:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/13071

المتصارعين في إسرائيل لا يعنيهم الاحتلال-هآرتس

2017-07-20

صحيح أن الاحتلال هو المشكلة الاساسية التي تعيب دولة اسرائيل. وصحيح أن الدولة تدافع عنه وعن تأثيراته الفظيعة بكل قوتها وبكل ثمن. والثمن هو سحق معايير الجندي المقاتل والاخلال بحقوق المواطن من خلال قوانين غير ديمقراطية. وصحيح أن الدول الغربية ترفض ادعاءات اسرائيل حول أحقية السيطرة على "المناطق"، بما فيها المستوطنات.
ولكن من الصحيح ايضا القول إنه رغم الاحتلال ورفضه من قبل دول العالم فقد نجحت اسرائيل في اقامة علاقات اقتصادية مع هذه الدول؛ لأن المصالح الكونية تضع الاحتلال جانبا. وصحيح ايضا القول إن الاحتلال لا يوجد على رأس سلم أولويات المواطن الاسرائيلي، الذي لا يتعذب ضميره من أجل الآخر ومعاناته، المهم هو أن الآخر "عدو" علني. الاحتلال ليس هو الموضوع الذي تتصارع المعسكرات في اسرائيل حوله، على الأقل في هذه المرحلة.
من يريد يسار "طاهر وحقيقي" عليه أن يقيم حركة نقية، تذكر الجمهور المحرض الذي في جزء منه جمهور متدين، بالخطأ الاول، وسنرى عدد المقاعد التي سيحصلون عليها. سيقولون لهم "أنتم تضرون باسرائيل". ولكن ما العمل، فالجدل بخصوص الاحتلال ليس هو الذي يقسم المجتمع في اسرائيل.
التقيتُ، مؤخراً، صديقا أصبح متدينا. وقال لي: "أنتم لا تدركون أن البلاد مليئة بالاشخاص المتشددين، سيصوتون لليكود والبيت اليهودي والحريديين. وهم يستمعون الى خطابات الحاخامات في كل اسبوع، ولا أحد منهم سيصوت لآفي غباي". يمكن القول إن 30 في المئة من الاسرائيليين يفكرون مثله. فالاحتلال لا يعنيهم. وأضاف هذا الشخص بأن "القدس ليست مذكورة في القرآن". ونظرت اليه مستغربا وبشيء من الرأفة. لقد شوش التدين تفكيره الى درجة كبيرة.
هذا هو الواقع الذي نعيش فيه. يجب على اليسار، الذي يعرف ضرورة طرد نتنياهو، أن يعترف بأنه اذا تمسك بالحقيقة التي يؤمن بها كحقيقة وحيدة، وأن يحول انتخابات الكنيست الى استفتاء شعبي على الاحتلال، فإن نتنياهو يستطيع الاستمرار بالاهتمام ليس فقط بالغواصات، بل ايضا بالطائرات بدون أي خوف.
هناك أمران اساسيان فقط يمكنهما ضعضعة القوى السياسية الاسرائيلية. الاول هو الفساد – شعار ضقنا ذرعا بكم أيها الفاسدون. اسحق شامير طرد من الحكم في العام 1992 رغم أن الفساد في حينه كان سيحصل اليوم على جائزة الاستقامة. "ضقنا ذرعا بكم أيها الفاسدون" هو جملة ليست موجهة فقط لنتنياهو، بل للطاقم الذي يقف الى جانبه. وقضايا الفساد لن تدفع صديقي الذي تدين الى الذهاب الى معسكر آخر. ولكن هذا قد يشكل رافعة من اجل تسرب اصوات من اليمين نحو الوسط – اليسار.
الأمر الثاني هو التدين المتزايد. وحسب رأيي فان جزءاً من الجمهور المحافظ يعارض الاصوليين والمتدينين القوميين من نوع الحاخام دوف ليئور ونفتالي بينيت. المعركة لا يجب أن تحدث ضد الدين، بل ضد مصادرته من قبل الحاخامات المتطرفين الذين يلحقون الضرر بعلاقات اسرائيل مع العالم اليهودي، ويحاولون اعادة الزمن الى الوراء.
الاحتلال لن يكون سبب استبدال الحكم، لكن كل حكم بديل سيعرف منحه مكانته المناسبة في التسلسل الهرمي.