:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/13429

«قانون النكبة»... استهداف للذاكرة الفلسطينية

2017-08-31

تسعى السلطات الإسرائيلية إلى استخدام القانون الجائر الذي يمنع إحياء رسميا لذكرى النكبة الفلسطينية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية وإسرائيل لاحقا، وبات يعرف باسم "قانون النكبة"، من أجل تطبيقه على أي اجتماع أو تجمع ينتقد سياسة الحكومة الإسرائيلية.
ويأتي ذلك في أعقاب الاجتماع الذي بادرت إليه وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغف، مع المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بمشاركة عدد من المسؤولين في وزارتها ومكتب المستشار القضائي ووزارة المالية، مؤخرا.
وجرى الاتفاق خلال هذا الاجتماع على تطبيق "قانون النكبة" بشكل واسع، بحيث يتم تغريم مؤسسات تحصل على تمويل حكومي، بعد أن تقرر في الأمر لجنة مؤلفة من مندوبين عن وزارة المالية ووزارة الثقافة.
عنصرية ممنهجة
وقال الناشط الاجتماعي والسياسي، المحامي علي حيدر، لـ"عرب 48"، إن "محاولة ورغبة وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغف، وبالتعاون مع المستشار القضائي للحكومة، بمعقابة وتجريم وتغريم مؤسسات تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية بذريعة مخالفة قانون النكبة الجائر الذي سن قبل 6 سنوات، هو قرار عنصري بامتياز، يأتي في سياق سياسي معين تعمل الحكومة الإسرائيلية خلاله جاهدة على ملاحقة القيادات العربية وسن قوانين عنصرية وإطلاق تصريحات تحرض على العنصرية والكراهية ضد المجتمع العربي".
وأضاف أن "رئيس الحكومة الإسرائيلية، المشتبه بتنفيذ جرائم فساد وتلقي رشاوى والإخلال بالأمانة، والذي لا يتحرك المستشار القضائي للحكومة بسرعة في التحقيق معه، هو من يقود ويدفع بهذه الأجواء العنصرية من أجل التغطية على جرائم الفساد من جهة والاستقواء على المجتمع العربي بعد تراجعه وخضوعه فيما يتعلق بقضية المسجد الأقصى، مؤخرا، من جهة أخرى".
وأشار حيدر إلى أنه "منذ نشوء المشروع الصهيوني هناك محاولات لمحو الذاكرة الفلسطينية وإخفاء آثار النكبة، بما في ذلك معارضة حق العودة وتهويد الحيز وعبرنة الأسماء، وعلى الرغم من كل ذلك بقينا متمسكين بثوابتنا".
وأوضح أنه "مما لا شك فيه أننا نعيش مرحلة صعبة وشاقة، ولكن بإمكاننا أن نفرض الأمر الواقع، مع الإدراك أن الأمر يتطلب تضحيات وإرادة قوية إلى جانب مؤسسات قادرة وقيادة جماعية حكيمة ومخلصة ومسؤولة تمنح الجماهير الأمل في إمكانية التغيير".
وختم حيدر بالقول إنه "بالرغم من حالة التشاؤم والإحباط والقهر، على مجتمعنا العمل والإنجاز وتوسيع وتحشيد قطاعات أوسع من الجمهور، باعتبار أن الحرية وحماية الذاكرة واستعادة الأرض وحمايتها تتطلب التحرك والتفاعل والمبادرة ولا يمكن أن تتأتى بعفوية، ولذلك أقترح أيضًا المبادرة لإقامة متحف النكبة وتوسيع المشاركة في مسيرات النكبة والتأكيد على حق العودة".
صراع هوية
وقال مدير مسرح الميدان، عامر حليحل، لـ"عرب 48" إن "محاربة الرواية الفلسطينية يعد من أحد الأهداف الكبرى لإسرائيل، في ظل مساعيها نحو تثبيت نفسها كدولة يهودية خالصة ومحو تاريخ الشعب الفلسطيني وما عاشه على الأرض التي سلبت منه".
وأكد أن "هذه جزء من المعركة مع الحكومة الإسرائيلية، ومن غير الممكن أن نتنازل عن إحياء ذكرى النكبة، وعليه يجب محاربة مثل هذه القوانين العنصرية ورفضها والعمل على إلغائها من منطلق الحفاظ على كرامتنا وحريتنا".
وأوضح حليحل أن "السلطات الإسرائيلية تسعى لمحو وجودنا كفلسطينيين وسلخنا عن تاريخنا وثقافتنا وعلاقتنا مع هذا البلد والعالم العربي، حيث تريدنا عربا إسرائيليين جيدين نخدم السيد الإسرائيلي، والتعامل معنا كأفراد، كل منا حسب إنجازاته الفردية".
وشدد على أننا "نلمس أن هناك وعيا كافيا بين أبناء شعبنا، لكن في الوقت ذاته هناك حالة من اليأس من التحرك في الشارع ليس على صعيد الفن وحرية التعبير عن الرأي وحسب إنما على كافة الأصعدة، وبالتالي فإن سكوتنا أمر خطير ويجب ألا نسمح بمرور ذلك مرّ الكرام. واقتبس من أقوال الشاعر الراحل محمود درويش "خوف الطغاة من الأغنيات وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وهذا ينطبق تماما على إسرائيل، فهي تخاف من الذكرى لأنها أقوى من سياستها وقوانينها وأساليبها القمعية والعنصرية، وبالتالي تسعى من أجل محو الذاكرة بأن هذه الدولة أقيمت على أنقاض شعب وسلبت منه حياته وأرضه".
وتمنى حليحل ألا تخضع المؤسسات المختلفة ممن تتلقى تمويلا حكوميا لمثل هذا القانون، وأن تصمد حتى لو تسبب ذلك بأضرار مادية لها، مشيرا إلى أن "هناك طرقا قضائية وأخرى شعبية من أجل الحفاظ على حريتها كمؤسسة ثقافية دون أن تكون مقيدة وخاضعة للمؤسسة الإسرائيلية، وغير ذلك يكون قد انتهى دورها".
وختم مدير مسرح الميدان بالقول إن "مسرح الميدان هو أكثر مؤسسة متضررة وهو مغلق منذ شهر آذار/ مارس الماضي مع عجز مالي كبير، بسبب عدم موافقته على تدخل أي أحد في مضامينه، وهو يحارب على حريته كمؤسسة ثقافية وفكرية وفنية، علمًا أن هناك محاولات تجري من تحت الطاولة للتنازل عن مسرحية "الزمن الموازي" التي هي أساس المشكلة مع الوزارة، إذ نؤكد رفضنا بأن نكون خاضعين لأحد وأن نعيد حساباتنا قبل كل عمل".