:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/13826

الاحتلال يعرقل صفقة القرن .. ويسحب تدريجاً الصلاحيات المدنية من السلطة

2017-10-21

بعد الرد الإسرائيلي على المصالحة الفلسطينية تتوجه حكومة الاحتلال الآن لمنع حصول "صفقة القرن" التي خططت لها الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، بحسب ما قال الوزيران زيئيف إلكين ونفتالي بينيت ووفق ما أوردت صحيفة "ماكور ريشون".
وجاء في البيان الرسمي الذي أصدره المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) أن "إسرائيل لن تفاوض حكومة فلسطينية تعتمد على حماس التي تريد زوال إسرائيل" ما لم تعترف حماس بإسرائيل وتتخلى عن سلاحها، وتعيد كل من جثماني الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول، والجنديين الحيين، وقطع العلاقات بين حماس وإيران.
واشترط الكابينيت كذلك على السلطة الفلسطينية بسط سيطرتها الأمنية على كامل قطاع غزة ومنع تهريب الأسلحة إليه، ومواصلتها العمل على تدمير ما أسماه الكابينيت "البنية التحتية لحماس" في الضفة الغربية المحتلة، وأن يتم تحويل الأموال إلى القطاع عن طريق السلطة الفلسطينية والمؤسسات التي أقيمت خصيصًا لهذا الغرض.
وقالت الصحيفة إن أغلب الوزراء يرون أن الجانب الفلسطيني لن يحقق هذه الشروط، ووضعت هذه الشروط، بحسب الصحيفة، بعد نقاشات في جلسات الكابينيت يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، والتي أفضت إلى احتمال أن يحاول المبعوث الأميركي للمنطقة، جيسون غرينبلات، فرض إعادة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وفي هذه الحالة، يمنع قرار الكابينيت هذا الاحتمال.
وقال الوزير إلكين، الذي قاد الجانب المناهض للتفاوض مع الفلسطينيين، بحسب الصحيفة، إن "هذا القرار يضع الرئيس الفلسطيني بين خيارين، إما صفقة مع حماس وإما صفقة مع إسرائيل، في حال اختار حماس، لن تتمكن "إسرائيل" من التفاوض معه، وفي حال اختار إسرائيل، يتمكن من التفاوض ما لم يلبِ الشروط التي وضعت، وفي كلتا الحالتين لن تتم الصفقة التي تدفع بها أميركا".
وتابع إلكين انه في ظل اتفاق المصالحة، لن يتمكن غرينبلات والسلطة الفلسطينية وإسرائيل من التوصل إلى سلام اقتصادي وتنسيق أمني، لكن لا يمكن الحديث في المواضيع السياسية".
وقال وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، الذي قدم الاقتراح الذي تمت المصادقة عليه في النهاية، بحسب الصحيفة"، إن "هذه القرارات بمثابة صفعة لهذه الصفقة وتضع أمامها العقبات التي تجعلها غير قابلة للتنفيذ تقريبًا ما دام اتفاق المصالحة ساريًا".ويؤشر إغلاق السلطات الإسرائيلية، نهاية الأسبوع، ثمانية مكاتب خدمات إعلامية في قلب المدن الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، الى عودة الشكل القديم من الاحتلال الإسرائيلي الذي كان سائداً قبل إقامة السلطة، وكان يفرض سيطرته الكاملة على حياة الفلسطينيين وشؤونهم.
فقد أوقفت السلطات الإسرائيلية، في الشهرين الأخيرين، تصاريح ممنوحة لضباط الأمن الفلسطينيين للتحرك بين المدن والقرى الواقعة في المنطقة «ج»، التي تشكل 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وهي المنطقة التي تخضع للولاية الأمنية الإسرائيلية بموجب اتفاق اوسلو.
وقال مسؤول كبير في الارتباط العسكري الفلسطيني لـ «الحياة» اللندنية، إن السلطات الإسرائيلية أوقفت تصاريح ضباط الأمن، وأخذت توقف سياراتهم، وتجري تفتيشاً استفزازياً لها، كما أوقفت الاستجابة لطلبات السلطة السماح لها بنقل موقوفين على قضايا جنائية بين المدن لغرض المحاكمة. وأضاف: «قدمنا الشهر الماضي مئة طلب لنقل موقوفين على خلفيات جنائية، من مدينة الى أخرى، لغرض المحاكمة. لكن السلطات الإسرائيلية رفضت الاستجابة سوى لثلاثة طلبات، لأنها كانت حاجة إنسانية ملحة».
واعتبر المسؤول الأمني الممارسات الإسرائيلية «جزءاً من سياسة إسرائيلية جديدة تقوم على سحب المزيد من الصلاحيات الحيوية من السلطة الفلسطينية، وتقليص دورها الى ما هو أقل من الحكم الذاتي، وهو الصفة السياسية والقانونية للسلطة بموجب اتفاقات اوسلو».
وأحالت إسرائيل الى السلطة الفلسطينية، عقب تأسيسها عام 67، الصلاحيات المدنية والأمنية في المدن والبلدات الكبيرة التي تشكل 18 في المئة من مساحة الضفة الغربية، ويطلق عليها تصنيف «المنطقة أ».
وأحالت اليها الصلاحيات المدنية فقط، وأبقت في يدها الصلاحيات الأمنية في «المنطقة ب» التي تشكل 22 في المئة من مساحة الضفة. وأبقت السلطات الإسرائيلية الصلاحيات المدنية والأمنية في يدها، في كامل «المنطقة ج» التي تشكل 60 في المئة من مساحة الضفة.
وعادت السلطات الإسرائيلية وسحبت من السلطة الفلسطينية الجزء الأكبر من الصلاحيات الأمنية في «المنطقة أ»، عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في 2000، التي شاركت فيها أجهزتها، خصوصاً الأمنية منها. وفي العام الأخير، أخذت تل ابيب تصادر أجزاء واسعة من الصلاحيات المدنية للسلطة، في إشارة الى حدوث تحول في التوجه الإسرائيلي نحوها ونحو دورها في المرحلة القادمة التي تتسم بغياب أي أفق للحل السياسي.
ويقول مسؤولون ومراقبون فلسطينيون إن إسرائيل تقيم «حكومة ظل» في الضفة الغربية، في مقر الجيش الإسرائيلي في مستوطنة «بيت ايل» التي لا تبعد أكثر من كيلومتر واحد من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، وإن هذه الحكومة تحتفظ باليد العليا في شؤون الفلسطينيين الأمنية والمدنية على السواء، وانها توسع هذه الصلاحيات بصورة مضطردة على حساب دور ومكانة السلطة الفلسطينية.
وقال الخبير القانوني محمد هادية إن السلطات الإسرائيلية واصلت حكم الفلسطينيين، حتى بعد اتفاق اوسلو، بموجب أوامر عسكرية إسرائيلية تتناول مختلف شؤون الحياة، وأخذت في الآونة الأخيرة تطبق هذه الأوامر العسكرية على شؤون مدنية فلسطينية.
وأضاف: «واضح أن إسرائيل تريد تقليص دور وصلاحيات السلطة الفلسطينية ومنع تطورها الى مستوى الدولة».
وتمارس السلطات الإسرائيلية في «حكومة الظل» التي يقودها جنرال في الجيش الإسرائيلي يحمل صفة «منسق شؤون المناطق»، صلاحيات واسعة تتعلق بالحياة اليومية، والحركة الداخلية والخارجية للمواطنين. ومن هذه الصلاحيات إغلاق مؤسسات في قلب مناطق السلطة، من مطابع ومحال تجارية ومكاتب إعلامية، ومحطات إذاعة وتلفاز وغيرها، وتعتقل صحافيين ومعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت السلطات الإسرائيلية تجري رقابة على وسائل الإعلام الفلسطينية، قبل إقامة السلطة، من مكتب «الرقيب العسكري» في القدس، الذي كان يطلع مسبقاً على المواد الإعلامية التي تعتزم وسائل الإعلام نشرها، ويجيز نشر بعضها، ويشطب بعضها الآخر.
لكن بعد إقامة السلطة الفلسطينية، توقف الرقيب الإسرائيلي عن العمل في المناطق الواقعة تحت إدارة السلطة، وبقي يمارس صلاحياته فقط على وسائل الإعلام الصادرة في القدس الشرقية المحتلة التي ضمتها إسرائيل، واعتبرتها عاصمتها «الأبدية».
وتشكل عودة التدخل الإسرائيلي المباشر في وسائل الإعلام الفلسطينية، عودة لدور الرقيب العسكري بشكل حديث، وعودة للاحتلال بشكله القديم.
وقال الدكتور علي الجرباوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، ان إسرائيل قلصت دور السلطة الفلسطينية الى أقل من حكم ذاتي. وأضاف ان «تل ابيب سحبت نقل وتفويض الصلاحيات الى السلطة، وأعادت إحياء الإدارة المدنية لتقوم بهذا الدور».
وأعلنت السلطات الإسرائيلية أخيراً عن نيتها تعزيز طواقم موظفي الإدارة المدنية بمئتي موظف اضافي، لتلبية النمو المتزايد في عملها.
وقال الجرباوي ان «إسرائيل تعمل على تحويل السلطة الفلسطينية من سلطة حكم ذاتي الى مقاول»، مشيراً الى ان «السلطة باتت تقوم بدور محدود وصلاحيات مقلصة، تقل كثيراً عن صلاحيات الحكم الذاتي».
وكانت السلطة الفلسطينية تمارس صلاحيات حكم ذاتي موسعة، مثل الوجود على المعابر الخارجية، والسيادة الأمنية الكاملة على المدن والتجمعات الكبيرة، وإصدار التشريعيات والقوانين وغيرها.
لكن إسرائيل جردت السلطة من كامل الصلاحيات الأمنية والكثير من الصلاحيات المدنية، حتى باتت توصف بأنها اقل من حكم ذاتي.
ويرى كثير من الفلسطينيين ان إسرائيل تعمل على فرض الحل السياسي على الأرض، بعد فشل المفاوضات التي دامت اكثر من عقدين، وتحصر دور السلطة بشيء اقرب ما يكون الى سلطات البلدية.
ويشير الجرباوي الى ان «إسرائيل ضمت القدس، وعزلت غزة، وفرضت عليها الحصار، والآن تتفرغ لضم الجزء الاكبر من الضفة الغربية». ولفت الى ان «اتفاق اوسلو انهار، وإسرائيل تحكم قبضتها على كل مناحي الحياة في الضفة، وتسحب صلاحيات السلطة وتحيلها الى الإدارة المدنية».
واشترطت إسرائيل، لدى التوقيع على اتفاق اوسلو، إبقاء الأوامر العسكرية السابقة سارية المفعول. ووافق الفلسطينيون على ذلك، معتبرين انها إجراءات مرحلية موقتة سيتم إلغاؤها بعد التوصل الى حل سياسي.
ويرى أستاذ القانون في جامعة بير زيت ، ان «إسرائيل اعتمدت حتى اتفاق اوسلو بموجب أمر عسكري». واضاف: «حتى بعد اتفاق اوسلو، واصلت إسرائيل حكم الفلسطينيين من خلال الجيش، فهي تقسم البلاد الى مناطق، وتضع على رأس كل منطقة قائداً عسكرياً، وتضع على رأس القيادة المركزية قائداً عسكرياً كبيراً، تمنحه صلاحيات فوق صلاحيات السلطة الفلسطينية».