:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14302

إنـــــه الاعـــــتراف ولـــيــس الــعــقــار، يـــا غــبــي!-يديعوت أحرونوت

2017-12-18

كله ضحك، ولكن مع حلول سنة على أدائه اليمين القانونية، يثبت دونالد ترامب رئاسته. في طريقه الأعوج، وبدعم من الحزب الجمهوري، ينجح ترامب في تنفيذ سلسلة من الوعود في حملته الانتخابية: تغيير تشكيلة المحكمة العليا، القيود على الهجرة، تقليص الانظمة الادارية، الاصلاح الضريبي الذي يحسن أساسا للقطاع التجاري والعشرية العليا والاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل، بما في ذلك هذا الاسبوع في الاماكن المقدسة لليهودية في البلدة القديمة.
لقد كان القانون للاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، والذي أقر في الكونغرس الأميركي في 1995، عليلا منذ البداية. فقد أمر القانون الادارة بالاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل وطلب اقامة السفارة الأميركية فيها «في موعد لا يتجاوز 31 أيار 1999». وتضمن القانون عقوبات مالية تفرض على مخططات البناء والترميمات في المؤسسات الدبلوماسية خارج الولايات المتحدة، اذا لم تستكمل اقامة السفارة في موعدها.
لقد خلق القانون مشكلة. فالصلاحيات الحصرية لادارة السياسة الأميركية الخارجية، بما في ذلك الاعتراف بالسيادة على الارض ومكان مدينة عاصمة أي دولة كانت، ممنوحة بقوة الدستور والتفسيرات للرئيس حصريا. يمكن للكونغرس أن يوصي، لا يمكنه أن يأمر الرئيس في كيفية التصرف. ومن اجل انقاذ القانون أضيفت اليه مادة تعيد صلاحيات القرار الى الرئيس: ابتداء من تشرين الاول 1998، قيل فيه إن من حق الرئيس أن يؤجل اقامة السفارة في القدس لفترة حتى ستة اشهر، شريطة أن يتوصل الى الاستنتاج «بوجوب اضطرار لتأخير اقامتها (السفارة) للدفاع عن المصالح الامنية القومية للولايات المتحدة».
وكما هو معروف، فان كل الرؤساء منذئذ وحتى اليوم وقعوا كل نصف سنة على وثيقة تسمى «القول الرئاسي»، الذي كتب فيها بالفعل بأن اقامة السفارة في القدس في هذا الوقت تعرض للخطر المصالح القومية – الامنية الأميركية. كما أن التوقيع أزال ايضا التهديدات المالية على وزارة الخارجية. ووقع الرؤساء الأميركيون على الوثيقة لاعتبارات سياسية، ولكن ليس أقل من ذلك لأن أحدا منهم ما كان يمكنه أن يسلم بتدخل الكونغرس الفظ في سياستهم الخارجية، فما بالك العمل بموجبه.
ولكن ماذا؟ تلك المادة إياها في القانون التي تسمح بتأخير تطبيقه، لا تتناول على الاطلاق الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل. فالرؤساء الذين سبقوا ترامب ايضا كان بوسعهم أن يفعلوا بالضبط ما يفعله هو: التوقيع على التأخير نصف السنوي في تنفيذ القانون على الارض، وفي نفس الوقت التوقيع على اعتراف رئاسي يعترف بالقدس كعاصمة اسرائيل. أما هم فقد قالوا غير ذلك.
وماذا يساوي الاعتراف بدون نقل السفارة؟ كل شيء. فالعقار ليس هو ما يقرر الامر. صحيح أنه دارج أن تقام السفارات في عواصم الدول، ولكن هذا هو عرف ليس أكثر. فمثلا، حتى قطع العلاقات الدبلوماسية في 1967 كانت سفارة الاتحاد السوفييتي في اسرائيل في رمات غان؛ هذا لم يجعل رمات غان عاصمة اسرائيل ولا حتى في نظر السوفييت. أما اعلان ترامب الموقع بالاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل فيثبت مكانة كهذه في كل المنظومة الفيدرالية الأميركية – وهذا هو التغيير الدراماتيكي، دون صلة بالمكان المادي للسفارة. فوزير الخارجية ومساعدوه يمكنهم أن يتملصوا من مسألة موعد التغيير في وثائق الدولة الرسمية، ولكنه لا بد سيأتي – وقريبا.
حين تبدأ القدس في الظهور كعاصمة اسرائيل في منشورات الادارة أميركية ومؤسساتها، فان الاتحاد الاوروبي ايضا سيكون مطالبا بأن يقرر ما هي عاصمة اسرائيل. وألا يكتفي، مثلما هو الحال الآن، بالقول إن القدس ليست كذلك. هذا يشرح الغضب الدبلوماسي في اوروبا على اعلان ترامب: فلا يوجد شيء كريه أكثر من قبل وزارات الخارجية في الاتحاد الاوروبي من قرارات ايجابية في مسائل الشرق الاوسط.
من السابق لأوانه أن نخمن كيف سيؤثر اعلان ترامب على المسيرة السياسية العالقة. فمنذ بدايتها اتفق المشاركون فيها على أن يبقى موضوع القدس والاماكن المقدسة فيها الى النهاية، بصفته الجوزة الأمنع على الكسر. أما ترامب فيقلب الترتيب؛ اعلاناته المباشرة وغير المباشرة تضع مسألة القدس كلها كنقطة بدء للمفاوضات. من يدري، لعل هذه هي «نقطة ارخميدس» التي منها سيكون ممكنا انقاذ كل المسيرة من الوحل الشال. ونأمل ألا يكون العكس.