:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/12838

توسيع نفوذ المستوطنات على حساب أراضي الفلسطينيين

2017-06-22

قدم رئيس مجلس القرية الفلسطينية جالود ومنظّمة "ييش دين" التماسا للمحكمة العليا ضد قائد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والمجلس الإقليمي "ماطيه بنيامين"، طلبا بأن تصدر المحكمة أمرا بتحويل إجراء تحديد مناطق نفوذ المستوطنات في الضفة الغربية إلى إجراء علني وشفاف، وإتاحة المجال لتقديم اعتراضات قبل الإعلان عن منطقة النفوذ.
كما يطالب الالتماس بإلغاء منطقة نفوذ المستوطنة الجديدة "عميحاي"، والتي تشمل أراضي فلسطينية خاصة معزولة، وذلك لأن أصحاب الأراضي الفلسطينيين لم يُتَح لهم التعبير عن موقفهم من هذا الإعلان.
وأوضح مقدمو الالتماس أن تخصيص أراض عامة لمنطقة بلدية تابعة لمستوطنات أو لمجالس إقليمية، يؤثّر بشكل ملحوظ على حياة السكان الفلسطينيين ويشكّل انتهاكًا لحقوق المواطن الأساسية المكفولة لهم، ذلك علمًا أنه محظور على الفلسطينيين دخول المستوطنات الإسرائيلية ومناطق نفوذها. كما أن الكثير من الطرقات مغلقة أمامهم، وفي حالات كثيرة تُحبَس أراضيهم داخل حدود مناطق النفوذ على نحو يشكّل جيوبًا يتعذّر الوصول إليها إلا بتنسيق مسبق وبناء على تصاريح خاصة، كما يؤدي الأمر في أحيان كثيرة إلى اشتباكات مع المستوطنين ورجال أمن المستوطنات.
وحاجج الالتماس المقدّم بواسطة المحامين شلومي زخاريا وميخال زيف ومحمد شقير من الطاقم القضائي لـ"ييش دين"، بأن القرارات بشأن تحديد مناطق نفوذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي يتمّ في الخفاء بعيدًا عن علم الجمهور، لذا فلا مجال للعلم مسبقا بوجود نية لتوسيع أو تحديد مناطق نفوذ مستوطنة قائمة أو مستوطنات جديدة. هذا رغم أنه في أحيان كثيرة تشتمل مناطق النفوذ هذه على أراض ملك خاص تابعة لفلسطينيين ولكن جرى وضع اليد عليها لحاجات عسكرية أو تمّت مصادرتها للمصلحة العامة.
بسبب هذا الإجراء الذي ينتهجه القائد العسكري، فإن الفلسطينيين المتضرّرين نتيجة إحداث تغييرات في مناطق النفوذ التي تكون في العادة أكبر بكثير من مساحة المستوطنات التي تشتمل عليها، يعجزون عن معرفة وجود نية لإحداث تغيير في منطقة النفوذ وبالتالي لا يُتاح لهم عرض مواقفهم على السلطات قبل اتّخاذ القرار بهذا الشأن. بالمقابل، يتمّ في حال نقل منطقة نفوذ من مجلس إسرائيلي معين إلى مجلس آخر، اتّخاذ إجراء يتيح سماع مواقف الجمهور قبل اتخاذ القرار.
وقد تمّ إرفاق الالتماس بمستند كشفت عنه مؤخرًا منظّمة "عكافوت"، يشير إلى أنه منذ عام 1981 صدر قرار بتخصيص كافة الأراضي العامة في الضفة الغربية لصالح المجالس الإقليمية والمحلية الإسرائيلية. في المستند المؤرّخ في شباط 1981، ويحمل عنوان "شمل أراضي الدولة، أراضي اليهود والأراضي التي تمّ شراؤها في داخل منطقة نفوذ المجالس الإقليمية"، جاء أن مناطق نفوذ المجالس الإسرائيلية ستشمل كافة أراضي الدولة، كما ستُدرَج ضمن مناطق النفوذ الأراضي التي بحيازة المسؤول عن الأموال المتروكة والحكومية، بما في ذلك أملاك الغائبين.
كما حاجج الالتماس أن إجراء تحديد المستوطنات الإسرائيلية يشتمل ضمن تعريفه للأراضي العامة على أراضي الملك الخاص التابعة لفلسطينيين تمّت مصادرتها للمصلحة العامة أو تمّ وضع اليد عليها لأغراض عسكرية، على نحو يشكّل انتهاكًا لحق التملّك. إننا أمام ممارسات تتعارض مع القانون والقرارات القضائية السابقة الصادرة عن المحكمة العليا، كما جاء في الالتماس.
كما حاجج الملتمِسون أنه في غضون النقاش المبدئي حول الموضوع مع قائد المنطقة الوسطى في الجيش، عملت الدولة على تعريف منطقة نفوذ جديدة لمستوطنة "عميحاي". وبالرغم من عدم إيداع اقتراح منطقة النفوذ للاعتراض الجمهور، تمّ خلال أسبوع منذ تحديد المنطقة، عقد سلسلة من الجلسات أمام مجلس التخطيط الأعلى للإدارة المدنية ومؤسسات التخطيط، بهدف النهوض بالبناء في المستوطنات. وفي خطوة استثنائية، مؤسسة على تفسير قانوني مثير للجدل، بدأ البناء في المكان حتى قبل إيداع المخطط الهيكلي للمستوطنة.
تشمل منطقة نفوذ المستوطنة عددًا من الأراضي المعزولة التابعة لسكان قريتي جالود وترمسعيا الفلسطينيين المجاورتين، وقد تعرّض بعض هذه الأراضي إلى غزو زراعي من قبل مواطنين إسرائيليين. مع هذا، ورغم أن جزءًا من هذه الأراضي لا يزال خاضعًا للمداولات القضائية، إلا أن رؤساء المجالس وسكان المنطقة الفلسطينيين لم يُبلَغوا بالنية لتحديد منطقة النفوذ على النحو الذي تمّ، ولم تُتَح لهم إمكانية الاعتراض على ذلك. في إجراء مشابه، تمّ في نيسان/ أبريل الماضي توسيع منطقة نفوذ مستوطنة شيلو في منطقة البؤرة الاستيطانية "شفوت رحيل" وذلك بشكل كبير، دون علم سكان القرى الفلسطينية المجاورة بذلك، ودون تمكينهم من الاعتراض على الإجراء.
وقال المحامي شلومي زخاريا، وكيل الملتمسين: "أقل ما يُقال عن نهج السلطات العسكرية بخصوص مناطق النفوذ في الضفة الغربية أنّ فيه إشكال كبير، كما أنه يتعارض مع كل مبادئ الشفافية والعلنية الضرورية في حالات من هذا القبيل. عمليًّا، صار الحال أنه فقط في مرحلة متأخرة جدًّا، أي بعد أن تصبح إجراءات التخطيط علنية، يدري السكان الفلسطينيين بأن أرضهم تقع ضمن منطقة نفوذ مستوطنة معينة، وأحيانًا يكون البناء قد بدأ في الأرض مما يصعّب على قبول اعتراضاتهم. إنشاء مستوطنة "عميحاي" وطريقة تحديد حدودها هما نموذج واضح للعمى المطبق الذي يبديه الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية تجاه مجرد وجود الفلسطينيين وتجاه حاجاتهم اليومية".