:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/13915

رحلة اليمين نحو الفاشية -هآرتس

2017-10-30

صكّ بنيامين نتنياهو مفهوم «المخللات»، كوصف احتقاري لمن يعارضون حكمه. ولكن التكتيك الذي يقف من خلفه يستخدم منذ زمن من قبل دعاية اليمين المتطرف، الذي تحول الى اغلبية في اوساط الجمهور اليهودي. الانتقادات لحكم اليمين المتطرف لا تتعلق بجودة الحياة في اسرائيل، فمن يحتجون على غلاء المعيشة لا يحتجون على حكم اليمين المتطرف.
هكذا ايضا من يعارضون الرشوة. يمين متطرف يعني دعم استمرار الاحتلال و»الابرتهايد» والاستعداد للمس بالديمقراطية واضعافها من اجل تمكين استمرار الاحتلال، وتفضيل القيم الدينية على الديمقراطية. لا توجد أي علاقة بين اسعار الشقق واسعار جبن الكوتج. نتنياهو سيستبدل من قبل شخص نظيف اليدين، سيخلد الاحتلال.
حسب رأي المعارضة لليمين المتطرف، التي تتضاءل باستمرار، فان سائق السيارة العمومية غير ذي علاقة. تنبع معارضة اليمين المتطرف من مواقف اخلاقية وقيمية، وليس من اعتبارات تتعلق بالراحة والتوق لرفع مستوى سعادة الجمهور اليهودي في اسرائيل. السعادة ليست هي التي تقف على رأس الاجندة اليوم، بل الاستقامة. الموقف الاخلاقي الذي يرفض استمرار الاحتلال بشكل قاطع ويطالب باعطاء حقوق انسانية اساسية للفلسطينيين، بما فيها حق الترشح والانتخاب (سواء في اطار دولة ثنائية القومية مهما كانت، أو حل الدولتين، هو مسألة عملية لا تتعلق بالشأن المبدئي)، ولا تتأثر بمسألة كم مرة في السنة يسافر الاسرائيلي العادي الى خارج البلاد، وكم هو يشعر بالراحة هنا.
إن مفهوم «المخللات» يتسبب لمعارضي حكم نتنياهو بالتقليص الديماغوجي والتلاعبي، الذي يشوش ادعاءاتهم – مثل معارضة حكمه التي تنبع من أنهم اصبحوا لا يحتملون رؤية سوء وضع اليهود في اسرائيل. أو أي عيب شخصي، يضعهم دائما في موقف سلبي، ويضخمون ابعاده بصورة غير متوازنة لمكانته في الواقع الموضوعي. إن اغلبية الجمهور تقلص مواقف الاقلية السياسية وتنظر اليها على أنها مجرد نوبة احباط دوافعها نفسية، وليست ايديولوجية: أن تعارض نتنياهو معناه أن تضع نظارات مظلمة.
إن العائدين الى الواجهة الاعلامية يكثرون من توجيه الانتقادات لمن يعارضون اليمين المتطرف والتهويد، واتهامهم بأنهم مستاؤون. من هنا، فإن من يرفض تسوية خطه مع الشعب يُعتبر نوعا من المرضى النفسيين. ولأن من يعارضون الاحتلال في نهاية المطاف هم الذين دائما يتم وصفهم كخونة وأعداء للشعب، فان تفسير سلوكهم هو المرض النفسي، الذي يصيب الوحدة القومية المقدسة ويضعف الشعب. بناء على ذلك، هناك حاجة الى اسكاتهم، بكل الطرق اللازمة. إن شرعية الاسكات تبدأ بأوصاف مثل «المخللات» و»المستاؤون». وذلك ليس سوى أن المخللات والمستائين يعانون من «البلادة». خلافا للجيدين والشجعان للشعب الذي اختاره الله كي يحكم هذه البلاد، فان البليدين هم مرضى يجب عزلهم عن الشعب، حتى لا يعدوه بخضوعهم وبلاهتهم.
إذا كنت معارضا للحكم فأنت شخص مسكين وخاسر. معارض للاحتلال فأنت مخلل. معارض للتدين، أنت مستاء. ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أنك تنتمي للاقلية، وأنك خسرت في المعركة على صورة الدولة، وأنه لا احتمال لك في تنفيذ سياستك في الحكم. في الديمقراطية هناك أهمية للاقلية، لكن في النظام الاستبدادي الذي يتشكل في اسرائيل، فان هذه الأقلية عفن زائد. الفاشية دائماً تتميز بداروينية اجتماعية. الشعب الذي يؤيد نتنياهو يعتبر شعبا قويا، ومعافى نفسيا. في حين أن من يعارضون نتنياهو يُعرضون ضعفاء ومرضى: هذا هو السبب أنهم خسروا في المعركة على البقاء أمام اليمين المتطرف حسب رؤية الداروينية الاجتماعية هذه، اليمين المتطرف انتصر لأنه القوي والجيد (وحقا، يغئال عمير هو أقوى من رابين). المخلل يجب أن يخرج الى الخارج.