحكومته، ومتعاطفين مع معاناة الفلسطينيين ومؤيدين لحقهم في الحياة والكرامة في دولة مستقلة على أرض بلادهم .
الغاء اللقاء الألماني الاسرائيلي بين جبريئيل ونتنياهو لا يعني " خراب العالم " كما وصفه الوزير، ولكنه يضع مداميك تراكمية على طريق انحسار مكانة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي عن نفوذه وتراجع التأييد له، وخاصة لدى الأصدقاء الأوروبيين الذين صنعوا " دولة اليهود " على أرض الفلسطينيين العرب، فألمانيا التي ساندت المشروع الصهيوني وقدمت له الدعم المالي تعويضاً للمذابح والجرائم التي قارفها هتلر نحو الشعوب الأوروبية ومن ضمنهم الطوائف اليهودية الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، فالألمان يشعرون بالمسؤولية الأخلاقية نحو مذابح اليهود ولذلك يتعاطفون معهم وقدموا لهم التعويضات السخية وهم محقون في ذلك، ولكن التمادي الصهيوني الاسرائيلي أنهم حمّلوا الشعب الفلسطيني الضحية على أيديهم ما آل اليه اليهود في أوروبا، فبات الشعب العربي الفلسطيني ضحية الحركة الصهيونية العنصرية الاستعمارية، وضحية السلوك النازي ونتائجه.
النازيون والفاشيون والمتمثلون بهتلر وموسيلني، ذبحوا اليهود في أوروبا، وذبح هؤلاء عبر مشروعهم الاستعماري التوسعي الصهيوني اليهودي الاسرائيلي الفلسطينيين، وبسبب جرائم النازية والفاشية تعاطف الأوروبيون مع اليهود وحركتهم الصهيونية وفرضوا لهم كياناً على أرض فلسطين بعد أن فتحوا لهم أبواب الهجرة الى أرض الشعب الفلسطيني، وهكذا دفع الفلسطينيون ثمن جرائم لم يرتكبوها، بعد أن استثمرت الصهيونية جرائم هتلر وموسيليني ووظفتها لصالحها، ولم يُفلح الفلسطينيون توظيف معاناتهم على يد الاسرائيليين، وها هو العالم تتبدل مواقفه تدريجياً بسبب حجم الجرائم الاسرائيلية وتطرفهم وعنصريتهم، وها هو الغاء اللقاء الألماني الاسرائيلي بين نتنياهو ووزير خارجية المانيا دلالة على ذلك ! .
من داخل المجتمع الاسرائيلي ثمة شجعان ولو كانوا قلة محدودة ولكنهم يتحلون بالجرأة غير العادية لرفض سياسات حكوماتهم في التعامل مع الشعب الفلسطيني، ويقفون بحزم وصلابة مع نضال الفلسطينيين على أرضهم، وفي طليعتهم حركة السلام الآن ومنظمة كاسروا الصمت .
نتنياهو لا يرغب بتوصيل صوت الفلسطينيين ومعاناتهم خارج معتقلاتهم من داخل السجون وخارجها، فكيف يكون حينما يتولى قطاع من الاسرائيليين اليهود لايصال صوت الفلسطينيين لأصدقاء اسرائيل، ولمن ؟ لمن يدفع التعويضات المالية بسبب معاناة اليهود بديلاً عن الكارثة التي تعرضوا لها على يد الألمان النازيين !! .
حجاي العاد رئيس منظمة بيتسيلم سبق له وأن قدم تقريراً لمجلس الأمن في شهر تشرين أول عام 2016، قبل تصويت مجلس الأمن على قرار رفض الاستيطان فاتهمه نتنياهو بالخيانة وطالب باسقاط الجنسية الاسرائيلية عنه وقام بفعل غير مسبوق من قبل في تاريخ الأمم المتحدة، وفي تاريخ المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، فجاء وزير خارجية ألمانيا كي يستقبله ويسمع منه عن معاناة الفلسطينيين وسبب اضراب أسراهم .
ومنظمة كاسرو الصمت تقتصر عضويتها على الضباط والجنود الذين خدموا في الضفة الفلسطينية وسجلوا انطباعاتهم ومشاهداتهم لفضح سلوك جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية ضد الفلسطينيين، وهؤلاء لا يستطيع نتنياهو المزاودة عليهم فهم ضباط وجنود خدموا اسرائيل، ونفذوا تعليمات قياداتهم، وسجلوا أفعالهم وأفعال زملائهم الجنود والضباط والجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، انها سابقة بل سوابق صغيرة تراكمية تضيف بحق الى سجل جرائم المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وتضاف الى السجل المشرف للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، شكراً لألمانيا، شكراً لوزير خارجيتها، شكراً للشعب الألماني الذي تصرف بأخلاق مع اليهود وها هو يتصرف بأخلاق مع الشعب الفلسطيني عبر وزير خارجيته زيغمار جبريئيل .