غزة بين «الجنة الإدارية» التي حلت..والحكومة التي لم تأت بعد!
2017-09-23
أعلنت حركة حماس منذ فجر الأحد الماضي، حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، اعقبها موافقة اللجنة نفسها التي اصدرت بياناً مقتضباً قالت فيه :" إنها أنهت جميع أعمالها، وتنتظر حكومة الوفاق لتستلم مهامها"، هذا الاعلان وذاك الإجراء، بدى وكأن قطاع غزة منذ أيام بدون حاكم والناس بدون نظام، فهل هذا حقيقة، ام إعلانه يخالف واقعه؟.
سفيان البطنيجي سائق سيارة أجرة، ارتكب مخالفة مرورية، فحرر له رجل شرطة مخالفة، وعندما سأله: "مش انتوا خلصتوا وحليتوا اللجنة الادارية، بأي حق بتحرر مخالفة؟"، شرطي المرور قال له عبارة بكل عفوية: "بس يجي الحمدالله منعطيه قيمة المخالفة تبعتك، أرواح الناس أهم من الحكومة تبعتك وأهم من اللجنة الإدارية تبعتي".
لا شيء تغير، الدوائر الحكومية، من محاكم ومراكز ومؤسسات، وضرائب ومكوس تعمل كالمعتاد.
يقول أحد المسئولين في معبر "المنطار" الذي فضل عدم ذكر أسمه: "إننا لن نشل حركة قطاع غزة، من أجل حكومة لا تريد أن تتسلم مهامها، ويوم أن تحضر سنفسح لها المجال لكي تعمل كما تشاء، والى حينه لا بد للحياة أن تستمر".
اما عن عمل الجهات الأمنية ومراكز الشرطة فلا جديد تغير، وربما لن يتغير حتى بظل وجود الحكومة القادمة، لأن مسألة الأمن تركت الى ما بعد الانتخابات العامة، حسب بعض المصادر، وانسحاب أجهزة أمن حماس ومراكزها الشرطية، لا يعني سوى إدخال قطاع غزة بحالة من الفوضى، والعبث بأمن المواطن".
خليل وافي يعمل في محل صياغة ذهب في خانيونس، لم يخف موعد قدوم مراقب الاقتصاد الذي وصل المحل بعد الاعلان عن حل اللجنة الادارية، بيوم واحد، وقام بجميع الاجراءات المعتادة، وكأنه لم يتغير شيء.
اما صاحب مصنع ألمنيوم في المنطقة الشرقية بخانيونس، اتهم موظف في اقتصاد حماس، بأنه هدده بسرعة دفع ما عليه من مستحقات للاقتصاد قبل أن يتم "سحبه" مغفوراً الى أحد مراكز الشرطة، واعتقاله بتهمة الاعتداء على اموال الحكومة.
يقول أحد المحللين السياسيين لموقع إخباري تابع لحركة حماس:" الإجراءات على الأرض لا تبشر المواطن بخير، خاصة أن الحكومة في رام الله أكدت في اجتماعها الأسبوعي على استعدادها لتسلم مسؤولياتها في قطاع غزة، وأن لديها الخطط الجاهزة والخطوات العملية لتسلم كل مناحي الحياة في قطاع غزة، إلا أن البيان الصادر لم يتطرق إلى مواعيد أو آليات التنفيذ. كما لم تُجب الحكومة عن موعد قدومها لاستلام القطاع، مكتفية بكلام عام وشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع".
بينما ينتظر المواطن في قطاع غزة، أن يرد الرئيس محمود عباس، عملياً على قرار حل اللجنة الادارية من قبل حماس، يبقى القلق سيد الموقف، والاسئلة تخرج كالقطط الجائعة من الحاويات الخاوية، فموضوع الكهرباء وتحسين وضعها، من المواضيع التي باتت تمس أمن المواطن بشكل كبير، ورغم تعايشه لوقت مع الأزمة، إلا أنه يمضي أيامه على مضض، فأربع ساعات وصل مقابل عشرين ساعة قطع، بات برنامجاً عقابياً لا تتحمله النفس، اما التحويلات الطبية التي تكدست ملفاتها في دائرة العلاج بالخارج، بإنتظار قرار سياسي من الرئيس عباس لتسهيل حركتها، تشهد على أن الحالة الصحية في قطاع غزة، وصلت الى أدنى المستويات، وإضافة الى الازمات الكثيرة والمعقدة والمركزة، تجعل من المواطن في قطاع غزة، خارج دائرة التركيز، وأقرب الأماني أن تنشق الأرض وتبلعه.
بين الحكومة التي ستأتي، واللجنة الإدارية التي انحلت، يبقى طرف ثالث خفي، يدير شئون قطاع غزة، ويجبي أموال السكان، بطريقة غير مفهومة لا قانوناً ولا شرعاً، فهل تطول أيام الانتظار؟.
قطاع غزة الذي اخضع في العشر السنوات الأخيرة الى كل أنواع التجارب في فنون العقاب الجماعي، يعيش اليوم على أمل وحيد واحد، وهو "حلونا".