صفقات التهويد في القدس: دعارة، فياغرا، وبلطجة!-هآرس
2018-01-07
«هل تريد فتاة؟ واحدة، اثنتين، كم تريد؟ كم عمرها؟». المتحدث هو متتياهو دان، رئيس جمعية «عطيرت كوهنيم» وأحد النشطاء جداً في مشروع الاستيطان في شرقي القدس. «الفتاة» وحبوب الفياغرا، إذا كانت ثمة حاجة، يقوم بعرضها على الفلسطيني صاحب العقار الذي تريد الجمعية وضع اليد عليه. جرت هذه المحادثة قبل عقدين. منذ ذلك الحين انتقلت الى أيدي الجمعية عدة عقارات.
تسجيل هذه المحادثة والتسجيلات الاخرى التي وصلت لصحيفة «هآرتس» تكشف ما يجري وراء الكواليس بالنسبة لمشروع السيطرة على عقارات الفلسطينيين في شرقي القدس. في هذه المحادثة يسمع دان وآخرون في الجمعية، بمن فيهم محامي الجمعية، ايتان غيفع، وهم يتحدثون بحرية عن طرق مختلفة من الوسائل المسموح بها لتحقيق الهدف، الى جانب الخدمات الجنسية (شريطة أن لا تكون الفتيات يهوديات). وهم يتحدثون ايضا عن طرق للضغط على البائعين الفلسطينيين، مثلا يوضح لهم أنهم اذا قاموا بوضع عقبات فان اجراء المفاوضات نفسها سيتم الكشف عنه وسيعرضهم للخطر.
في احدى الحالات وصف المحامي غيفع كيف يجب أن يتم الحديث مع أبناء عائلة صاحب العقار. «الآن هناك طريقتان»، أعطى مثالا على كيفية التوجه اليهم، «إما أن تغلقوا المكان وتنقلوه الينا وإما أن تذهبوا الى المحكمة، وهذا الامر سيكون فضيحة لكم: يتبين أن والدكم أو زوجك فعل ذلك من اجل اليهود، كمندوب عن اليهود. هناك طريقتان للقيام بذلك، إما بهدوء وإما بضجة. من الافضل لكم أن يتم بهدوء».
من اجل الحفاظ على هذا الهدوء يضيف دان عدة طرق لاخفاء آثار الصفقات: استخدام وسطاء وهميين، شركات مسجلة في الضرائب خارج البلاد، وشخص يسمى حي. شخص مقرب من دان في تلك الايام قال للصحيفة إن حي هو لقب لشخصية رفيعة في الكنيسة اليونانية الارثوذكسية، عمل مع رئيس جمعية «عطيرت كوهنيم» وساعده في وضع اليد على أملاك كانت للفلسطينيين واصبحت بملكية الكنيسة.
بشكل عام، يقيم دان علاقة وثيقة مع شخصيات عامة كبيرة بينهم وزراء واعضاء كنيست وكذلك رئيس بلدية القدس نير بركات. الى جانب ذلك، راكم دان على مدى السنين تجربة كبيرة في العمل الميداني. منذ الثمانينيات وهو يشكل عاملا رئيسيا في عمليات الشراء والسيطرة على العقارات في شرقي القدس من اجل اسكانها باليهود وذلك بطريقتين: استخدام اشخاص فلسطينيين وهميين، والحصول على العقارات من الدولة بعد أن ثبت أنها كانت في السابق بملكية اليهود. هكذا في الحي الاسلامي في البلدة القديمة يعيش اليوم حوالي ألف شخص يهودي مرتبطين بالمدرسة الدينية «عطيرت كوهنيم» وبالجمعية. هكذا ايضا ارتفع في السنوات الاخيرة الوجود اليهودي في قرية سلوان، التي يعيش فيها نحو 20 عائلة يهودية، معظمهم في حي بطن الهوى، الامر الذي يحتاج الى مرافقة أمنية لكل خروج من البيت.
في هذه المنطقة قاد دان عملية بناء بيت يونتان، وهو مبنى غير قانوني اقيم من قبل وسيط وهمي فلسطيني. حدّث فلسطيني من سكان سلوان في العام 2005 صحافيا في «هآرتس» هو ميرون ربابورت، كيف تطورت هذه القضية. حسب اقواله، بعد أن قام ببناء البيت وأسكن فيه عائلته، أخذه دان في رحلة استجمام في الولايات المتحدة تضمنت لقاء مع فتيات للمرافقة وزيارات في الكازينوهات. ذات يوم تركه رجال الجمعية وحده مع فتاتين واختفوا. في تلك الليلة دخل رجال «عطيرت كوهنيم» بحماية الشرطة المبنى وأخلوا منه عائلة الفلسطيني. هذه الادعاءات لم يقم دان بنفيها في أي يوم. التصرف الذي يبدو في هذه الحالة من شأنه أن يفاجئ من يذكر أن الزعيم الروحي لـ»عطيرت كوهنيم» هو الحاخام شلومو افنير، المعروف بالفتاوى المتشددة فيما يتعلق بحياء المرأة والفتيات الصغيرات وقدسية العائلة. ولكن القصة في سلوان ليست وحيدة. ايضا تبيّن التسجيلات التي وصلت لصحيفة «هآرتس» وجود اشارات إلى استخدام الطريقة ذاتها. «أنا سأعطيك المال»، قال دان للفلسطيني، «خذ من تريد، هل تريد فتاة، خذ معك فتاة». المحادثة بينهما كانت مفصلة. دان عرض فتاة أو فتاتين من أجل أن يختار صاحب العقار الفلسطيني واحدة منهما. تناقشوا حول عمر الفتاة (أن لا تكون كبيرة، بين 18 – 22 سنة) «روسية تفضل الفلسطيني». وتباحثوا ايضا بمساعدة اخرى (مساعدة للحصول على الفياغرا). «لقد كان كل شيء تماماً» قال دان لمحدثه بعد أن خرج الفلسطيني من الغرفة، واضاف: «هل يريد حقا فتاة؟ ألم تعرضي عليه اموراً كهذه في أي مرة؟ هو لا يعرف تدبر أمره وحده». الرجل الذي تحدث معه دان قال إنه لا توجد مشكلة في الحصول على «عاهرة»، غرفة من اجل اللقاء وحبوب الفياغرا.
في هذه المرحلة طرح دان شرطا على شريكه في المحادثة: «لا تحضر فتاة يهودية». الآخر قال: «لا يوجد اليوم فتيات يهوديات في إسرائيل، كل الفتيات روسيات وغير يهوديات». دان: «صحيح، هل أنت متأكد؟».
بعد ترتيب الامر عرض دان أن يقوم طبيب بفحص البائع الفلسطيني قبل تناول حبوب الفياغرا. في هذه المرحلة ثار محدثه «المشكلة أنك تتحدث عن كل الامور لكنك لا تنهي شيئاً، أنت تقول نحضر هذا ونحضر هذا وكل هذا يحتاج الى المال». اجاب دان: «أنت على حق، هذا يؤلمني ويضايقني».
في محادثة اخرى يعرض دان وسيلة اخرى لتليين البائع: «اذا كان يحب كثيرا الجنس فعندها تتعامل معه عبر هذا المجال».
تعهد للوسيط الوهمي
لا يتحدث دان فقط عن الخدمات الجنسية بصراحة، في محادثاته حول تسويغ الصفقات. في التسجيلات يذكر ايضا عدداً من الطرق الاخرى التي تميز «عطيرت كوهنيم» وجمعيات اخرى تعمل على تهويد شرقي القدس. مثلا، تعهد دان للبائع بأن يتم الشراء بوساطة وسيط وهمي. أنا أرتب هذا بحيث يقف شخص قوي له سمعة جيدة في الواجهة، من أجل أن لا يقوم أحد بافتعال أي مشكلة. وسمع وهو يقول «سنقوم بفعل ذلك قريبا، باذن الله». عندما يطلب البائع نقل المال عن طريق شركة مسجلة في الخارج، فان رجال «عطيرت كوهنيم»، الذين يملكون اكثر من عشر شركات وهمية مسجلة ضريبيا في الخارج، يتعهدون له بأنهم سيستخدمون شركة في جزر العذراء البريطانية.
اثناء المحادثة يظهر دان اهتمامه بمشكلات اخرى ربما تقلق البائع مثل مسائل غير محلولة مع ضريبة الدخل والبلدية، ويسأل ايضا بخصوص أبناء العائلة الآخرين وحقوقهم في العقار ويهتم بالوضع الصحي لهؤلاء الاشخاص.
مسألة ابناء عائلة صاحب العقار ظهرت في محادثة اخرى أجراها رجال «عطيرت كوهنيم» من اجل صفقة اخرى. هناك تم بحث طرق مختلفة لاقناع ابناء عائلة توفي والدهم، وذلك للاتفاق بشأن عقار كبير موجود بحوزتهم في شرقي القدس. ولكن الشخص المقرب من دان يسلط الضوء على مرحلة اخرى في هذه الطريقة: مرحلة تخفيض السعر. حسب اقواله، احيانا بعد أن يتم الاتفاق النهائي على كل شيء والتوقيع عليه، يأتي تهديد موجه للبائعين: اذا لم تتنازلوا عن العقار بسعر أقل بكثير مما تم الاتفاق عليه فسنقوم بنشر موضوع الاتفاق. عمليا، هذه طريقة ثابتة، التوقيع على الاتفاقات مع وجود نية مسبقة بعدم تنفيذها، على الاقل بخصوص السعر المذكور. «ما الذي يمكن للعربي أن يفعله؟» سأل، «أن يذهب ويطالب بالمال؟ أن يذهب الى المحكمة؟ هم يستغلون ضعفه. عندما سألت ماتي لماذا تخدعون الناس؟ اجاب نحن لم نخدع، ببساطة لن ندفع. هذه هي الطريقة التي يرى فيها الامور، هذا ليس احتيالا حسب رأيه، لا يستطيع أحد أن يقدم دعوى ضدهم».
المخمن أ. والمخمن ب.
أحد الاكتشافات في التسجيلات يتعلق بمعركة قضائية تجري الآن في المحكمة العليا بين «عطيرت كوهنيم» والبطريركية اليونانية حول مصير ثلاثة مبان في البلدة القديمة بيعت للجمعية من قبل البطريرك السابق. تريد الكنيسة الغاء الصفقة بادعاء أنها غير معقولة، حيث جرت من خلال الرشوة داخل المؤسسة في زمن البطريرك السابق اريانوس (الذي تمت تنحيته في اعقاب الصفقة)، رفضت المحكمة المركزية الادعاء بأن الثمن الذي دفع كان غير معقول، وفي هذه الايام تبحث المحكمة العليا في استئناف الكنيسة.
تبين التسجيلات أن ماتي دان عرف أنه على الاقل بالنسبة لأحد المباني، فندق البتراء قرب بوابة يافا، الثمن المدفوع – نصف مليون دولار – كان منخفضا بصورة كبيرة عن الثمن الحقيقي للعقار. قبل بضع سنوات من توقيع الاتفاق، في العام 2004، ثارت في محادثة بين الجمعية والكنيسة امكانية شراء «خلو» المبنى (الذي على الاغلب يكون أقل من نصف شراء الملكية أو التأجير على مدى بعيد). أحد المتحدثين في التسجيلات يقول إن «الخلو» يساوي 4 ملايين دولار، ودان يصححه ويقول إنه يساوي 1.3 مليون فقط. ولكنه يوضح أن هذا سعر حدد من قبل مخمن. الطرف الآخر يقول إنه حسب ما فهمه من المخمن «لو كان العقار مسجلا في الطابو لكان يساوي 10 ملايين دولار». «لو كان مسجلاً في الطابو» يصححه دان، «لكان يساوي 100 مليون».
اذا كان دان يبالغ فلا شك الآن بأنه يعرف القيمة الكبيرة للمبنى المكون من اربعة طوابق. واضافة الى النصف مليون دولار التي دفعت تضمنت الصفقة ايضا مبنى آخر محاذيا له باسم «البتراء الصغيرة»، رغم هذا الاسم إلا أنه مبنى كبير جدا، وحسب اقوال شخص له علاقة بالموضوع «هو وحده يساوي على الاقل مليوني دولار. وهذا يتضمن فضاءات تحت الأرض واسعة وموجودة في مكان مطلوب جدا، ليس هناك سائح يصل الى القدس لا يمر من هناك».
حسب ما هو معروف فان التخمينات، التي يتحدث عنها دان حول قيمة فندق البتراء، لم يتم طرحها في المحكمة، وبدل ذلك قدمت «عطيرت كوهنيم» تخمينات اخرى قدرت أن قيمة ملكية الفندق تساوي 1.2 مليون شيكل فقط. استنادا اليها قررت قاضية المحكمة المركزية، غيلا كلفيه شتاينيتس، بأن الثمن الذي دفع في نهاية الامر هو مبلغ معقول.
ولكن التسجيلات بين دان وشركائه تظهر شيئا آخر: كان من الواضح لهم أن حقوق المستأجر المحمية للفلسطينيين في المكان اقتربت من الانتهاء بموت شيوخ العائلة التي تشغل الفندق. من هنا فان قيمة المبنى يجب أن تكون مشابهة للمبنى الذي بيع دون سكان.
إن تفسير الثمن المفاجئ الذي بيع فيه المبنى في النهاية يمكن ايجاده في اللقاءات التي جرت مع البطريركية اليونانية، حسب ادعاء المقرب (الذي لديه توثيقات كبيرة من تلك الفترة) ربما يكمن التفسير فيما يسمى في التسجيلات حي. ومن المحادثات يتبين أنه يمكنه التأثير على سياسة الكنيسة فيما يتعلق بالعقارات التي كانت «عطيرت كوهنيم» معنية بها.
مثال على ذلك قدم في التسجيل الذي يتذمر فيه دان بخصوص صعوبة في تجنيد متبرعين لأحد المباني الذي يريدون شراءه، في هذه المرحلة بـ»خلو»، من الفلسطينيين الذين يعيشون فيه (في الوقت الذي تبقى فيه الملكية للكنيسة). «أنت تعرف أن هذا مغامرة» قال دان، «اليوم قليل جدا من الناس في العالم يعرفون ماذا يعني أن تشتري بـ»خلو»، هذا يظهر لهم أشبه بأخذ النقود ورميها على الارض». محدثه يسأل: ولكن اذا كانت لك صلاحية من حي؟ والقصد هو اذا كانت الصفقة مصادقا عليها من الكنيسة فان لهذا معنى كبيرا من ناحية قدرة الجمعية على الاحتفاظ بأيديها بالمبنى لسنوات طويلة. «حي، ليس أمرا يمكن الكشف عنه»، قال دان.
ماتي دان والمحامي غيفع لم يردا على المقال.