:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14224

ليست هدية لاسرئیل بل برمیل بارود متفجر-يديعوت

2017-12-06

واشنطن. يحيي دونالد ترامب، الشهر القادم، الذكرى السنوية الأولى لولايته، وما يميز هذه الفترة الزمنية أكثر من أي شيء هو النزوة التي جاء بها الى المنصب، عدم اليقين، انفجارات الغضب، والكلمات الفظة. انتخبت أميركا رئيساً غيّر القاموس السياسي الداخلي والخارجي، وتوج شخصا لا يتصرف فقط كالمتوحش بل إن القرارات التي يتخذها ايضا على عجالة مزاجية، دون اعداد، دون دراسة وانطلاقا من الجهل التام واطلاق الاكاذيب على التويتر. هكذا ايضا يدير أحد المواضيع الاهم بالنسبة لاستقرار الشرق الاوسط: التسوية الإسرائيلية – الفلسطينية.

عمليا، ليس لترامب عقيدة سياسة خارجية، إلا الهوس في عمل كل شيء معاكس لأوباما. في نهاية الاسبوع يفترض أن يعلن أنه يعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، إلا إذا غير رأيه مرة اخرى. كل القيادة الامنية والسياسية لديه تعارض الخطوة. فمثل هذا الاعلان، كما يدعون في واشنطن، سيكون محملا بالمصيبة ليس فقط للمسيرة السلمية ولاستقرار المنطقة بل ايضا لإسرائيل نفسها: فاذا كان بوسع الرئيس ان يكسر سياسة تمتد لعشرات السنين في الادارة، وبموجبها تتقرر مكانة القدس فقط في المفاوضات بين الطرفين وبالتوافق، فانه يمكنه بالخفة ذاتها أن يعترف بدولة فلسطينية. فاذا كان يرسم حدود اسرائيل، فما الذي يمنعه من ان يرسم حدود فلسطين؟

الاعتراف بالقدس – موحدة، مقسمة، غربية أو شرقية – كعاصمة لاسرائيل هو بداية تسوية مفروضة، إذا كان ممكناً ان نسمي هذه تسوية. وسيؤدي الاعلان بشكل فوري الى ابعاد الشريك الفلسطيني عن طاولة المفاوضات، والذي آمن بأن ترامب بالذات سيكون قادراً على إحلال السلام، لأنه صلب، ولأنه لا يرى احدا من مسافة متر، لأنه رجل أعمال وعقارات. لقد انطلق ترامب على الدرب مع تصويت ثقة من جانب القدس ورام الله، وهو يوشك على أن يفجرها بوحشية مع اعلان شعبوي يستهدف خدمة قاعدته السياسية في اليمين الأميركي اكثر من خدمة مصالح الفلسطينيين او مصالح اسرائيل.

نعم، ترامب يريد أن يحل السلام، ولكن بخلاف الخيالات التي وصفت شهيته للموضوع، فان هذا لا يشتعل حقا في عظامه. ففي البيت الابيض توجد مسودة خطة مبادئها نُشرت لأول مرة في «يديعوت احرونوت» قبل بضعة اشهر: دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، تبادل للاراضي، بدون حق عودة، رعاية سعودية ودول عربية اخرى للخطوة بشكل يجعل التسوية تؤدي الى رفع مستوى العلاقات بين اسرائيل وبينها. خطوة هي سلام اقليمي اكثر مما هي حل حل للنزاع. كلمات جميلة، نوايا طيبة – ولكن ترامب لم يخترع الدولاب. صيغة كلينتون وخريطة الطريق حددتا الطريق للحل قبله.

والآن، فانه يوشك على أن يشوش التفاهمات مع إعلان ليس له أي معنى عملي. فعلى أي حال يوجد نوع من الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة لاسرائيل. فعندما يصل المسؤولون الأميركيون الى البلاد، فانهم يجرون لقاءات العمل لهم في العاصمة. كما أن هذه ليست هدية ود لاسرائيل بمناسبة يوم ميلادها السبعين؛ هذه برميل بارود يوضع أمام بوابتها. فلمثل هذا الاعلان الآن إمكانية كامنة هدامة لدحرجة الشرق الاوسط نحو فتراته الأسوأ. ولكن ماذا يهمه؟ فالثمن نحن من سندفعه.

ليس صدفة أن الرؤساء الجمهوريين قبله اتخذوا جانب الحذر كما يحذر المرء من النار من لمس موضوع القدس دون تسوية شاملة وبموافقة الطرفين. غير انه في العالم التجاري الذي يأتي منه ترامب يمكن للقدس ان تصنف كمدينة اخرى لإعادة التقسيم. من الصعب الافتراض انه يفهم النوازع، الشحونات الحساسة، الجنون، والدماء المشاركة في هذه المدينة، التي هي القلب النابض ليس فقط لشعب واحد. فهو يعرف فقط انه يجب عمل ما لم يتجرأ أوباما على عمله.