تقارب حماس دحلان اخرج «حماس» من قوائم «الإرهاب» مؤقتا..

خيرا.. اعترفت حركة “حماس″ بإجراء لقاءات، والتوصل الى اتفاقات، مع خصمها “السابق” النائب محمد دحلان، وجاء هذا الاعتراف على لسان السيد خليل الحية، عضو مكتبها السياسي اثناء حوار مع صحافيين في “الملتقى الإعلامي”، ويتضح الان ان هذه اللقاءات هي التي تقف خلف تراجع وزير الخارجية السعودي عن الصاق تهمة “الإرهاب” بالحركة، وعدم ذكرها في القائمة التي أصدرتها السعودية وحلفاؤها في الامارات والبحرين ومصر، وضمت 59 شخصية ومؤسسة، مصادر فلسطينية عالية اللقاءات بين وفد حماس بقيادة يحيى السنوار، ووفد تيار دحلان تمت في منزل دحلان في القاهرة، وحضرها من جانب “حماس″ الدكتور موسى ابو مرزوق، ومن جانب دحلان، حضوره شخصيا ومساعده الأبرز سمير المشهروي.

الحية اكد ان: اللقاء الأخير الذي اجراه وفد الحركة مع المسؤولين المصريين كان من افضل اللقاءات حيث وعدت مصر بتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة، وفتح معبر رفح بشكل منتظم، وفتح معبر تجاري لنقل البضائع من والى القطاع.

• معلنا ان حركة “حماس″ تقف على الحياد تجاه الازمة الخليجية الراهنة، وقال السيد الحية “نريد علاقات متوازنة مع الجميع لأننا لسنا جزء من هذه الازمة وتم حشرنا فيها”، وهذا يعني “عمليا” عدم الوقوف في خندق قطر التي دعمت الحركة طوال السنوات الماضية، واستيعابها دروس الازمة السورية، وحرصها على عدم تكرار الأخطاء السابقة.

• وقد وصف الحية العلاقات مع ايران بأنها مستقرة وجيدة وتسعى "حماس"الى تطويرها، وتثمن الجهود الإيرانية التي قدمت دعما للقضية الفلسطينية”، وهذا مؤشر على تقارب وشيك ومتصاعد مع ايران.

• واعلن الحية ان على ان حركته،ان تنخرط حاليا في حوارات متعددة مع كل الأطراف والفصائل لتشكيل جبهة “انقاذ وطني”، وهذا قد يفسر على ان هذه الجبهة قد تكون بديلا، او كيانا موازيا لمنظمة التحرير الفلسطينية.

• ةاشار الحية الى ان كل هذا الانفتاح الاماراتي المصري السعودي المفاجيء يهدف الى تجريد دولة قطر من الورقة الفلسطينية كليا، وعدم اظهارها بمظهر الذي يتعرض للحصار بسبب دعمها لحركة “حماس″ التي تقود المقاومة، ويبدو ان هذه الخطة نجحت، الامر الذي شكل احراجا للقيادة الحمساوية في الدوحة، وخالد مشعل بالذات، الذي عارض التقارب مع دحلان مجاملة لقطر.

التمعن بهذه النقاط يؤشرالى ان دولة الامارات العربية المتحدة، ربما تحتل مكان قطر في دعم القطاع ماليا واقتصاديا عبر بوابة النائب دحلان أولا، والبوابة المصرية الاعرض، والأكثر أهمية ثانيا، ويسود الاعتقاد بأن الحركة ستقدم “مكافآت” امنية “دسمة” للطرف المصري في المقابل، ابرزها تأمين كامل للحدود، واغلاق كل الانفاق، وعدم حفر أي انفاق جديدة، وتسليم 17 مطلوبا من مقاتلي “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وعلى رأسهم السيد المنيعي الذي تؤكد السلطات المصرية انه موجود في القطاع حاليا.

هذا التنسيق بين حركة حماس وتيار النائب دحلان الفتحاوي المنشق، يعني اعلان القطيعة مع السلطة في رام الله ورئيسها ، وتبلور استقلالية القطاع ككيان مستقل عن الضفة الغربية، او كـ”امارة الامر الواقع″.

الرئيس عباس يعيش حالة من التهميش غير مسبوقة، وهذا التفاهم “الحمساوي الدحلاني” سيزيده عزلة وتهميشا، لانه مرشح لكي يكون الحليف الفلسطيني للمحور السعودي الاماراتي البحريني المصري، الذي كان الرئيس عباس يراهن عليه وعلى دعمه السياسي والمالي.

الرئيس عباس لا يكن الكثير من الود لقطاع غزة، وارتكب خطأ تاريخيا واستراتيجيا بتعزيز، او بالأحرى، تكريس انفصاله عن الضفة الغربية عندما اتخذ قرارا “تمييزي الطابع″ بخصم 30 بالمئة من رواتب موظفي السلطة في القطاع، وهدد، وما زال، بعدم تسديد ثمن دفعات وقود محطة الكهرباء اليتيمة في قطاع غزة، وتحريض إسرائيل على قطع الكهرباء، حسب ما ذكرت صحف إسرائيلية عديدة.

و عباس كان يهدف الى انفلات الأوضاع في قطاع غزة، وعودة الصواريخ مجددا، الامر الذي سيستفز إسرائيل ويدفعها الى حرب ساحقة في القطاع تقضي على حماس نهائيا ودفعه واحدة، ولكن رهانه كان خاسرا هذه المرة مثل مرات سابقة.

الرئيس عباس اتخذ هذه الإجراءات اعتقادا منه انه يعاقب حماس، ويدفع سكان القطاع الى الثورة ضدها وادارتها، ولكنه في واقع الحال كان يعاقب “شعبه” الجائع المحاصر، ويدفع بحركة “حماس″ بقوة تجاه عدوه اللدود النائب دحلان، مما يؤكد انه، أي الرئيس عباس، لا يملك وضوحا في الرؤية السياسية، ولا يستشير أحدا في قراراته هذه التي تتسم بالتخبط والعناد وقصر النظر.

إسرائيل خسرت قطاع غزة وتريد “تشريع″ انفصاله عن الضفة الغربية، حتى تتفرغ لتكريس احتلالها واستيطانها للضفة، وستلعب السلطة وقواتها الأمنية (40 الف عنصر) دورا امنيا متزايدا في هذا الصدد، ومضاعفة رهانها على “التعايش” مع إسرائيل.

الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، جرى ايصاله الى مرحلة "ما بعد الجوع"، أي اليأس الكامل، والبحث عن حلول لمعاناته المعيشية، وإيجاد الطعام والعلاج والتعليم لاطفاله، بسبب الحصار الخانق الذي بدأ يعطي ثماره المرة، على غرار المرحلة نفسها التي عاشها هذا الشعب بعد صدمة نكبة عام 1948 .

حالة السكون، والاستسلام للواقع، هي مرحلة انتقالية لصعود حركات مقاومة اكثر شراسة من حركة"حماس" وحركة فتح قبلها، فالشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبلبحالة "فراغ المقاومة"، وسيأتي البديل المقاوم في فترة قصيرة، سواء من رحمي "حماس" و"فتح"، او من الفصائل الأخرى التي تؤمن بالمقاومة وتمارسها.