:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14275

الجمهور الإسرائيلي لا يثق بالكنيست-يديعوت

2017-12-14

الخطاب الاسرائيلي شديدُ النقد الذاتي اللاذع حول «الوضع». وثمة موسيقى خلفية لحياتنا العامة من النوع الباعث على الاكتئاب؛ سيمفونية متواصلة من «التذمر الاسرائيلي». على هذه الخلفية من المفاجئ ان نقرأ جدول الديمقراطية للعام 2017 والذي أجراه فريق بحث برئاسة البروفيسور تمار هيرمان من المعهد الاسرائيلي للديمقراطية ورفع لرئيس الدولة: يتبين أنه في الجواب على سؤال ما هو وضع اسرائيل فإنّ قلة فقط تعتقد بأن الوضع «سيئ» أو «سيئ جدا». نحو الثلث يجيبون «نصف نصف»، والمجموعة الكبرى، نحو نصف المواطنين، يقدرون بأن الوضع «جيد» أو «جيد جدا».
هذه ليست شهادة لمرة واحدة، نتيجة مزاج لحظي او خطأ في الاستطلاع: فالسؤال يطرح نفسه كل سنة، والرسم البياني يوجد في انخفاض متواصل. فاذا كان في 2003 نحو الثلثين متشائمين بالنسبة لوضع الدولة، فبعد خمس سنوات قل العدد الى النصف (34 في المئة)، وهذه السنة قلت مجموعة المتشائمين الى 16 في المئة فقط. وبالمقابل فان مجموعة المتفائلين، التي كانت في العام 2003 بمعدل 11 في المئة فقط، أصبحت الجناح السائد - 49 في المئة من الجمهور. فقد تحول الاسرائيليون من الأسود الى الوردي.
ويزداد الوردي وضوحاً عندما يتم البحث في الحالة الشخصية. أقلية طفيفة فقط (5 في المئة) يشعرون بحالة شخصية سيئة. والخمُس يقولون انهم «نصف نصف»، اما الاغلبية الساحقة (73 في المئة) فيقولون ان الوضع «جيد» أو «جيد جدا». وأكثر من ذلك: رغم أن نصف الاسرائيليين يعتقدون بأن الحياة في اسرائيل أصعب مما في معظم الدول الغربية، فان الغالبية الساحقة (81 في المئة) تعلن بانه حتى لو كانوا يحصلون على جنسية أميركية أو جنسية دولة اخرى في الغرب ما كانوا ليهاجروا. ماذا عن نظرية بيت العنكبوت لنصرالله؟ اضحكتمونا. «الصمود» هو نحن.
التفاؤل ليس تعبيراً للكبت الجماعي الذي يرفض النظر الى الواقع في العينين. فالمقاييس الدولية ايضا تضع اسرائيل كدولة مستقرة من ناحية الديمقراطية مقارنة بعموم دول العالم وتوجد في ميل تحسن في قسم من المواضيع على طول الزمن. في مجموعة دول الـ OECD، التي نريد أن نقاس بها وضعنا اقل جودة وان لم يكن سيئا مثلما يمكن التقدير من الشكاوى الدائمة. وعندما نأخذ بالحسبان الضغوط التي تمارس على اسرائيل من الحارة التي توجد فيها والشروخ العضال التي تميز مجتمعنا، نصل الى استنتاج انساني بالنسبة لحصانة اسرائيل.
ومع ذلك، ليس كل ما يلمع ذهبا. خلاف اساسي قائم في موضوع الهوية المناسبة لدولة حية ترزق. فالكثيرون يعتقدون بانه لا يوجد توازن مناسب بين العنصر اليهودي والعنصر الديمقراطي. نحو نصف الأصوليين والمتدينين الوطنيين يعتقدون بأن العنصر الديمقراطي اقوى مما ينبغي؛ وبينما معظم العلمانيين (61 في المئة) والعرب (74 في المئة) يعتقدون بان العنصر اليهودي اقوى مما ينبغي. هذا خلاف اساسي بآثار عديدة: مثلا، اغلبية كبرى من العلمانيين (79 في المئة) يعتقدون بان المتدينين يسيطرون بالتدريج على الدولة والمجتمع، والكثيرون منهم (55 في المئة) يخافون الا يتمكنوا من الحفاظ على نمط حياتهم. هذه المعطيات وكثيرة غيرها تفيد باننا في ذروة حرب ثقافية.
هل يمكن الاعتماد على الدولة بان تعرف كيف تسير حياتنا القومية في ضوء الخلافات والشروخ؟ الجواب الصاخب سلبي. معظم الجمهور لا يعطي الثقة للكنيست، الحكومة، والاحزاب. كما أن الموقف من المؤسسات الاخرى – المحكمة، الاكاديميا، وسائل الاعلام، منظمات حقوق الانسان والمواطن - ينشأ عن الانتماء للمعسكر اليميني و (الديني) مقابل اليساري. بمعنى أنها لا تعتبر كساحة موضوعية لمعالجة الحرب الثقافية.
ان الصورة الجماعية التي تنشأ عن جدول الديمقراطية تعكس صورة لمجتمع رجعي. دولة شابة توجد في سن المراهقة الوطنية الذي يتميز بمزاج متقلب، وتناقضات داخلية وعدم ثقة حول الهوية. وفي إطار ذلك تبرز إيجابيا حقيقة أن الأغلبية الساحقة من الجمهور، نحو 75 في المئة، تعتقد أنه رغم المشاكل الأمنية والاجتماعية الخاصة فان نوع نظام الحكم المناسب لإسرائيل هو الديمقراطية. فهل هذا دليل على بداية الانتقال من المراهقة العاصفة والمشوشة الى النضج الهادئ والمستقر؟