أفول نتنياهو.. ضربة بجناح إسرائيل-يديعوت
2017-08-08
ليس مهماً ما هو رأينا السياسي: فما يُنشر عن نتنياهو يفترض أن يؤلم على المستوى الوطني، لأننا نجد في دولة إسرائيل بالكاد 1% من المواطنين، القليل جدا، يصلون إلى التحقيق في الشرطة.
وفي إسرائيل ذاتها، منذ عقدين، كان كل رؤساء الوزراء تحت التحقيق الجنائي في الشرطة كمشبوهين.
حظي نتنياهو بحقن دسمة من الكراهية. على ما يرام أن تكون وسائل الإعلام نقدية وتعض، ولكن في مرات عديدة تم تجاوز الحدود.
حظي نتنياهو بموقف أكثر تشددا بكثير، وأكثر من ذلك، لم يدهور نتنياهو الدولة إلى أي مكان.
لديه صندوق مثير للانطباع من الإنجازات، وبخلاف الادعاءات الهراء، فإن الديموقراطية تؤدي مهامها، وقد أصبحت وإسرائيل دولة مرغوبا فيها بل مطلوبة في دول متزايدة.
وهذه النجاحات مسجلة على اسمه، لقد عمل نتنياهو حسب طريقه، وفعل هذا بشكل لا بأس به، هو رجل يمين ورأس مالي ومحاولة جعله حمامة بيضاء واشتراكية كانت مثيرة للشفقة، فقد انتخب كي يحقق سياسته وليس سياسة يحيموفيتش، وعندما انتقدته لأنه يقود إسرائيل إلى دولة واحدة كبرى، فهذا بالأساس لأنه لم يفِ بكلمته.
فقد أوضح أنه ضد الدولة الواحدة ولكنها تحت حكمه آخذة في النشوء.
هنا وهناك صدف لي أن أدرت معه محادثات. ليس هناك الكثيرون بحجمه. نتنياهو هو رجل حديث مشوّق، ذو معرفة مذهلة حتى في مجالات لا يفترض به أن يتحدث فيها.
ادعى المليونير الفرنسي، ارنو ميمران، أنه دفع له لأنه رجل مشوق. ليس واضحا اذا كان دفع حقا ولكننا يمكن أن نفهم المنطق.
صحيح أن مساعدي نتنياهو يروون المرة تلو الاخرى عن تجارب معاكسة، ولكن ما هو صحيح في إطار العمل ليس صحيحا بالنسبة لمحادثات أخرى.
هذا الرجل الكفؤ كان يفترض أن يقود إسرائيل، ويقود نفسه إلى أمكنة افضل وأعلى بكثير، وقد أثبت أيضا أنه قادر، فهو لم يتردد مثلا بأن يكون وزير مالية غير شعبي جدا.
فعل ما برأيه هو الصحيح لإنقاذ إسرائيل من الأزمة، ولم يخش من الدخول في مواجهة جبهوية مع الوسط الأصولي.
أصر ونفذ. لا حاجة ليكون المرء مؤيدا متحمسا لسياسته حتى يقدر الزعامة التي أبداها.
كان نتنياهو دوما محبا للمتعة، ولكن شهيته ازدادت، قالوا عنه إنه «بيبي ملك اسرائيل» و»الساحر»، فصدق، وهكذا تحول نتنياهو أ الى نتنياهو ب.
المرة تلو الأخرى كانت المصلحة الشخصية تسبق المصلحة الوطنية، كان من المريح له التنازل للأصوليين في موضوع التهويد وصيغة «المبكى».
هذا ليس فسادا، ليس تهكما، لأنه لم تكن هناك أية حاجة لهذا التنازل، فالأصوليون ما كانوا ليتركوا الحكومة.
فهل كان أحد بانتظارهم؟ نتنياهو خلق أزمة عميقة، زائدة وجدية مع اليهود في الولايات المتحدة. أضر بإسرائيل. لماذا؟ لأن الترف أعماه. لأنه يستطيع.
لا شك بأن نتنياهو حلّ اللغز الجيني لقسم من الإسرائيليين، بالضبط مثلما أصبح مكروها اكثر فأكثر لدى آخرين. لم يعد مهما إذا ما كانت سترفع ضده لائحة اتهام، الأهم هو أنه واضح منذ الآن أن محيطه اصبح ساحة بيزنطية.
جلس في مركز الأمور ولم يعرف شيئا! عينان له ولم ير! أذنان له ولم يسمع! المحامي دافيد شمرون أخفى عنه المعلومات! لعله حسب قواعد الأدلة لا يوجد دليل على أن نتنياهو عرف بأن رجل سره يرتبط بإحدى صفقات الشراء الاستراتيجية لإسرائيل، ولكن حسب قواعد العقل السليم هذا غير معقول على نحو ظاهر.
كما أن الادعاء بأن شلومو فيلبر أحسن لصديق نتنياهو دون علمه هو مس بالذكاء. وفي النهاية تلقينا آري هارو الذي يجعل نغمة «لم يكن هناك شيء» مسرحية هزلية نقدية.
إن افول نتنياهو هو ضربة، ليس فقط خفيفة، بجناح اسرائيل. ثمة أيضا نتنياهو آخر. ولكن من اللحظة التي حل فيها نتنياهو ب محل نتنياهو أ مسّ باسرائيل وفي الوقت ذاته رسم لنفسة مسار الانتهاء.