الفلسطينيون هم أصحاب السيادة الحقيقية على الحرم-هآرتس
2017-07-22
من الصعب أن نتنبأ كيف ستنتهي الأزمة حول الحرم. ولكن الايام الاخيرة أثبتت أن صاحب السيادة الحقيقي في الحرم ليس إسرائيل، الأردن، أو الاوقاف، بل الفلسطينيون المقدسيون.
كان الميل لاختبار المجتمع الفلسطيني في القدس في الغالب عبر نقاط ضعفه – الفقر، انعدام القيادة، مفاسد الاحتلال، هدم المنازل ومصادرة الاراضي.
ولكن في الايام الاخيرة حقق الفلسطينيون في القدس إنجازا غير مسبوق، فمن خلال احتجاج غير عنيف تضمن مقاطعة غير مسبوقة للدخول إلى نطاق الأقصى، حشروا اسرائيل في زاوية خطيرة تفكر بجدية بالخروج منها بالتراجع وبتفكيك البوابات الالكترونية.
القرار، اذا ما اتخذ، سيتم قبل صلاة يوم الجمعة ظهراً. فاذا ما الغيت صلاة يوم الجمعة أيضا، ستكون هذه سابقة تاريخية. فالمرة الأخيرة التي حصل فيها هذا كان على ما يبدو في عهد الصليبيين، قبل نحو ألف عام.
يرى الفلسطينيون في القدس ان حماية الاقصى هي سبب وجودهم كطائفة سياسية. في نظرهم فإن الاقصى هو اكثر من مجرد رمز وطني أو ديني: الحرم هو ايضا المكان الذي يوجد فيه للفلسطيني المقدسي احساس معين بالحرية من عبء الاحتلال.
ففي معظم ساعات اليوم لا يوجد في المكان تواجد اسرائيلي، وهذه هي المنطقة الخضراء المفتوحة الكبرى في شرق القدس وفي الوقت نفسه ميدان مليء بالناس. والتهديد بتغيير الانظمة فيه هو تهديد حقيقي على هويتهم وحياتهم اليومية.
وروى احد سكان سلوان، أول من أمس، فقال: «الناس لا يسألون كيف حالك أو كيف حال الاطفال، بل يسألون ماذا يحصل في المسجد؟».
في اليوم الاول من المقاطعة أطلقت الاوقاف رسالة مزدوجة. فادارة الاوقاف، التابعة للمملكة الاردنية، طلبت من عامليها الدخول الى الحرم والمرور بالبوابات، وفي اللحظة ذاتها أمرت القيادة الروحية، قيادة الشيوخ المقدسيين، بعدم العبور من البوابات. واختار عمال الاوقاف اطاعة القيادة الروحية والضغط من الشارع لمقاطعة المكان.
فمنذئذ والحرم فارغ تماما. وتصمد المقاطعة بل وتتعاظم، واللحظة التي ستسمع فيها نداءات المؤذن للصلاة يوم الجمعة آخذة في الاقتراب.
أمر مفتي القدس، أول من أمس، باغلاق كل المساجد في احياء القدس يوم الجمعة وتوجيه المصلين الى بوابات الحرم.
يمكن الافتراض بأن العرب الاسرائيليين هم ايضا سيحاولون الوصول، وان كانت الشرطة لا بد ستحاول منعهم.
واحتمال المواجهة العنيفة يوم الجمعة هو الاحتمال الاكبر الذي ربما كان منذ حجيج ارئيل شارون إلى الحرم في العام 2000، قبل يومين من اندلاع الانتفاضة الثانية. وحتى لو لم تتحقق السيناريوهات الخطيرة، ومرت صلاة الجمعة بسلام الى هذا الحد او ذاك، فان موجة العنف التالية تكاد تكون محتمة.
كيفما ستنتهي هذه الازمة، فانها كشفت عن مشكلة عسيرة في طريقة اتخاذ القرارات في الجانب الاسرائيلي.
لا حاجة ليكون المرء خبيراً في تاريخ الحرم كي يتوقع النتيجة. «كانت هناك حالات كثيرة جدا ارادت فيها اسرائيل فرض سيادتها على الحرم من طرف واحد، وانتهى هذا دوما بسيادة اقل مما كان لها في البداية.
هكذا كان مع شارون في 2000 حيث كان الحرم بعد ذلك مغلقا امام الاسرائيليين على مدى ثلاث سنوات»، يقول البروفيسور اسحق رايتر من الكلية الاكاديمية عسقلان ومعهد القدس لبحوث السياسة. هكذا حصل ايضا مع جسر المغاربة، نفق «المبكى» وغيره.
يبدو أن من اتخذ قرار البوابات الالكترونية لم يعرف التاريخ، او أنه لم يعرف انه ذو صلة بالقرار، وهذا ربما هو الأمر الاكثر إقلاقا في هذه الأزمة.