خطة ترامب للتسوية تقلق الفلسطينيين..ومخاوف من معادلة «الاستيطان مقابل الأسرى»!
2017-05-11
ابتهج المسؤولون الفلسطينيون بدفء الاهتمام الأميركي الذي ظهر في طريقة استقبال الرئيس دونالد ترامب الرئيس محمود عباس في البيت الأبيض، وقبوله دعوة الرئيس عباس لزيارة مدينة بيت لحم، التي تضم مهد السيد المسيح، رسول المحبة والسلام، في الثالث والعشرين من الشهر الجاري. لكنهم لا يخفون قلقاً عميقاً مما تحمله لهم الأيام القادمة، وفقا لصحيفة "الحياة" اللندنية.
واستغل الرئيس الفلسطيني الاستقبال الأميركي الدافئ، ومرر مطالبه المتمثلة بإعادة إطلاق عملية سياسية ذات معنى، خلال فترة زمنية محددة، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، قائم على حل الدولتين على حدود العام 67.
وحسب مسؤولين رافقوا الرئيس عباس في رحلته إلى واشنطن، فإنه قدم لترامب ملخصاً عن العقبات التي حالت، حتى اليوم، دون التوصل إلى الحل السياسي، وقدم له خرائط تظهر سهولة التوصل إلى مثل هذا الحل.
لكن القضايا التي طرحها الرئيس الأميركي وفريقه، في اجتماعاتهم مع الفلسطينيين، أثارت الكثير من القلق لديهم.
فالرئيس ترامب الذي تفهم مطالب الفلسطينيين بوقف الاستيطان، أبدى تفهمه أيضاً لمطلب الحكومة الإسرائيلية وقف دفع رواتب اسر الأسرى والشهداء، ووقف «التحريض» في المناهج المدرسية وفي وسائل الإعلام.
وقال مسؤول فلسطيني رفيع: «نخشى أن يأتي ترامب غداً، ويقول: أفهم أن الرئيس عباس لا يستطيع وقف رواتب الأسرى، وفي الوقت ذاته أفهم أن نتانياهو لا يستطيع وقف الاستيطان».
وأضاف: «واضح أن نتانياهو يريد خلق قضايا تفاوضية جديدة من أجل التغطية على الاستيطان الذي هو جوهر القضايا، لأنه يأكل الأرض ولا يبقي منها ما يصلح لإقامة دولة».
ويتوقع الفلسطينيون أن يدعو ترامب الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى العودة إلى المفاوضات المباشرة في إطار إقليمي يشارك فيه بعض الدول العربية.
ويثير هذا الخيار الكثير من القلق لدى الفلسطينيين لأنه يحمل في طياته فرصة إقامة علاقات بين إسرائيل ودول عربية عديدة، من دون إقامة دولة فلسطينية.
وردد الرئيس عباس، في تصريحات أخيرة، القول بأن إعطاء الفلسطينيين دولة سيؤدي إلى فتح أبواب 50 دولة عربية وإسلامية أمام إسرائيل. وحذر من أن تطبيق مبادرة السلام العربية يجب أن يبدأ من الألف إلى الياء وليس العكس، أي أن يبدأ من إقامة الدولة وليس من إقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل والدول العربية.
وفي حال فشل هذا الخيار، يخشى الفلسطينيون اقتراح ترامب صفقة سياسية تقوم على حسابات رجل الأعمال، وهي حسابات أقرب إلى الربح والخسارة منها إلى حسابات التاريخ وعدالته.
ويخشى الفلسطينيون أن «صفقة ترامب» المقترحة ستكون أقل بكثير من دولة مستقلة على حدود العام 67.
وقال الدكتور علي الجرباوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت: «إسرائيل شريك استراتيجي لأميركا، والعلاقات بين الشركاء تقوم على التفاهم بينهما على المستقبل، وليس على فرض المواقف بالقوة». وأضاف أن «فريق ترامب السياسي أقرب إلى الموقف الإسرائيلي، وبعضهم عاش في مستوطنات، أو ساهم في تمويلها، لذلك فإن توصياتهم المقدمة للرئيس ستكون أقرب إلى الموقف الإسرائيلي».
ويرى الجرباوي أن ترامب الذي التقى نتانياهو منتصف شباط (فبراير) الماضي في واشنطن، وسيلتقيه هذا الشهر في القدس، سيتبنى موقفاً أقرب لحليفه الذي سيبين له أنه لا يمكنه وقف الاستيطان لاعتبارات عديدة، منها انهيار ائتلافه الحكومي وموقف حزبه... وغيرهما من الأعذار.
والمقلق بالنسبة إلى الفلسطينيين هو أن قبولهم أياً من الخطط الأميركية القادمة سيكون صعباً، ورفضها سيكون صعباً أيضاً. فقبول المبادرة الأميركية القادمة يعني العودة إلى المفاوضات، بمشاركة العرب هذه المرة، من دون وقف الاستيطان، أو قبول أقل من دولة، وأقل من حدود العام 67.
ورفض هذه المبادرات يعني المخاطرة بالتعرض لعقوبات أميركية مثل قطع العلاقات وقطع المساعدات والتهديد بخلق قيادة بديلة.
ويتوقع أن يسعى الرئيس عباس للحفاظ على الوضع القائم على رغم ما ينطوي عليه من استمرار الاستيطان، إذ إن ذلك يظل أقل خطراً من الدخول في عملية سياسية مليئة بالألغام والمخاطر الاستراتيجية.