:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14062

حواتمة: عودة فتح وحماس للبرنامج الوطنى الطريق الوحيد للحل

2017-11-18

بداية، أنتم من الفصائل المدعوة لحضور إجتماع القاهرة المقبل.. ماهي أبرز الملفات التي ستطرح خلال الإجتماع؟
■■ إن أبرز الملفات الشائكة الفلسطينية، هو الإستكمال بنجاح ، والوصول العملي إلى بر أمان المصالحة الوطنية الذي أنجز في القاهرة بعناوينه برعاية مصرية 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والموقع في القاهرة بين فتح وحماس، بعد أن ناضلنا على إمتداد عشرة أعوام، لإنهاء هذا الإنقسام، الذي جزأ وحدة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وطمس هذه الحقوق، وألحق الأذى بالقضية الوطنية الفلسطينية، بل كرّس الإحتلال الغاشم، والإستيطان الإستعماري للأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها عمليات تهويد واسعة للقدس الشرقية المحتلة. بما يقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويقطع الطريق على شعبنا في الإستقلال وممارسة حقه في تقرير المصير والعودة.
الملفات على طاولة الحوار الوطني الشامل: مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، الانتخابات البرلمانية والرئاسية، الأمن الوطني، حكومة وحدة وطنية شاملة ، الحريات، المصالحة المجتمعية.
وما هي أبرز الملفات الشائكة من وجهة نظركم؟ وهل لديكم رؤية للحل؟
■■ أبرز الملفات الشائكة في هذا الجانب، وفي ظل الواقع العربي والفلسطيني الصعب والإقليمي المحيط، هو أولوية إعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وفقاً لإعلان القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني بآلياتها الخمس، وإتفاق 4 أيار/مايو 2011 بالإجماع الوطني في القاهرة، وتطبيق قانون الإنتخابات بالتمثيل النسبي الكامل أيضاً بالإجماع الوطني في القاهرة وعمان أيار/مايو 2013، ومصادقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عليه في رام الله (أيار/مايو 2013)، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في (5/3/2015) «بوقف التنسيق الأمني» مع دولة الإحتلال، ووقف إلحاق وتبعية الإقتصاد الفلسطيني بإقتصاد إسرائيل.
وما تقييمكم لإتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة برعاية مصرية منتصف الشهر الماضي؟
■■ هو إنجاز وطني فلسطيني كبير ومحوري، لأنه أولاً جرى توقيعه في القاهرة، العاصمة العربية التي واكبت قضيتنا منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ونحن وشعبنا الذي رحَّب بهذا الإنجاز، يثمن عالياً الرعاية المصرية، والدور التاريخي لمصر في رعاية شقيقها الفلسطيني، نحرص على تنفيذه، وننطلق منه نحو إعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية بإنتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، على أساس التمثيل النسبي الكامل لمؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد والجامع الأوحد للشعب للمكون الفلسطيني، في فلسطين المحتلة وفي الشتات، نشدد على ضرورة دمقرطة المجتمع الفلسطيني والشتات بإنتخابات الشراكة الوطنية، عملاً بقوانين التمثيل النسبي الكامل، وإطلاق الحريات العامة، في الضفة وقطاع غزة، ووقف الإعتقالات، وتشكيل مرجعية وطنية عليا موحدة للمفاوضات، من جميع القوى التي تدعو إلى حل سياسي شامل ومتوازن بمرجعية قرارات الشرعية الدولية ورعاية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، يعيد القضية الفلسطينية إلى أولوياتها المركزية العربية والعالمية، بدءاً من قرارات الشرعية الدولية التي تناولت عقود الصراع مع الإحتلال الإستعماري، أي إستعادة ما قد غاب على إمتداد العقدين ونصف الأخيرين، الغائب الأكبر ألا وهو «المشروع الوطني الفلسطيني الموحد». مشروع تقرير المصير والدولة والعودة، كي نحاصر مخططات مشروع اليمين الصهيوني الإقتلاعي والتهويدي، ممثلاً باليمين واليمين المتطرف العنصري برئاسة إئتلاف نتنياهو، والإقلاع عن المفاوضات العبثية، مفاوضات الحلقة المفرغة التي دارت منذ إتفاقات أوسلو 1993ــــــ وصولاً لما آلت قضيتنا إليه في عام 2017.
اننا على يقين أن هذه الخطوة المركزية المأمولة في القاهرة، ستنقل قضيتنا، إلى آلية تطورها الذاتي، في إستعادة سكة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق عودة اللاجئين، وعودة الجولان السوري للوطن الأم، ومزارع شبعا اللبنانية، لأن آلية تطور قضيتنا على هذا المسار، ستندفع نحو متطلباتها الأممية، نحو قرار أممي بـ «إقامة مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة» إستناداً لقرارات الشرعية الدولية، والرعاية الدولية للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بما يستدعي تفكيك المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية، وهدم الجدار العنصري غير القانوني، وفقاً للقرارات الدولية ومحكمة العدل الدولية، وإطلاق سراح أسرى الحرية الفلسطينيين، وبما في ذلك الشجب المنهجي العنصري والذميم لخرق حقوق الإنسان الفلسطيني في فلسطين. ممثلاً بالعقاب الجماعي ضد شعب تحت الإحتلال، وحصار قطاع غزة، وتقطيع أوصاله بالحواجز العسكرية الكونكريتية، ومجازر القتل اليومي التي تدور أمام بصر العالم أجمع.
على هذا نحذر من أوهام التعويل على موقف الولايات المتحدة الإنفرادي، والتي يروج لها البعض، بدون ممارسة الضغط المطلوب على المصالح الأمريكية الإقتصادية والتجارية والسياسية على مساحة البلاد العربية، بالعودة الى الموقف السياسي القومي المشترك «حقوق شعبنا الفلسطيني بتقرير المصير والدولة على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة وحق اللاجئين بالعودة وفق القرار الأممي 194، وتصفية أثار عدوان 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية»، الذي يمثل قرارات القمم العربية والمصالح العربية العليا.
هل رعاية وضمانة مصر للإتفاق كان سبباً رئيسياً في نجاحها؟
■■ في دروس التاريخ الفلسطيني القديم والحديث، مصر هي في عمق الحاضر الفلسطيني، فهي الشقيقة الكبرى، ولديها من الخبرات والعقول والذهنية الجامعة العربية، ولسنا وحدنا، الشعوب العربية تتطلع إلى هذا الدور المصري، بعد أن وصل حجم الإذلال والمهانة والإنكسار والضياع العربي إلى ما وصل إليه، ينهض العرب مع النهوض المصري، لأن مصر قاطرة عربية، وهي تعود لدورها الشرعي والتاريخي، لأن تصفية القضية الفلسطينية، ستقود إلى تصفية الجامعة العربية عبر «صفقة القرن» الترامبية، ومصر لديها القدرة الكامنة على التغيير برغم الظرف الصعب الذي تمر به، حين يستهدف بالإرهاب البشع والإجرامي، مصر مازالت تجسد أملاً حياً للعرب، وليس لمصر وحدها، ومن يقرأ التاريخ المعاصر لا يمكن له أن يقفز عن دورها، بالعودة إلى الإستقلال العربي، بقدر ما تحمل من قدرات عشناها في الثورة الفلسطينية، عربياً وإفريقياً، وفي العالم الثالث، ونحن نتلمس الدور الذي تلعبه في ليبيا المجاورة، لذلك تقول: هذا هو دورها وقدرها التاريخي، من تجاربها وتاريخها وقدرتها على التغيير، فهي قاطرة وروحاً عربية وعالمية.
اتفاق القاهرة 12/10/2017 اطار عريض نعمل على وضع الآليات التنفيذية لكل بندٍ فيه تحت اطار الرعاية المصرية، نلاحظ الآن التناقض في تفسير كل بند بين فريقي الانقسام فتح وحماس، وعودة الحملات الاعلامية بين الطرفين.
مواكبة مصر للحوار الوطني الشامل يومي 21 ، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني في القاهرة ضرورة مشتركة للبناء العملي التنفيذي لكل بند على طاولة الحوار الفلسطيني الشامل بين الكل الفلسطيني الآن.
ما رأيكم فيما تردد حول وجود تحركات إقليمية ودولية لإفشال المصالحة؟ وكيف يمكن للشعب الفلسطيني إفشال تلك المؤامرة التي تسعى لترسيخ الإنقسام وإفشال إتفاق القاهرة؟
■■ في سياق القراءة التاريخية ذاتها، نرى أن مصر ذاتها مستهدفة ولذات الأسباب، كما نرى أن الرد المصري في المرحلة الراهنة، فضلاً عن دور مصر في الدفاع عن مصر، يتطلب كذلك وبمنحى متوازي في المرحلة الراهنة، عنايتها للنضال الوطني الفلسطيني، بإعتباره مرحلة تحرر وطني، ذات مهام متداخلة وطنية من جهة وديمقراطية سياسية، وديمقراطية اجتماعية من جهة أخرى، تتطلب مرحلة ، يتوّحد فيها النضال الوطني والشعبي الفلسطيني، سيؤدي إلى تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الديمقراطية، العربية ـــــ العربية، ومن بعث التضامن العربي والعالمي مع قضية الشعب الفلسطيني، ووقف المنحى التراجعي على كل الصعد العربية الرسمية. كما سيؤدي إلى تصاعد النضال الوطني التحرري لسائر الشعوب العربية من هيمنة الاحتلال واستعمار الاستيطان التوسعي الذي لا يتوقف في القدس والضفة الفلسطينية والحصار الاسرائيلي لقطاع غزة، وما تفتعله من أزمات داخلية على جميع الصعد العربية، بهدف تفاقمها. إن الحل لمأزق الإنقسام الفلسطيني في القاهرة، سيؤدي إلى تعبئة شاملة لطاقات الشعب الفلسطيني للخلاص من توسع الاحتلال والاستيطان، وبما يستنهض الدعم والتضامن العربي والدولي مع نضاله العادل من أجل حقوقه الوطنية بتقرير المصير والدولة المستقلة وحق عودة اللاجئين.
في رأيكم هل حركتّي فتح وحماس جادتان في إنهاء الإنقسام؟
■■ بعد تجربة حماس على امتداد عقد من الزمن (2007 - 2017)، من الواضح إنها وصلت إلى طريق مسدود، تستدعي ضرورة العودة إلى القضية الفلسطينية، رحلة إنتقال من الأممية الإخوانية إلى تقدير إستراتيجي جديد، يتمثل بالوطنية الفلسطينية عبر بوابة القاهرة، كذلك ما لمسناه من حفاوة شعبية طالت قواعد حركة فتح، الأمر الذي ألقى بالكرة في ملعب السلطة الفلسطينية، ودفع ببعض الأصوات النشاز المعزولة من الآفّاق، محاولة «التحريض القبلي»، شرائح هامشية طفيلية ترى مصالحها في إستمرار واقع الحال الراهن، من هنا تحاول أن تلعب دوراً مشوشاَ يستعيد لها ما يهدد طفيليتها على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية العليا.
إن عودة فتح وحماس إلى البرنامج الوطني الفلسطيني الموحّد الذي اجمعنا عليه في الحوار الوطني الشامل في القاهرة هو الطريق الوحيد لخروج فتح وحماس من النفق المسدود السياسي والفئوي، الخاسر الأكبر فيه شعبنا الفلسطيني والعرب عموماً، الرابح الأكبر فيه الاحتلال والاستعمار التوسعي الاسرائيلي.
والجبهة الديمقراطية مع من فتح أم حماس؟ وهل أنتم مستعدون لمواجهة الطرف المعرقل للإتفاق علناً؟
■■ نحن لم نقف مع طرف دون آخر، نحن نقف مع مصالح شعبنا ومصلحة قضيته الوطنية، يهمنا أن نشاهد حماس، حركة وطنية فلسطينية صرفة، أي تعمل على الأجندة المرسومة وطنياً وفلسطينياً لا غير. ولدينا الإستعداد ومعنا الفصائل الوطنية الفلسطينية الديمقراطية، أن نعلن للملأ من الذي يعرقل وحدة الصف الوطني الفلسطيني، نحن لم نوفر أياً من الجانبين من نقدنا، طوال الأزمة الإنقسامية، كل بقدر ما يتصرف، وكل بقدر ما يحقق المصلحة الوطنية العليا «وعليه سنواجه الطرف المعرقل» وقد بدأت تحركاتنا الشعبية مبكرة في هذا الأمر، ضد كل ما يكرس واقع الإحتلال والقسمة والفرقة، بأنه يكرس واقع الإحتلال والهيمنة الإستعمارية، المطلوب المراجعة الشاملة من كلا الطرفين، المراجعة الصادقة في إستنهاض النضال المناهض للإحتلال والإستيطان الإستعماري، وهذا يتطلب نضالاً ديمقراطياً في السياسة ونضالاً ديمقراطياً إجتماعياً، أي إعادة صياغة البنية للسلطة الفلسطينية ووظائفها، بحيث تؤدي دورها في تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني في معارك إستقلاله، بدلاً من الإرتهان للإلتزامات المجحفة التي فرضتها الإتفاقيات الموقعة، والتي اسقطتها «إسرائيل» بعد إغتيال رابين الذي وقعها عن الجانب الإسرائيلي. ينتهي هذا مع إرساء الأسس لنظام برلماني تعددي، تخضع فيه السلطة التنفيذية للمساءلة من قبل السلطة المجلس الوطني الفلسطيني الموحد (البرلمان) لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، إن موقفنا من أي طرف يقوم على موقفه من البرنامج الوطني الفلسطيني الموحَّد والموحِّد الذي أجمعنا عليه في القاهرة في 4 مايو 2011.
في رأيكم ما هو السبب في ضعف المشروع العربي أمام مشروع بلفور في فلسطين؟
■■ يأتي الرد على هذا السؤال في سياق القراءة التاريخية لجريمة (وعد بلفور) على مدار مئة عام، وإرث بلفور ماثل أمام أعيننا وأعين العالم، وشعبنا يعاني من آثاره. ها هي قضيتنا تعيش مئوية وعد بلفور المشؤوم، إرثه ماثل أمامنا في دولة الآبارتهيد العنصرية، كما هو ماثل في الذاكرة الجمعية والتاريخ والصراع من حوله لن يتوقف، مع الفارق أن الصراع اليوم، يقوم على المنطقة ومستقبلها، ممثلةً بما سمي بـ "صفقة العصر" أو صفقة القرن. في البدايات كان وعد بلفور متمماً لسايكس بيكو مشروع الكولنيالية للامبراطوريتين البريطانية والفرنسية في اقتسام وتقسيم البلاد العربية، وتقديم وعد بلفور 1917 لإنشاء «وطن قومي لليهود في فلسطين» حيث كان 90% عرب فلسطينيين وأقل من 10% يهود. حيث تمثل الصراع بين فلسطين كقضية مركزية للنظام العربي المتوجه إلى الوحدة العربية، ومن ثم وقعت النكبة الكبرى في أيار1948، بكامل أثقالها وحمولتها، على البلدان العربية التي تنشد الوحدة، ثم ازدادت الآمال الوحدوية مع إنطلاق ثورة يوليو 1952 في مصر، ووحدة مصر وسوريا 1958، أيضاً إرثها وأحلامها ماثل في الذاكرة العامة، والصراع حول أفكارها لم يتوقف حتى الآن. ومن إنجازاتها ثورة الجزائر 1954، ثورة 14 تموز 1958 في العراق، ثورتّي شمال وجنوب اليمن، والمدّ القومي الكبير..
بالإدراك فإن موضوع التضامن العربي والوحدة العربية يتحول إلى رقم صعب يستحيل إغفاله، حين تنظر الشعوب العربية إلى المستقبل، انكسر أمام إحتمالات التقسيم في مشاهد النار، بالمشرق العربي، ومناطق عربية أخرى.
هنا تتكرر الأسئلة نفسها: لماذا انكسر المشروع العربي في فلسطين لصالح وعد بلفور دون ربطه بأن المنطقة كانت موزعة بين الإنتداب الإستعماري المباشر، وبين الإحتلال الكولونيالي المباشر بعد تقسيمها.
في إتفاقية سايكس – بيكو قبل مئة عام، قسمت دول واصطنعت أخرى.
هكذا كان تجسيد صراع الأفكار والسياسات قبل ثورة يوليو، التي قدمت فكرة العروبة بزخم ومد قومي جماهيري عارم ممتد من الماء إلى الماء، عبر معانيها الحديثة، اليوم تتركز الأمنيات في الحفاظ على سايكس – بيكو، وصيانة الدول الإقليمية من التفتت والتقسيم، وبقي ثابت وحيد هو لدى النخب الواسعة، بأن الدولة الوطنية الحديثة المدنية الديمقراطية، دولة المساواة في المواطنة والتنمية والعدالة الإجتماعية العربية هي الطريق لتحرير فلسطين، ولا يمكن أن تحصل إلا عندما يتم الربط بينها وبين الدولة المدنية الحديثة، الديمقراطية التعددية وقضية التنمية والعدل الإجتماعي.
بهذا المعنى الشمولي تصبح فلسطين قضية العرب المركزية، فكرة تبدأ وتنتهي عندها، الأمر الذي أدى إلى تفكيك القضية الفلسطينية، مرحلة بعد أخرى، نحو تفكيك إحدى أقوى الروابط العربية، وأخذ التحلل منها يضرب كل شيء، وهذا ما نشهده اليوم من صراعٍ وحروب داخلية ومذهبية، فشل وضياع.
في الإجابة على فشل مشروع ثورة يوليو، هو لأن نقطة ضعفها في ضعف نظامها السياسي الذي أخفق في الحفاظ على مشروعها، وتعرضت مصر للعدوان الثلاثي، وجاءت الضربة الحاسمة في عدوان حزيران/ يونيو 1967، وجرى تكريس الهزيمة والانكسار ككلمة أخيرة نهائية للتاريخ، رغم الدماء الثائرة الفوارة غضباً وأملاً في شرايين فكرة العروبة، إلى أن وصلنا إلى عالم عربي آخر، كأنه يكتسب شرعيته التاريخية من حجم الإذلال والمهانة التي يتعرض لها العرب، حتى أن التصفية ذاتها ستطال الجامعة العربية، عبر «صفقة القرن» في نهاية المطاف، على الرغم من أن ثورة يوليو لم تخترع المشروع العروبي، بقدر ما جسدته أملاً حياً على الأرض بسياسات تبنتها ومعارك وحروب خاضتها، تعبر عن القدرة على التغيير، ومنها تأميم قناة السويس، واستطاعة مصر الصمود أمام العدوان الثلاثي، الأمر الذي امتد إلى الثورة والمقاومة الفلسطينية في الوطن والشتات، إلى مستعمرات العالم الثالث رمزاً للخلاص والإنتقال إلى عهد الإستقلال والحرية، وهكذا لم تكن ثورة مصرية فحسب، بقدر ما حملت روحاً عربية وافريقية وعالمية.
المطلوب فلسطينياً في الذكرى المشؤومة، تبرز في مقاربة الآبارتهيد في البلدان الافريقية، وروديسيا وجنوب أفريقيا، لقد وضع مؤتمر دربان- جنوب إفريقيا في عام 2001، فكرة الإعتذار عن أخطاء تاريخية في مكان متقدم من جدول أعمال العالم: بعد أن أجمعت الدول الافريقية على المطالبة من الدول الإمبريالية بالاعتذار عن الاسترقاق، ولم تنجح في الحصول على اعتذار واضح، إلا أن المطالبة تجلت بعد المؤتمر في حالة وحيدة، هي اعتذار بلجيكا عن العذابات التي سببها استعمارها لشعب الكونغو، وذلك في أيار 2002.
بعدها ظهرت فكرة امتشاق المئويات، والاهتمام بفكرة وعد بلفور (2 نوفمبر 1917)، في مواجهة العنصرية الراهنة، بإعادة قراءة الماضي وربطه بالحاضر، بعد أن كشفت الأوراق التاريخية والرسالة التي وجهها هرتزل إلى سيسيل رودس الاستعماري العنصري الشهير، وفيها يصف مؤسس الصهيونية بأنها مثله الأعلى كاتباً له: "لو كان المشرق الأدنى ضمن نطاق اهتمامك، لكنت نفذت المشروع الذي أدعوك إلى تنفيذه" أي تحت جدول أعمال العنصرية، وهو الرجل الذي حملت روديسيا العنصرية إسمه (زيمبابوي وعاصمتها هراري عند الاستقلال)، وكان يمكن لإسرائيل أن تحمل أسمه أيضاً، لكنها حملت مضمونه العنصري الاستعماري الذميم، وكذلك بلفور في تصريحه الكولونيالي الامبراطوري العنصري عام 1919 عن "سمو الصهيونية"، للتبرير لها ممارسة العنصرية القاتلة على الفلسطينيين.
وأود أن أنوه هنا لما استجد من أن تيريزا ماي رئيسة حكومة بريطانيا " تحتفل" بمئوية "وعد بلفور المشؤوم" حيث تشكل اللامساواة وازدواج المعايير أحد العوامل الأساسية في إثارة العنف، والإرهاب، مما يحد من التنمية البشرية وتعطيلها، منطق الطفيليات الإمبريالية وسرقة مقدرات الشعوب.
بينما المطلوب إذا كانت هناك ثمة حقائق جديدة، بفعل المتغيرات العالمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، المطلوب رد الإعتبار للتفكير المنطقي للتساوق مع تأثير العلوم الإنسانية، لا تكريسها، لأنها تدفع قطاعات الشباب المتعصبين عن مجتمعاتهم، بما فيها الجاليات العربية في الغرب، ليشكلوا بيئة خصبة للتعصب والتطرف، والعنف والإرهاب، تماماً كما البيئة في سمتها العامة العربية، حيث تخلوا المناهج من مبادئ التسامح، وتمتد جذور "الافكار الداعشية، في مناهج التعليم والكتب المدرسية العربية والفلسطينية منذ مطلع القرن العشرين حتى الآن 2017، حين تتسع دائرة الإقصاء والتكفير والتهميش والإلغاء، في ظل انعدام المساواة واتساع إطارات تجفيف الحريات، وضعف الشعور بالمواطنة والإنتماء، واستمرار تهميش المثقفين، والمرأة وعموم الفئات الإجتماعية الضعيفة.
إذن أفكار تيريزا ماي الكولونيالية على منهج بلفور بتقسيم واقتسام العالم، في الوقت الذي تخلص به العالم من سيسيل رودس العنصري الشهير، مؤسس روديسيا في الجنوب الإفريقي، نحن نقدم النصيحة للنظام العربي الرسمي، وهذا يشمل بريطانيا تيريزا ماي، ففي الوقت الذي قررت به جامعة أكسفورد الخلاص من تماثيل رودوس التي أزيلت من رحابها، وأخرجت كتبه من رفوف مكتباتها، يجري إعادة الإحتفال بالمنهج الكولونيالي العنصري ممثلاً ببلفور ووعده في فلسطين، ونحن على يقين بأنه ستزال هذه الآثار الذميمة، من فلسطين التاريخية آجلاً أم عاجلاً..
ومن الذاكرة الجمعية العالمية، سوى بضعة أسطر للتاريخ، كما جرى مع رودوس. هذه رسالتي على الملأ، لأن نكبة فلسطين وما لحقها من تداعيات ومآسٍ مازالت مستمرة وماثلة للعيان، كما هي مستمرة في تعطيل التنمية العربية والديمقراطية، الحريات والعدالة الاجتماعية، بدلاً من التوجه إلى دور العقل النقدي، بل إلى تعطيله، نحو التوجه للتبشير السلفي التراثي التقليدي المتخلف، بينما إنتاج المعرفة ببعدها الإنساني هو من خلال التواصل مع العالم، بمكيال واحد بالمنجز الكوني الحضاري، وحده الذي ينتج قيم الإنسانيات والمساواة.
لقد استطاعت الدول الافريقية في 26/10/1966 أن تصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً يكرس يوم مذبحة شاربفيل يوماً عالمياً للقضاء على التمييز العنصري، وما يزال العالم منذئذ، يحتفل بذلك اليوم، الذي يعتبر اقراره معلماً من معالم إنهاء نظام الآبارتهيد، ومعه كافة اشكال التمييز العنصري، فلماذا لا يكون يوم (2/11) من كل عام يوماً لمناهضة الاستيطان على أراضي الغير، بما يعني نوعاً من التنفيذ المعنوي للقرارين (465) في 1/3/1980 و(2334) في 23/12/2016، وصولاً إلى إستعادة القرار رقم (3379) الذي وسم الصهيونية بالعنصرية، فضلاً عن قرارات كثيرة تمنع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة في عام 1967، حيث يعود حق السيادة عليها لدولة فلسطين، ما يشجع على ذلك أيضاً تقدم الجهود المبذولة من حركة المقاطعة لـ «إسرائيل» B.D.S المدعومة من حركات التحرر الوطني للشعوب وحكومات في العالم.
هل ترون أن إتفاق أوسلو ما يزال قائماً؟ وهل ترى أنه من الأنسب توقيع ملحق له أم صياغة إتفاق جديد؟
■■ إتفاق أوسلو، أسقطه اليمين المتطرف الإسرائيلي بإغتيال وإسقاط رابين الذي وقعه، وهو ينص على أن عام 1999، هو العام الذي تعلن به الدولة الفلسطينية، لكنهم دفنوا (أوسلو)، دفنوه مع جثمان رابين، هم الذين لا يجرؤون أمس في ذكرى اغتيال رابين أن يكتبوا في سجله الشخصي وفي دفتر مرقده، أنه ذهب بإغتيال إرهابي، سوى كلمة «أنه توفي بتاريخ..»، فالعنصرية المتطرفة تخجل أن تدون أنه ذهب إغتيالاً ، فالإغتيال ليس موجوداً في تجمعهم!! بل حتى في الكلمات في ذكرى وفاته، لا أحد يتطرق للإغتيال، هم من مزق أوسلو وأوسلو إغتال ومن بعدها جرت عملية إغتيال الشهيد أبو عمار الذي انتهى مسموماً بعد حصار المقاطعة، الفارق أن أبو عمار عرف ما يدور حوله، أن «إسرائيل» قد حصلت على الضوء الأخضر الأميركي بتصفيته وحضور مبعوثين عرب لأخذه خارج فلسطين، ادراك عرفات ذلك في كلمة للشعب «يريدونني أسيراً أو طريداً أو قتيلاً؛ لكنني أقول شهيداً ...شهيداً.. شهيداً»، في سياق حرب شارون على الضفة الفلسطينية المسماة «السور الواقي» والتي بدأت في 29 آذار /مارس 2002، وإنتهت في تموز/يوليو 2002، وما تخللها من جرائم حرب، بما فيها حصار الرئيس الفلسطيني أبو عمار في المقاطعة في رام الله، وقطع الكهرباء والماء والغذاء عنها، وصولاً إلى تسميمه..
نحن في الجبهة الديمقراطية عرضنا آنفاً برنامجاً للوحدة الوطنية، لأننا لا نرى أية إمكانية لملاحق لإتفاقيات أوسلو، بل النهوض في الوضع الذاتي الفلسطيني، مقدمةً لفرض الشرعية الدولية على «إسرائيل»، لأن البرامج المقدمة صهيونياً من يسارها الصهيوني التوسعي الاستيطاني إلى يمينها الفاشي، تأتي في ذات الإستهداف.
وهل تؤيدون إحياء عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي؟ وكيف يمكن إنجاحها؟
■■ لا يمكن إحلال «السلام» المتوازن دون النهوض بالوضع الذاتي الفلسطيني. والإخلال بموازين القوى على الجانب «الإسرائيلي»، في مواجهة شعب تحت الإحتلال بالكامل، من حقه أن يتبع كافة أشكال النضال المحددة في سياق برنامجه الإستراتيجي الموحد، كونه تحت إحتلال بشع عنصري وذميم.
ما هو تقييمك للجامعة العربية من تطورات الأوضاع الراهنة في القضية الفلسطينية؟ وهل ترى أن دورها تراجع؟
■■ بالتأكيد.. لقد تراجع كثيراً، فالجامعة العربية ذاتها هي تجسيد للحالة المرضية العربية وغياب التضامن العربي والالتزام العملي بقرارات القمم والجامعة العربية، وهي مرآة لها، بل خضعت لطرف عربي دون آخر، بدءاً من إالفتوى التي قدمتها لإجتياح العراق، ويلمس دورها السلبي في تدمير ليبيا على يد الأطلسي، وغياب «إتفاقية الدفاع العربي المشترك»، الموضوع واسع، ومتراكم، وآن لها أن تعود للعرب، بعيداً عن المحاور الإقليمية.
الآن هي ذاتها مهددة بـ «صفقة القرن» الترامبية، في النظرة الراديكالية لليبرالية المتوحشة لـ «شرق أوسط جديد»، بدءاً من إسمها «جامعة عربية» لتتحول إلى «جامعة الشرق الأوسط الجديد» كما يخطط لدخول دول غير عربية، على رأسها «إسرائيل»، وعلى تجمعات الهويات التحتية التي يخطط لإبرازها، وتحديد وضعها كدول.
هل ترى أن دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإسرائيل وللشعب الفلسطيني لتحقيق السلام يمكن أن تتحقق؟ وكيف؟
■■ نحن نثق بدور مصر، كقاطرة عربية، ونثق باالعقل الجمعي المصري، وسبق وأن أطلقنا موقفنا، وحددنا مقومات «السلام»، التي تبدأ من التوجه الإستراتيجي الفلسطيني الموّحد.
وما هو رأيك في أداء السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس؟ وما هي أسباب توسيع الإستيطان بالضفة الغربية؟
■■ أكتفي هنا بما عبر عنه عباس أبو مازن بلسانه في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة في (أيلول/سبتمبر 2017)، مئة عام على وعد بلفور و 70 عاماً على النكبة الكبرى، و50 عاماً على هزيمة حزيران/يونيو 1967، فقد طالب بهذه الدورة الإعتراف بحدود الرابع من حزيران يونيو حدوداً بين دولتّي «فلسطين وإسرائيل»، وهدد بسحب الإعتراف الفلسطيني بـ «إسرائيل» لأنه إعتراف متبادل، ووصف السلطة الفلسطينية أنها سلطة بلا أرض، وسبق ذلك بتصريحات منه ومن حاشيته، «بأن الإعتراف الدولي بفلسطين يساهم في نشر الإستقرار والأمن في المنطقة، في ظل حكومة فاشية تحاول العبث بأمن وإستقرار الشرق الأوسط، وتمارس إرهاب دولة منهجي ومنظم ضد أرضنا وأبناء شعبنا، «إسرائيل» تستهدف مكونات القضية الفلسطينية، ومكانتها على الحلبة الدولية، وهي تطالب بتفكيك «وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين» هذه الوكالة التي تأسست بقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 ويحمل الرقم 302 بهدف رعاية اللاجئين لحين عودتهم إلى ديارهم، وما يتطلب ذلك وفقاً للقرار 194، وهذا يتطلب تصويتاً جديداً في الجمعية العامة، نقصد هنا القرار رقم (302).
حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة «تخلق وتبني وقائع على الأرض بالتوسع الاستيطاني الذي تضاعف 8 ثمانية مرات منذ اتفاق أوسلو 1993 حتى الآن، والهدف نهب وسرقة الأرض الفلسطينية في القدس والضفة لبناء «اسرائيل الكبرى من البحر إلى نهر الأردن»، وتحطيم بناء دولة فلسطين على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس العربية (الشرقية) المحتلة.
في 1993عندما تم توقيع اتفاق أوسلو كان عدد المستوطنين المستعمرين 97 الف في الضفة والقدس وقطاع غزة، الآن العدد 850 الف، حكومة نتنياهو تعمل لتجاوز المليون مستوطن بسقف 2019، وتحويل الحدود الفلسطينية – الأردنية إلى حدود اسرائيلية – أردنية.
وتعمل «إسرائيل» والولايات المتحدة على شطب هذا البند من ميثاق المجلس لاحقاً، بتغيير تفويض «وكالة الغوث»، وإلحاقها بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، علماً أن قضية اللاجئين هي جوهر ولب القضية الفلسطينية.
شاهدنا في هذه الفترة، فشل حكومة نتنياهو في عقد القمة الإفريقية التي كانت مقرة في مدينة لومي في دولة توغو، بعد أن لعب الأشقاء العرب مع جنوب إفريقيا دوراً في إفشالها، بما يشكل صفعة ديبلوماسية كبيرة لـ «إسرائيل».
في سياق كل ما ورد من على لسان الأخ محمود عباس، نحن نطالبه أن يفتح النقاش في الإطار الفلسطيني القيادي، لنناقش معاً وجميعاً سبل الوصول إلى هذه الأهداف، وصولاً للإستراتيجية الوطنية الموحدة لتحقيق الأهداف الفلسطينية، وأساليب تحقيقها الموحدة بين فصائل العمل الوطني، ومع الشعب للسير بها، وصولاً إلى إعلان دولة فلسطين، دولة تحت الإحتلال محددةً حدودها، وفتح ملف قرارات الشرعية الدولية، والمطالبة بحماية هذه الدولة من الإنتهاكات الممنهجة اليومية لدولة الإحتلال العنصري.
هل ترى أن الصراعات المسلحة في المنطقة همشت القضية الفلسطينية؟ وهل تؤيد فكرة ضم الفصائل الفلسطينية للمحاور التي يتم تشكيلها بالمنطقة؟
■■نحن مع استقلال السياسة الوطنية الفلسطينية، وضد التمحور مع أي محور اقليمي عربي وفي الشرق الأوسط، ناضلنا عشرات السنين ضد التدخل بأي بلد عربي وشرق أوسطي، وضد التدخل الاقليمي في الشؤون الداخلية الفلسطينية، ومع التضامن القومي المشترك بيننا وبين الاقطار العربية.
سبق وأن اخضعنا وعد بلفور المشؤوم لتحليل تاريخي للصراع على المنطقة العربية ومستقبلها، في عمق الصراع على الاستقلال الناجز، بلا تبعية لمرحلة ما بعد الاستعمار القديم (بلفور وشركائه) والجديد (تيريزا ماي وشركائها)، هنا يمكن النظر لثورة الجزائر ضد الاحتلال الاستيطاني الفرنسي، ودعمها بالسلاح والمال والاعلام، وفي قلب الصراع على الاستقلال الناجز، قدمت ثورة يوليو المصرية، سياسة عربية واضحة في أهدافها، وكانت المعاني أكبر من الرجل الذي حمل أفكارها، كما حملته الجموع الحاشدة في دمشق في هتافات الملايين، وحملت سيارته كمن يحمل احلامه، لذلك بقي ماثلاً في ذاكرة التاريخ، فلكل حلم استحقاقاته، ولكل أمل معاركه، يتبدى بها كأنه أملٌ جديد. وإن انكسر الحلم بالانفصال الرجعي السوري والعربي. ولذلك نعود إلى الأخطاء في التعامل مع "وعد بلفور"، لأن الامبريالية البريطانية كانت، وفيما بعد الأمريكية أخذت بيد الصهيونية لإلغاء فلسطين تماماً، عبر ثنائية الاقتلاع والتبديد والإلحاق.
إن تأثير وعد بلفور المشؤوم يتجلى في مئوية وعد بلفور على الصعيد الفلسطيني، مع التذكير بأن مجلس حقوق الانسان في جنيف سبق له أن حدد، "بأن الدين لا يعبر عن جنسية وقومية، والذي يعبر عنها هو الجنسية" كذلك خطأ رفض القرار 181 بالتقسيم، لأن الرفض ساهم بالإلحاق، ومسح الهوية الفلسطينية عن خارطة فلسطين، ولذلك قدمنا لإستخلاصات المئوية إن تأثير وعد بلفور ومئويته: مشهودة على امتداد قرن، تداعيات على ضفتيّ الصراع الفلسطيني والعربي – الاسرائيلي.
سبعون عاماً على النكبة الوطنية القومية الكبرى، نكبة شتات وإلحاق، نكبة ومقاومة، نكبة وحق العودة. المأساة اغتصاب الأرض، الاحتلال، استعمار الاستيطان خلقت قضية اللاجئين؛ فلسطينيو الشتات والمخيمات، وبعد أن أمضت الضفة الفلسطينية عشرين عاماً في الإطار القانوني للدولة الأردنية، وقطاع غزة تحت الإدارة المصرية، وضعف هذه السنوات تحت الاحتلال الصهيوني. خمسون عاماً تحت الأسر ونهب وسرقة الأرض، وعمليات التهويد النشطة المنهجية الدؤوبة، والتي ابتدأت مع اليوم الأول للاحتلال لما تبقى من جغرافيا فلسطين، الواقع المرير ذاته مع قطاع غزة، بؤرة الاكتظاظ والكثافة السكانية لمليونيّ فلسطيني، في بقعة سكانية كناية عن لسان ضيق 365 كم2 من أرض فلسطين التاريخية.
وفي الخارطة الواقعية الراهنة للتشظي الفلسطيني، تبرز الآن قضية القدس وفلسطينيو القدس، والحرب الديمغرافية للتهويد الذين يعيشون في القدس الشرقية تحت الاحتلال منذ خمسين عاماً، حيث يجري تمييزهم ببطاقات زرقاء تميزهم عن الضفة واحتلال عام 1967، فضلاً عن عرب 1948 الذين يتشبثون بأرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، وبهويتهم الوطنية، وبحكم النكبة "جنسية اسرائيلية".
وما هو تقييمك لأداء منظمة التحرير الفلسطينية؟ وهل يمكن أن نشهد انتخابات في فلسطين قريباً لتجديد الشرعيات؟
■■ نحن أمام مرارة هذه الحقائق في لوحتها الواقعية للتشظي الفلسطيني في مشهده المختزل، يدور الزمن دورته والصراع الفئوي السياسي والطبقي على السلطة بين فتح وحماس فريقيّ الإنقسام بحثاً عن اتفاقات المحاصصة الاحتكارية الأحادية والثنائية، بدورات اقتتال أمني، سياسي، إعلامي ثنائي لم يتوقف منذ يونيو/ حزيران 2006، إلى أن تم "تتويجه" باتفاق المحاصصة الثنائي 8 فبراير/ شباط 2007، والذي أنتج جحيم الحرب الأهلية، وحروب الانقلابات العسكرية التي غادرتها الدول العربية منذ ستين عاماً، وعندنا ما زالت تداعياتها تتوالى فصولاً دامية، لتتدحرج كرتها الانقلابية إلى فصل قطاع غزة عن الضفة باحداث 14 يوليو/تموز 2007، والآن عشر سنوات عجاف انقسام مدمّر، بما يحمل من تداعيات، ويشي بتسهيل تنفيذ مخططات صهيونية مرسومة منذ احتلال عام 1967، للتخلص من "كابوس" القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية بخريطتها السالفة والمعاشة، بدءاً من منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، والتي غاب عنها الائتلاف الحقيقي منذ اتفاقات أوسلو الجزئية والمجزوءة حتى يومنا هذا، ومع ذلك ما زالت م.ت.ف الكيان الفلسطيني السياسي والقانوني الممثل الشرعي والوحيد للشعب، في تجمعاته المختلفة. بيد أن هذه الحقائق الواقعية ليست قدراً، رغم طغيان حالة التراجعات عربياً عن "برنامج تصفية آثار عدوان 67"، وانجازات حرب أكتوبر 73، وتفكك وانهيار التضامن العربي وقرارات القمم العربية، وحروب الخليج العربي الثلاث، وتداعيات اتفاق أوسلو ومفاوضات ربع قرن في نفق مسدود من فشل إلى فشل على الجانب الفلسطيني، والحروب الداخلية الأهلية الطائفية والمذهبية في محيط الشرق العربي... إن كل هذه الكوارث استثمرها الاحتلال التوسعي.
المطلوب فلسطينياً وقف متوالية الأزمات الداخلية على طرفيّ الصراع الاحتكاري والثنائي بين فتح وحماس والمحاور الإقليمية مع هذا الطرف أو ذاك، لتعميق وتمويل الانقسام وطريقها المدمر والمسدود، في معادلة قوامها "المنتصر خاسر"، لأن القضية ذاتها ستكون خاسرة. فمتوالية الأزمات تبتلع الآن ما تبقى من إنجازات الشعب الوطنية، بتدمير الذات، والمطلوب الخروج من عنق الزجاجة، ومواجهة المعادلة الصهيونية نحو اسرائيل الكبرى (الاحتلال، استعمار التوسع الاستيطاني، تهويد القدس، العنصرية)، بالمشروع الوطني الموحِّد والموحَّد (تقرير المصير، الدولة، العودة).
دون أن نكتشف جديداً في هذا الاستخلاص، فمنذ قرابة قرن من الزمن تقول المعادلة الصهيونية إن جوهر الصراع هو الأرض. يقابله فلسطينياً راهناً بؤس الانقسام و الصراع بين فتح وحماس صراع "السلطة والمال والنفوذ" بديلاً عن الوحدة الوطنية وفق إعلان برامج الحوار الوطني الشامل القاهرة (2005، 2006، اتفاق 4 مايو 2011 في القاهرة، قانون انتخابات مؤسسات منظمة التحرير بإجماع الفصائل في القاهرة فبراير 2013)، وثيقة الوفاق الوطني، قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير 5 مارس/آذار 2015، قرارات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني 10-11 يناير 2017 في بيروت بالإجماع، قرارات انتصار انتفاضة القدس 21 تموز 2017، قرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير 12 آب 2017 وبيان التنفيذية بالإجماع، بما يملي من استحقاقات تضع القضية برمتها في خطر حقيقي أمام إستراتيجية الإدارة الأمريكية، وبرنامج التوسع الاستعماري الاسرائيلي، باستغلال التناحرات والتناقضات.
إن الاستخلاص الوطني المنشود؛ فضلاً عن استخلاص القراءة الموضوعية لحقائق القضية الفلسطينية ومسيرتها التاريخية، هو في توظيف قدرات شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده في عملية إدارة الصراع، ووقف التنازلات والتمسك العنيد بالبرنامج الوطني الموحد، أول مصادر القوة الفلسطينية، في مواجهة الخلل في ميزان القوى، والثاني يتطلب العودة سريعاً إلى الديمقراطية الفلسطينية وقوانين التمثيل النسبي الكامل، فهي العامل الجوهري والرئيسي في صيانة القضية الفلسطينية، بل إنها ذاتها أساس البناء للهوية الوطنية الفعّالة، التي تقوم على "التعدد والاختلاف، الوحدة والائتلاف، تحت راية برنامج القواسم المشتركة"، الدرس البليغ لنضالات الشعوب ضد الاستعمار الكولونيالي والآبارتيد العنصري، فهي الإرادة الفعّالة في التاريخ الإنساني.
وما هو سبب الانقسام الذي ضرب الساحة الفلسطينية ودفع بعدد من الأطراف نحو النتاحر؟
■■ الاسباب الرئيسية أولاً: المصالح الفئوية والفردية بين فتح وحماس والصراع على السلطة والمال والنفوذ بين فريقيّ الانقسام، ثانياً: تدخل صراع المحاور الاقليمية العربية والشرق أوسطية لتعميق وتمويل الانقسام، ثالثاً: التدخلات والشروط الاسرائيلية التوسعية الاستعمارية والانحياز الأمريكي لشروط اسرائيل.
الآن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيسها رئيس السلطة الوطنية محمود عباس مدعوونلإعادة بناء الوحدة الوطنية بانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة على أساس التمثيل النسبي الكامل لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الجامع الموحد للشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة والشتات ودمقرطة المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات بانتخابات الشراكة الوطنية بقوانين التمثيل النسبي الكامل (جامعات، نقابات، اتحادات مرأة وطلاب وشباب جماهيرية، انتخابات محلية وأهلية في الوطن والشتات..الخ)، اطلاق الحريات العامة، في الضفة وقطاع غزة وقف الاعتقالات.
• تشكيل مرجعية وطنية عليا موحدة للمفاوضات من كل القوى التي تدعو لحل سياسي شامل متوازن عملاً بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. هذه الخطوات الرئيسية لتجاوز الانقسام، واستعادة الغائب الأكبر "المشروع الوطني الفلسطيني الموحد - مشروع تقرير المصير والدولة والعودة"، وبالوحدة الوطنية تحت سقف المشروع الوطني الموحد نحاصر ونحبط مشروع حكومة اليمين واليمين المتطرف الاسرائيلي برئاسة نتنياهو، بترك المفاوضات تدور في الفراغ والطريق المسدود لما هو جار على امتداد 25 عاماً من اتفاق أوسلو 1993 – 2017...
• نحذر من الاندفاع نحو المؤتمر الإقليمي الذي تروج له ادارة ترامب وحكومة نتنياهو - ليبرمان "الحلول الإسرائيلية - الإقليمية العربية - غزة على أكتاف مصر، وما يتبقى من الضفة على أكتاف الأردن"، والقفز عن حقوق شعبنا بالدولة والعودة وتقرير المصير، والارتداد إلى ما قبل قمة الجزائر العربية 1973، والرباط العربية عام 1974، والاعترافات الدولية الشاملة بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية وعضوية دولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة 2012، وقرار مجلس الأمن الدولي "الرقم 2334 ديسمبر 2016 بالوقف الكامل للاستيطان"، وحق الشعب الفلسطيني في الوجود المستقل على أرض فلسطين المحتلة.
· على منظمة التحرير الفلسطينية – الإئتلافية تقديم مشاريع القرارات الجديدة للأمم المتحدة "الإعتراف بدولة فلسطين عضواً عاملاً كامل العضوية عملاً بقانون الأمم المتحدة "متحدون من أجل السلام "، وقرار جديد "بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام بمرجعية قرارات الشرعية الدولية ورعاية الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن" والقرار الجديد الثالث "دعوة الأمم المتحدة لحماية ارض وشعب فلسطين بقوات دولية".
هل ترى أن الأمور ستأخذ منحى التصعيد من الجانب الاسرائيلي تجاه غزة؟ وهل يمكن إقرار هدنة طويلة الأمد بين الفصائل والاحتلال؟
■■الآن استعادة بناء الوحدة الوطنية على قاعدة القواسم المشتركة التي أنجزناها معاً بحوار وبرامج عشر سنوات كاملة من عمر الانتفاضة والمقاومة (إعلان القاهرة، وثيقة الوفاق الوطني ... وآخراً لا أخيراً قرارات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني برئاسة رئيس المجلس بالحوار الوطني الشامل، 10-11 يناير 2017 في بيروت وبالتوازي تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة (13 فصيلا وشخصيات مستقلة) لإنهاء وتفكيك هيكليات وأذرع الانقسام، لمواصلة اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني أعمالها لتجهيز آليات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (المجلس الوطني، لجان المجلس، انتخاب لجنة مستقلة لإدارة الصندوق القومي الفلسطيني) وفق قانون التمثيل النسبي الكامل أيار 2013 بالإجماع الوطني، وقرارات 21 تموز 2017 بانتصار انتفاضة القدس.
فهذا طريق الخلاص، طريق وحدة الشعب والتصعيد الكفاحي لجماهير الوطن والشتات، ومسؤوليتنا تحويلها إلى تحول نوعي على الأرض ودولياً، معزز كفاحياً وإخراجه من العفوي إلى المنظم، وتحويله إلى مد كفاحي لا إلى حدث عابر.
· ندعو لتطبيق وتنفيذ إتفاق 12 تشرين اول 2017 وبالرعاية المصرية في القاهرة بين فريقي الانقسام المدمّر (فتح وحماس) عشر سنوات عجاف وصراع سلطوي انقسامي على النفوذ والحكم تحت سقف اتفاق أوسلو، والعودة إلى الكل الفلسطيني الذي انجز اتفاق 4 أيار 2011 بالحوار الشامل في القاهرة (13 فصيلا وشخصيات مستقلة) للاشراف على تطبيق الاتفاق ووضع الآليات العملية الملموسة لتنفيذ الاتفاق، ونحذر من محاولات عناصر في داخل فريقيّ الانقسام تعمل على تعطيله.
· استكمال عمليات تدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية بالعودة إلى الأمم المتحدة في دورتها أيلول 2017 وتقديم منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مشاريع القرارات الثلاثة الجديدة وفق قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: مشروع قرار التصويت على عضوية دولة فلسطين عضواً عاملاً كامل العضوية في الأمم المتحدة، والثاني قرار جديد بعقد مؤتمر دولي للسلام بمرجعية قرارات الشرعية الدولية ورعاية الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي؛ والقرار الجديد الثالث دعوة الأمم المتحدة لحماية أرض وشعب دولة فلسطين للخلاص من الاحتلال واستعمار الاستيطان.
· شعبنا وأرضنا في مرحلة تحرر وطني، ليس في مرحلة تقاسم "السلطة والمال والنفوذ" ، هذه خريطة الخلاص من الاحتلال واستعمار الاستيطان، تحتاج إلى كل القوى والتيارات في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية الديمقراطية بقوانين حركات التحرر الوطني وعلى قاعدة شركاء في النضال والمقاومة والسياسة والبرنامج الوطني الموحَّد. سياسة المحاصصة الثنائية انقسامات فشل وضياع، هذه الدروس الاساسية من تجارب مئوية بلفور نكبة واحتلال ومقاومة.