كان يمكن منع هذه الازمة- يديعوت
2017-07-24
القلب يتفطر لرؤية الصور من البيت في حلميش؛ الارهاب هو ارهاب، القتل هو قتل: لا توجد ملابسات يمكنها أن تبرره، لا يوجد تلو يمكنه ان يطمس خطورته. عائلة رائعة؛ قتل لا مغفرة له. عن القتل مسؤول القاتل ومسؤول كل من حرضه وساعده، من ابناء عائلته وحتى المحرضين في الشبكة. فالسهولة التي يغرى فيها شبان فلسطينيون للقيام بافعال رهيبة، عديمة المعنى باسم الدين تلقي بظلال ثقيلة على احتمالات المصالحة الحقيقية.
ولكننا اصحاب السيادة ونحن الجار خلف الجدار، خلف التفافة الطريق. لا خيار لنا لتجاهلهم. لا حاجة لان نحبهم: هناك حاجة للعمل حيالهم بتصميم، بثبات، بعقل. لشدة الاسف، في خطوات حكومة اسرائيل منذ العملية في بوابات الحرم يوم الجمعة الماضي غابت كل هذه العناصر. فلا تصميم، لا ثبات، لا عقل – وبالاساس لا عقل.
بعد العملية اقترحت الشرطة نصب بوابات الكترونية في مداخل الحرم. وفتن الاقتراح وزراء الحكومة. اذ اعتقدوا أن البوابات الالكترونية هي ورقة مظفرة – وهي سترفع اسهمهم لدى جمهور المصوتين اليميني دون أن يغضبوا اكثر مما ينبغي للحكومات العربية المعتدلة. الطوابير التي ستطول امام الاجهزة ستكون لها صورة جيدة. إذ سنسير مع ونشعر لا.
حصل العكس تماما. مثلما عرف كل من يعرف شيئا ما عن كشف المعادن، عن الامن وعن الواقع في الحرم، ما كان يمكن للبوابات الالكترونية ان تمنع تهريب السلاح الى المجال، لا عندما يكون مئة أو مئتا الف مصل يدخلون دفعة واحدة الى الداخل. ونصبها لا يؤتي بمنفعة حقيقية للامن.
لم تكلف الشرطة نفسها عناء تنسيق الخطوة مع رؤساء الاوقاف. فالاوقاف ليست بالضبط رب البيت في الحرم، ولكن تصريحات رؤسائها تؤدي دورا هاما للغاية في تصميم الرأي العام في الخارج. فلا يمكن القفز عنهم وعدم دفع ثمن.
العنوان لم يكن على الحائط – فقد كان على الطاولة، في كل نقاش داخلي، وكان على لسان المهنيين، قدامى المخابرات والشرطة، بل وكان هنا ايضا، على صفحات الجريدة.
المشكلة تبدأ على ما يبدو في اللواء يورام هليفي، قائد لواء القدس. فقد تصرف هذا الاسبوع كمن لا يعرف او لا يفهم كم هي حساسة مسألة الحرم وكم هي متفجرة. وهو الحكم بالنسبة للمفتش العام، روني ألشيخ، ووزير الامن الداخلي، جلعاد اردان. فالمخابرات والجيش لم يشركا في القرار الاولي. وفي المداولات التي جرت بعد نصب البوابات الالكترونية حذرت الجهتان من أن القرار من شأنه ان يفتح موجة عنف شديدة في اسرائيل وفي المناطق ويضعضع الانظمة العربية المعتدلة. وقد عرضا أدلة – ارتفاع بمئات في المئة، من عشرات قليلة الى الاف من البوستات في الشبكات الاجتماعية تؤيد العمليات. وعندما قتلت في العملية في القدس هداس ملكا، رد الجمهور الفلسطيني بالاحتجاج: خربتم علينا رمضان. اما هذه المرة فرد بالاجماع، بدعوة جماهيرية للمس باسرائيل.
اما اردان فرفض الانصات: بعد أن تسلق على الشجرة لم يعرف كيف ينزل منها. وانضم الى الجلبة ايضا نفتالي بينيت الذي رأى هنا فرصة ذهبية لادخال نتنياهو الى الزاوية؛ وميري ريغف، التي بحثت، مثلما هو الحال دوما عن تغطية اعلامية في مركز الحزب.
لقد كان السلوك الاكثر غرابة هو لنتنياهو. فهو الوحيد بين الوزراء الذي اختبر في حدث متدحرج بدايته في الحرم. ففي الاضطرابات التي اندلعت في اعقاب فتح نفق المبكى، في ايلول 1996، قتل 17 جنديا من الجيش الاسرائيلي وقرابة 100 فلسطيني. ويعرف نتنياهو كم هو هذا المجال قابلا للتفجر.
ومثلما في حينه، الان ايضا حصل هذا عندما كان نتنياهو في خارج البلاد. وفي المداولات الهاتفية حاول قادة المخابرات والجيش اقناعه بان يأمر بازالة البوابات الالكترونية، فرفض. فهو لم يرغب في أن يمنح هدية سياسية لبينيت في المعركة على مؤيدي اليمين. ويوم الخميس ليلا جمع الكابنت. وانتهى النقاش بالقرار الا يتخذ قرار – الشرطة تقرر. لهذه الدرجة يخاف نتنياهو من ظله.
والنتيجة كانت صلاة يوم الجمعة في الحرم بلا مصلين. ليس هاما كيف رأت اسرائيل الحرم فارغا – من ناحية المسلمين – كانت هنا اهانة محظور قبولها. اندلعت الاضطرابات، بداية في اشتعالات صغيرة نسبيا، ما سمح للمتحدثين من اليمين ان يخرجوا في حملة تهزأ بتحذيرات الجيش والمخابرات. وبعد ذلك اضطرابات قاسية، انتهت بقتلى وجرحى. وفي ليل الجمعة القتل الفظيع في حلميش.
لقد أخلى الخوف من مصوتي اليمين المكان للخوف من انتفاضة جديدة. والان، بتأخير فظيع، عاد العقل للجميع: البوابات الالكترونية ستزال؛ الحرم سيفتح؛ بينيت يساند رئيس الوزراء. ولم يتبقَ الان للحكومة غير الصلاة لله والامل في أن يهدأ الميدان.
ملاحظة: في هامش الايام المشتعلة هذه وقفت النائبة حنين الزعبي في مواجهة الشرطة في محاولة لاغرائهم للتصرف معها بعنف. كان هذا معيبا. الزعبي تريد جدا لليهود ان يكرهوها، هذا سهل. ما لا تفهمه هو انها تكره نفسها على العرب ايضا. طوبى لها، فهي في الاجماع.