«آجلا أم عاجلا سيسألون: ما الذي سنفعله مع العرب»-هآرتس
2017-05-20
عشية اندلاع حرب الأيام الستة خشي رئيس الحكومة ليفي أشكول من «الذبح الحقيقي». وحذر وزير الدفاع موشيه ديان من أنه «توجد حدود لقدرتنا على الانتصار على العرب». وبعد ذلك بيومين، في أعقاب الانتصار اللافت، تغيرت اللهجة من الحائط إلى الحائط. وقال ديان: إنه خلال بضع ساعات يمكننا أن نكون في بيروت أيضا. وفي السياق، عندما تم احتلال الضفة الغربية وتوحيد القدس، بدأت الحكومة في التساؤل: ماذا سيكون مصير العرب في هذه المناطق. «لو كان الأمر متعلقاً بنا، كنا سنرسل جميع العرب إلى البرازيل»، كما قال أشكول. هذه الاقتباسات تظهر في النقاشات السياسية والأمنية التي أجراها وزراء الحكومة في العام 1967، قبل وأثناء وبعد حرب الأيام الستة. والتي يقوم بنشرها الآن أرشيف الدولة بمناسبة مرور خمسين سنة على الحرب التي غيرت وجه البلاد والمجتمع الإسرائيلي. وهذا يفسح المجال لرؤية الخوف الوجودي عشية الحرب، وحالة النشوة التي جاءت بعدها، حيث ضاعفت إسرائيل مساحة أراضيها ثلاثة أضعاف عندما قامت باحتلال غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء، كذلك الاطلاع على عملية اتخاذ القرارات المصيرية، التي يُلمس تأثيرها حتى الآن. إحدى هذه الوثائق هو بروتوكول النقاش الخاص الذي أجرته هيئة الأركان مع اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية في 2 حزيران في ذروة «فترة الانتظار»، بعد دخول الجيش المصري إلى شبه جزيرة سيناء خلافاً للاتفاق الدولي وقام بإغلاق مضائق تيران في وجه السفن الاسرائيلية. وقد اعتبرت إسرائيل ذلك إعلاناً للحرب. وحذر رئيس الأركان إسحق رابين من أنه إذا لم تقم إسرائيل بتوجيه الضربة الاستباقية «فسيكون هناك خطر وجودي حقيقي على دولة إسرائيل، والحرب ستكون شديدة وكثيرة الخسائر». الجنرال أريئيل شارون أيضا حث الحكومة على البدء في الحرب، واستخف بالجهود الدبلوماسية والسياسية التي تقوم بها إسرائيل. «لقد فهمت من أسئلة الوزراء أن هناك تخوفا من عدد الضحايا. وهناك مبرر أخلاقي في البدء بعملية مقرونة بكثير من الضحايا، لا مناص من هذا»، وأضاف: «هناك نقطة ستحدد إذا كنا سنبقى هنا مع مرور الوقت أم لا، وهي استعدادنا للدفاع عن حقوقنا». وانتقد ما سماه «الركض وراء القوى العظمى». وقد رفض رئيس الحكومة ليفي أشكول هذه القراءة، وقال: إنه يجب انتظار الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، لأن إسرائيل ستعتمد في المستقبل أيضا على التسليح العسكري الخارجي. وطلب من شارون وزملائه الاعتراف بحدود قوة إسرائيل. «كل ما لدينا من قوة عسكرية جاء بفضل الركض وراء القوى العظمى. يجب علينا عدم نسيان ذلك، وألا نعتبر أنفسنا جوليات. وبقبضات غير مسلحة – لن تكون لدينا القوة»، قال لشارون. في 4 حزيران اجتمعت مجدداً اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية. وزير الدفاع موشيه ديان كان متشدداً فيما يتعلق بضرورة البدء في الحرب. والسيناريوهات المرعبة التي رسمها شملت آلاف القتلى الاسرائيليين (في نهاية المطاف قتل 800 شخص اسرائيلي). الدبابات المصرية التي ستقوم باحتلال إيلات ودخول العرب إلى القدس وتل أبيب. «أنا أجد صعوبة في القول كيف سنصمد أمام ذلك، توجد حدود لقدرتنا في الانتصار على العرب. نحن على حدود قدرتنا على الانتصار في الحرب»، حذر وأضاف: «الأمر الأكثر هستيريا الذي قد يحدث هو الطلب منا عدم إطلاق الرصاصة الأولى». وحسب أقوال ديان: «الفرصة الوحيدة لنا من اجل الانتصار في الحرب هي أن نكون المبادرين». وتم ذكر اسم هتلر أيضا – هذه المرة من رئيس الحكومة أشكول، الذي حدث الوزراء عن الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى أوروبا، وقارنت فيها بين تهديد هتلر وتهديد عبد الناصر: «هتلر في حينه قال، وفعل ما قاله». وأضاف أشكول: «في بعض الأماكن يخططون لذبحنا بالفعل». صحيح أنه كان يدرك أننا «نستطيع الرد من خلال الذبح في الشطر الثاني من القدس». ولكنه تحفظ وقال: «هذا لن يضيف لنا المجد». وفي جزء آخر من النقاش قال: إن هناك «خطر وإمكانية لتعرضنا للإبادة في أي لحظة». في نهاية المطاف قررت الحكومة الاسرائيلية البدء في الحرب. وفي اليوم التالي، 5 حزيران، بدأ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي مفاجئ للمطارات في الدول المعادية. وفيما بعد بدأت قوات المشاة في الجيش الإسرائيلي بمهاجمة الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء. وبعد ذلك بدأ الأردن بقصف غرب القدس، وبهذا انضم الأردن أيضا إلى الحرب. في 6 حزيران اجتمع وزراء الحكومة من جديد. وبدل القلق كانوا يشعرون بالنشوة. يمكن احتلال جميع الضفة الغربية، ويمكن الوصول إلى شرم الشيخ... ويمكن أيضا الوصول إلى الليطاني في لبنان، بل أكثر من ذلك»، قال ديان واقترح أن يتم تهديد لبنان إذا أضر باليهود الموجودين في بيروت. «خلال بضع ساعات يمكننا أن نكون في بيروت، ولهذا من الأفضل أن يحذروا». وقام وزير الأديان زيرح فرهافتيغ بتبريد الأجواء فقال: «أنا أحذر من هذه اللهجة، التي تظهر أننا نسيطر على كل شيء. لا يجب القول إننا نسيطر على العالم. يجب أن نقوم بوضع حدود معينة». ورداً على سؤال: كم من الوقت يمكن الاحتفاظ بشرم الشيخ؟ قال ديان: «300 سنة». زميله وزير التعليم والثقافة، زلمان أران، حذر أيضا من القرارات المتسرعة: «أنا لا أؤيد الإعلان عن البلدة القديمة كجزء من إسرائيل. فهذا من شأنه أن يوقظ المسيحيين والمسلمين ضدنا». وحذر أران أيضا من احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، لأنها ستضطر إلى الاهتمام بمليون عربي آخرين. «هذا تغيير كامل في مكانة إسرائيل السياسية». وكان ديان حاسما: «في لحظة الانتهاء من هذا الأمر سنكون المسيطرين الوحيدين على الضفة الغربية». وقد سأل أشكول ديان من الذي سيهتم بالسكان المحليين إذا قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية فأجاب ديان: «يوجد لديهم حوانيت ولديهم غذاء». فقال أشكول مصعبا الأمر: «الحديث يدور عن مئات آلاف الأشخاص. لا يمكننا عدم معرفة كيف سيتدبرون أمورهم». وأجاب ديان: «يجب علينا الاختيار بين أمرين، إما أن يغادروا من خلال الاتفاق مع الحسين ملك الأردن، أو دون الاتفاق معه، وإما أننا سنتحمل المسؤولية عن ذلك». وزير العمل يغئال ألون عبّر عن أمل: «سأكون مسرورا لو أنهم هربوا من البلدة القديمة»، قال ذلك متطرقا لعرب شرقي القدس. وأثناء الجلسة احتج ديان على طول زمنها: «نحن نجلس منذ أكثر من ساعتين... يجب علينا المغادرة». وبعد ذلك بيوم، في 7 حزيران، دخلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى البلدة القديمة في القدس، و»حررت» حائط المبكى والحرم واحتلت يهودا والسامرة. وفي نهاية الحرب انتقل الجهد العسكري إلى الجبهة السورية، حيث احتلت إسرائيل هضبة الجولان. وزادت النشوة. وفي 14 حزيران قال وزير الخارجية آبا إيبان لأعضاء الحكومة: «لم يكن هناك نجاح للدعاية في تاريخ الإنسانية مثل النجاح الذي حققته إسرائيل في الشهر الأخير. إسرائيل تتوسع بهذا القدر والعالم يصفق لها». بالنسبة لمستقبل القدس قال ديان: إنها جميعها تحت سيطرة إسرائيل. «إن حكم القدس مثل حكم الناصرة». ولهذا ناقش الوزراء مصير العرب فيها. واقترح وزير الداخلية حاييم موشيه شبيرا طرد العرب من البلدة القديمة من اجل إخلاء مكان لليهود. «أنا لا أميل في العادة إلى طرد أحد من مكان سكنه، لكن الحديث هنا عن أمر مختلف»، قال. وأضاف: «هذه بيوت اليهود الذين تم طردهم في 1948. وأنا لا أعتقد أنه يجب طردهم، لكن يمكن فعل ذلك بالتدريج. يجب البدء في بناء البيوت والكنس هناك والقول للعرب: إن هذا قد يضر بالبيوت التي يعيشون فيها، إذا عملنا هناك مع الجرافات فيجب عليهم الانتقال من هناك حرصا على سلامتهم». «نحن لن نلقي بهم إلى الشارع»، قال ديان، «سنقوم بوضعهم في بيوت من بيت لحم وحتى رام الله. الجرافات ستأتي من اجل تنظيف المنطقة. وهذا الأمر يحدث في أماكن أخرى عندما يُطلب من الناس إخلاء الشوارع». بعد ذلك بيوم، في 15 حزيران، بدأ الوزراء بنقاش مستقبل المناطق المحتلة السياسي. واستمر النقاش على مدى بضع جلسات في أيام مختلفة. «آجلا أم عاجلا سيسألوننا: ماذا ستفعلون مع العرب؟»، قال أشكول. وفيما يتعلق بالضفة الغربية أيد ديان فكرة رعاية قيادة محلية فيها، «هذه القيادة تعلن أنها تفعل ذلك بالاتفاق، وليس أننا قمنا باحتلالهم... على أمل بأن يبقى جزء منهم جالسا بهدوء». وفي أحلامه رأى «علاقات سليمة» بين الضفة الغربية وإسرائيل، لكنه أكد على أن العرب في الضفة الغربية سيعيشون تحت الحكم العسكري دون حقهم في الانتخاب للكنيست أو الدخول إلى إسرائيل. «أنتم حتى هنا ونحن حتى هنا»، هكذا رسم خطته السياسية. وبهذه الروح اقترح أشكول «عقد جلسة أخرى في الخليل». ولكن ديان رفض ذلك وقال: «إذا قلنا إننا لا نريد ذهاب عرب نابلس إلى حيفا، عندها لا نستطيع الطلب من اليهود أن يسكنوا في الخليل». وبعد ذلك ببضعة اشهر بدأت المستوطنات الأولى في الضفة الغربية، بما في ذلك الحي اليهودي في الخليل. بعد ذلك انتقل النقاش إلى الموضوع الذي بقي على جدول الأعمال حتى الآن. بعد مرور خمسين سنة، هل يجب علينا تأييد حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة. وحذر أشكول قائلا: إن إسرائيل ستجد نفسها في نهاية المطاف تسيطر على عدد من العرب أكبر من المتوقع. «يجب عدم النسيان أن كل ذلك سيزيد عدد العرب لدينا. وعندما سنبدأ بعدهم... سيتبين أن لدينا عددا أكبر مما يتم الحديث عنه الآن»، قال. وزير المالية بنحاس سبير حذر أيضا من المشكلة الديموغرافية وقال: «سيكونون مع التكاثر الطبيعي خلال اربع سنوات أكثر من مليون إنسان... وهذه ستكون دائما مادة قابلة للانفجار. في العالم المتنور لا يمكننا العيش في مستويين من الحياة: مستوى حياة اليهود في إسرائيل ومستوى حياة آخر»، قال. وزير الخارجية آبا إيبان حذر وقال: «برميل مواد متفجرة». وتحدث عن الإشكالية في السيطرة على شعب آخر: «نحن نجلس مع مجموعتين من السكان، واحدة تحصل على جميع الحقوق المدنية، والثانية محرومة من جميع الحقوق. هذه صورة لنوعين من السكان يصعب الدفاع عنها، بناء على الخلفية الخاصة للتاريخ اليهودي. المجتمع الدولي سيؤيد حركة تحرير المليون ونصف المليون المحاطين بعشرات الملايين». وزير العدل يعقوب شمشون شبيرا حذر من دولة ثنائية القومية يكون اليهود فيها أقلية. وطالب بإعطاء الضفة الغربية للأردن. «لأننا إذا لم نفعل ذلك فسينتهي المشروع الصهيوني وحينها سنعيش هنا في غيتو». الوزير مناحيم بيغن اقترح إعطاء العرب في الضفة الغربية مكانة السكان لسبع سنوات، لن يستطيعوا خلالها الانتخاب للكنيست. «ما الذي يجب علينا فعله خلال هذه السنوات السبع؟»، تساءل وأجاب: «زيادة الهجرة والولادة». فيما يتعلق بقطاع غزة لم يحدث أي نقاش تقريبا. وقال أشكول: «إن قطاع غزة موجود تحت سيادة إسرائيل». وعندما طلب الوزير فرهافتيغ معرفة إذا كان مصير قطاع غزة هو مثل مصير طبريا، قال أشكول: «لا يوجد لي أي خيار». وكان على جدول الأعمال أيضا موضوع نقل لاجئين إلى دول أخرى. وزير التجارة زئيف شارب قال في النقاش الذي جرى في 19 حزيران: إنه يجب التمييز بين ما هو موجود وما هو مرغوب فيه. «المرغوب فيه بالنسبة لنا هو الوضع في العام 1948 حيث هرب العرب وجاء اليهود بدلا منهم وسكنوا في القرى والمدن. الآن الوضع مختلف حيث أن العرب لم يهربوا، واليهود لا يأتون»، قال. وقد كان اقتراحه العملي هو التوجه إلى الدول العربية والطلب منها أن تستوعب اللاجئين العرب من المناطق التي احتلتها إسرائيل. «على الرغم من أن البرازيل هي دولة كاثوليكية، إلا أنها تقوم باستيعاب آلاف اليابانيين أبناء ديانة الشينتو. فلماذا لا تقوم الدول العربية باستيعاب اللاجئين الفلسطينيين؟» تساءل. وفي نقاش آخر حول نفس الأمر قال أشكول: «لو كان الأمر يتعلق بنا لقمنا بإرسال كل العرب إلى البرازيل». وزير العمل يغئال ألون استمر بنفس الخط وقال: «قسم يذهب إلى كندا واستراليا، وقسم آخر نقوم بإسكانه في سيناء». واقترح أشكول «تبادل السكان». وقال: إنه مثلما استوعبت إسرائيل مئات آلاف اليهود من الدول العربية، فيجب على الدول العربية استيعاب اللاجئين الفلسطينيين من المناطق التي احتلتها إسرائيل». ولم يتوافق معه الوزير شمشون شبيرا وقال: «إنهم سكان هذه البلاد، وأنت تسيطر عليها الآن. ليس هناك سبب لإخراج العرب الذين ولدوا هنا ونقلهم إلى العراق». ورد أشكول: «هذه ليست كارثة كبيرة... نحن لم ندخل إلى هنا بالسر، بل قلنا: إن ارض إسرائيل هي من حقنا».