مايدفعه سكان غزة فرديا يكفي لحل مشكلة انقطاع الكهرباء -هآرتس
2017-07-09
باستثناء شاطيء البحر، فان اماكن اللجوء الوحيدة من درجة الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية غير المحتملة في غزة المظلمة، هي المساجد. ففيها يوجد تكييف طوال الوقت أو معظمه، حتى في الاوقات التي تغيب فيها الكهرباء عن منطقة المسجد. "أنا أقوم بوضع الشال وأذهب لحضور الدروس الدينية للنساء فقط للهرب من الحر في البيت"، قالت امرأة في شهر رمضان. هذا هو حل شخصي يتبناه الكثيرون، وهناك حلول شخصية اخرى يتبناها الكثيرون. هذا المقام للقول إن هذا دليل آخر على أن الغزيين ابداعيين ولهم قدرة على الصمود والتحمل بشكل يفوق العادة. ولكن صديقي ر. يقوم بصب المياه الباردة على هذا الانفعال.
المساجد المضاءة في ظل عدم وجود الكهرباء في الحي، والتكييف الموجود فيها، هي سبب للتحدث وجها لوجه، وفي الشبكات الاجتماعية ايضا. وقد تم طرح هذا الموضوع ايضا في النقاش بين الاحزاب السياسية في القطاع. من أين تأتي الكهرباء الاضافية للمساجد؟ تساءل الجميع. وهل يتم دفع ثمنها؟ وهناك من يعتقد أنه لا يتم دفع ثمنها. وزارة الاديان هي من الوزارات الغنية والتي يوجد لها مداخيل من الحج الى مكة ولديها اراض. لذلك يجب ضمان دفع فاتورة الكهرباء. وهذا لا يجيب على سؤال من أين تأتي الكهرباء.
حسب أحد سكان مدينة غزة تبين أن المساجد تم ربطها بخطوط ارضية مربوطة بعدة مولدات: اذا توقفت الكهرباء في منطقة واحدة، فهي تستمر في منطقة اخرى. وقد يكون ذلك نجح عندما كانت الكهرباء تتوقف مدة ثماني ساعات في احياء مختلفة واوقات مختلفة. الآن بعد وجود 20 ساعة من توقف الكهرباء فان المساجد تعاني فقط من بضع ساعات من انقطاع الكهرباء.
يمكن القول إن المولدات هي جزء من الحل للمساجد. المولدات البيتية أو المولدات الكبيرة للمؤسسات هي الحل الذي يسود منذ عشر سنوات، وهي مكلفة وتُحدث الضجيج وتلوث البيئة، لكنها حيوية. في السنة الاخيرة، لا سيما بعد توقف عمل محطة الكهرباء في غزة، اصبح الامر مربحا: من لديهم المال يقومون بشراء المولدات الكبيرة ووضعها في الاحياء الشعبية، ويربطون السكان بها من خلال الخطوط، والسكان يقومون بالدفع مقابل ذلك. وهذا يكون ثلاثة اضعاف سعر الكهرباء الحكومية، لكنه على الاقل يُمكن من شحن البطاريات التي توجد في المنازل من اجل استخدام الاجهزة الكهربائية: الاضواء في المساء كي يستطيع الاولاد الدراسة، والتلفاز والحواسيب والهوايات ومضخة المياه من البئر.
المولدات المركزية هي مفيدة لمن لديهم المال في الاحياء الشعبية والمكتظة. أما في الاحياء الفاخرة أكثر، كما يقول ر.، وفي مؤسسات كثيرة، يوجد الآن الكثير من الالواح الشمسية: محطة الوقود القريبة، الجامعات، المساجد، المصانع والدفيئات. وطلاب الهندسة الذين لا يجدون عمل، يعملون الآن في وضع الواح الطاقة الشمسية وهذا امر ايجابي. حاولت ايجاد نقطة ضوء في الظلام. وقال لي ر: لا توجد. فكل شيء مكلف، بطارية في المنزل أو بطاريتين تكلفتها 2000 شيكل. الواح الطاقة الشمسية على السطح تكلفتها 2.200 دولار. كل عائلة تقوم بدفع ما ليس موجود لديها، أو القليل الذي لديها، أو تتنازل عن شيء حيوي آخر. لدينا لا يعرفون مفهوم "المسؤولية السنوية". وحتى لو تضرر شيء بعد بضعة اشهر، فان البائع غير مستعد أو لا يستطيع استبداله. القصف الاسرائيلي العقابي بسبب صاروخ قسام واحد من شأنه أن يدمر عشرات الالواح الشمسية.
سلطات حماس تشجع هذه الحلول الشخصية كشهادة على قدرة صمود السكان، قال ر.، لكن هذا مثل الشاي بالنعناع للمريض بالسرطان. الازمة هي ازمة سياسية واجتماعية، أما الحل فهو حل شخصي. انتاج وتوفير الكهرباء مخصخص، الجهود المالية مبعثرة: يتم استثمارها في حلول فردية – حتى لو كانت منتشرة. ويعتقد ر. أن مجموع الاموال التي قام السكان بدفعها فرديا لتمديد ساعات توفر الكهرباء كان يمكن انشاء محطة طاقة شمسية بها، تخدم كل القطاع (هذه هي الحال ايضا في مناطق ج في الضفة الغربية، لأن اسرائيل تمنع الفلسطينيين الفقراء من الربط بشبكة الكهرباء وشبكة المياه، فهم يدفعون ثمن المياه المنقولة والمولدات بأضعاف السعر العادي).
هذا هو وصف دقيق لحالة الفلسطينيين الآن. مصدر مشكلات الفلسطينيين هو واحد، وهو السلطة الاسرائيلية القسرية. ولكن في ظل غياب قيادة مقبولة، وفي ظل غياب استراتيجية متفق عليها، فان المواجهة مبعثرة يوجد فيها مليون طريقة للبقاء والمقاومة الفردية، وبذل الجهد والطاقة والاحابيل.
لقد تحول الانترنت الى حاجة حيوية في القطاع المعزول عن العالم. وشركات الانترنت تضطر هي ايضا الى استخدام البطاريات من اجل تشغيل الشبكات المناطقية. وفي هذه الاثناء حيث أن زمن توفر الكهرباء هو أقل من ست ساعات، فان البطاريات لا تُشحن، والانترنت يتشوش. ومن يعيش قرب الحدود الاسرائيلية يقوم بشراء "الموديم" الذي يمكن ربطه مع بائع الانترنت الاسرائيلي. وهذا يعتبر غير قانوني ويحظر قوله، لكن هذا هو ايضا أحد الحلول.