أربعون الف إسرائيلي ضد الإحتلال -حمادة فراعنة
2017-06-01
مظاهرة الأربعين الف إسرائيلي في ساحة إسحق رابين في قلب مدينة تل أبيب على الساحل الفلسطيني مساء يوم السبت 27 / مايو أيار ضد الإحتلال والإستيطان بداية صيف جديدة ومبادرة سياسية مبشرة ، لا تستطيع عين المراقب الصديق والعدو تجاهلها وعدم إعتبارها .
صحيح أن اليمين واليمين الإسرائيلي المتطرف يستطيعون إخراج أربعمائه الف عبر مظاهرة مماثلة دعماً لسياسة الضم والإستيطان وخيار الإحتلال ، لأن موازين القوى الإجتماعية السياسية داخل المجتمع الإسرائيلي مازالت الأقوى لصالح الأنحياز لسياسات نتنياهو وليبرمان وبينيت ومن جاء قبلهما ومعهما ، وهذا ليس مستغرباً لمجتمع تمت صياغة مواقفه والتأثير على تفكيره ودفعه بإتجاه التطرف نظراً لأنه تشكل من مهاجرين أجانب أتوا إلى فلسطين هرباً من الإضطهاد الأوروبي ، أو بحثاً عن حياة معيشية أفضل من حياة الإشتراكية لدى بلدان الأتحاد السوفيتي ، أو إستجابة لسياسات أيديولوجية إستعمارية تناغماً مع بدايات السياسة الأوروبية الإستعمارية بعد إنفجار الثورة الصناعية ، بحثاً عن أسواق جديدة وإستعمار بلدان وشعوب إفريقيا وأسيا وأميركا الجنوبية .
ولكن الصحيح أيضاً أن يخرج عن السياق الإسرائيلي السائد وعن هيمنة الأتجاهات العنصرية العدوانية التوسعية الإستيطانية ، قطاع من الإسرائيليين يتجاوزون الأربعين ألفاً ، يملكون شجاعة مواجهة الأغلبية ، ويرفضون الإحتلال والتوسع والإستيطان ، فهذا مكسب مهم وضروري لصالح عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية مطالبها .
مظاهرة الأربعين الفاً ، لم تكن بسبب تحريض فلسطيني ، بل لدوافع إسرائيلية محضة قادتها ودعت لها ونظمتها حركة السلام الأن الإسرائيلية المعادية للإحتلال وللإستيطان وتم ذلك بالتنسيق والشراكة مع حركة ميرتس ، مما يشكل جبهة يمكن أن تتشكل وأن تتطور من داخل المجتمع الإسرائيلي لصالح الفلسطينيين ودعماً لقضيتهم ، وحصيلة هذا الفهم والوعي نحو إدراك أهمية كسب إنحيازات إسرائيلية لعدالة القضية الفلسطينية وشروط إنتصارها ، يتطلب من الشعب الفلسطيني ومن قياداته وفصائله على مختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية داخل وطنهم سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 ، إدراك أن إنتصار نضالهم على الأرض وفي الميدان يحتاج لعاملين إثنين هما أولاً وحدة النضال الفلسطيني برنامجاً ومؤسسة وأدوات نضال يتم الإتفاق عليها ، وثانياً عبر إتساع مظاهر المعارضة الإسرائيلية للسياسة العدوانية التوسعية الإحتلالية التي تنهجها حكومات تل أبيب المتعاقبة ، مقابل تعزيز مظاهر التأييد والشراكة لصالح المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني من داخل المجتمع الإسرائيلي .
في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ووفق موازين القوى بين طرفي الصراع ، يقع الطرف الفلسطيني في الموقع الأضعف ، رغم إمتلاكه للعدالة ولقرارات الأمم المتحدة المنصفة ، وإمتلاك العدالة مع قرارات الأمم المتحدة غير كافية لتحقيق الإنتصار ، بل يحتاج الفلسطينيون لعوامل إسناد تدعم نضالهم ، وأهم عوامل الإسناد تلك التي تأتيه من دعم الإسرائيليين لهم ، ليس فقط كي يدلل على عدالة قضيتهم بإنحياز إسرائيليين إلى جانب نضالهم لإستعادة حقوقهم ، بل يوفر لهم عوامل قوة إضافية في مواجهة المشروع الإستعماري الإسرائيلي المتفوق ، مثلما يؤدي إلى تفكيك عوامل وحدة المجتمع الإسرائيلي ، وإنتقال عوامل القوة تدريجياً نحو الجانب الفلسطيني على حساب التفوق الإسرائيلي ، ويعمل على تراجعه وإضعافه .