أحمد نصر جرّار يُدوّخ جيش الاحتلال
2018-02-05
كانت أكثر من ثلاثة أسابيع مرت، كفيلة باعتراف جيش الاحتلال بإخفاقه في اعتقال المطارد أحمد نصر جرار (23 عاماً) من وادي برقين غرب جنين، والذي يتهمه الاحتلال بتنفيذ عملية نابلس مطلع الشهر الماضي، فتمكّن من الاختفاء عن الأنظار كالشبح، كما قالت إحدى الصحف العبرية، أمس.
وانتقلت قوات الاحتلال إلى المناطق الجبلية المحيطة ببلدة برقين غرب جنين، حيث شنت بغطاء جوي حملة تفتيش واسعة شارك فيها المئات من الجنود، وذلك في إطار مهمة البحث عن جرار، الذي أقر جيش الاحتلال بأنه أفلت من قبضة جنوده ثلاث مرات منذ أن بدأت عملية مطاردته.
وقال شهود عيان: إن قوات الاحتلال واصلت، أمس، لليوم الثالث على التوالي اقتحام بلدة برقين، ودهمت المنطقة الجبلية المعروفة "رأس المطلة"، وهي منطقة جبلية تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من البلدة على الطريق التي تربطها ببلدة كفر دان المجاورة، وغير مكتظة بالسكان، وشنت حملات تمشيط وتفتيش واسعة في الكهوف أطلقت خلالها الرصاص وقنابل الصوت وسمع دوي أصوات انفجارات.
وانسحبت قوات الاحتلال من جديد إلى خارج بلدة برقين دون تحقيق هدفها المعلن في النيل من جرار، بعد أن كانت اقتحمت البلدة للمرة الثالثة على التوالي خلال أقل من شهر، والثانية خلال أقل من 12 ساعة، وحاصرت منزلين لأقارب جرار الذي يتهمه الاحتلال بتنفيذ عملية نابلس، والتي قتل خلالها أحد حاخامات المستوطنين ويدعى أزرائيل شيفح.
واستقدمت قوات الاحتلال، تعزيزات عسكرية وجرافتين إلى وسط البلدة بعد محاصرتها، إضافة إلى الاستعانة بطائرات عسكرية وأخرى للتجسس، فيما اعتلى قناصة الاحتلال منازل المواطنين، ومنعوا اقتراب أحد من المنازل المحاصرة.
وجاء ذلك، في إطار العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال منذ السابع عشر من الشهر الماضي بشكل يومي في معظم أنحاء جنين بحثاً عن جرار، وتركزت، أول من أمس، في قرية الكفير، حيث زعمت قوات الاحتلال أن جرار مختبئ في أحد منازلها، وطالبته عبر مكبرات الصوت بتسليم نفسه، لكنها انسحبت في وقت لاحق، واعتقلت عدداً من أقارب جرار، بعد دهم منازلهم وتفتيشها وتحطيم محتوياتها بالكامل.
ولم تكن برقين والكفير البلدتين الوحيدتين اللتين تعرضتا لانتهاكات الاحتلال، حيث اقتحمت تلك القوات قبل أيام بلدة عقابا جنوب شرقي جنين، بعد أن فرضت عليها طوقاً عسكرياً، وشنت عملية عسكرية واسعة في السابع عشر من الشهر الماضي، خلال اقتحام مخيم جنين واشتبكت مع المقاومين هناك، ما أسفر عن استشهاد أحمد إسماعيل جرار، وهو ابن عم المطارد جرار، إضافة إلى إصابة عدد من المواطنين، وإصابة عنصرين من قوات "يمام" الخاصة باغتيال واعتقال النشطاء الفلسطينيين، وهدم أربعة من منازل عائلة جرار.
وكشفت 27 يوماً عن فشل جيش الاحتلال، واشتعلت مواقع التواصل بالعديد من المنشورات التي أثنت على جرار، وأبرزت حالة التخبط الإسرائيلي في ملاحقته، رغم الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الاحتلال.
وأولت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أهمية كبيرة للمطارد جرار، حيث علقت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على عمليات الاقتحام الفاشلة لجيش الاحتلال لاعتقاله بعنوان "صاحب أطول عملية مطاردة حدثت في الضفة الغربية منذ سنوات".
وجاء في تلك الصحيفة: "خلال أسبوعين تمت ثلاث عمليات اقتحام، اثنتان منها خلال أقل من 24 ساعة الماضية، لمنازل أشارت معلومات استخبارية لوجود جرار فيها، لم تسفر عن اعتقاله".
وأضافت: "على ما يبدو أنها عملية هروب ناجحة، أو أنه في مخبأ جهز بشكل مسبق، وبعلم عدد قليل من مقربيه".
وتابعت: "إن وحدات خاصة، ووحدة جفعاتي المسؤولة عن مدينة جنين، وعناصر من وحدات حرس الحدود، كل أولئك يشاركون في ملاحقة أحمد نصر جرار، وتقديرات الجيش تقول: إن منفذ العملية مسلح، وإنه لن يختار تسليم نفسه حال تم العثور عليه، بل سيختار المواجهة".
وأشارت، إلى أن القصة بدأت عندما استطاع جرار وخلال 40 ثانية أن يكسر القواعد الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ويطلق النار مطلع الشهر الماضي على صدر مستوطن بالقرب من "حفات جلعاد" المقامة على أرض نابلس، ليرديه قتيلاً ثم ينسحب بسلام.
وأكدت: استنفرت بعدها أجهزة أمن الاحتلال كافة للبحث عن المنفذ، فنجحت في تتبع آثاره، ورصدت مكانه بعد مرور أسبوع على تنفيذ العملية، ليبدأ فصل المطاردة، وتبدأ خيبات أمل الجيش تجر إحداها الأخرى.
ففي الثامن عشر من الشهر الماضي، كانت المحاولة الأولى لاعتقال أحمد، وذلك بعد أن توجهت آليات قوات الاحتلال بكثافة نحو منزل والده الشهيد نصر جرار، واستطاع أحمد الإفلات بذكاء، ليتكرر المشهد في برقين.
وأكدت إحدى الصحف: "أصبح الجيش، وبعد أن فشل في اعتقال المطارَد جرار للمرة الثانية خلال الأسبوعين الماضيين، يخشى على ما يبدو من أن يفقد زمام الأمور في الضفة الغربية، فبات يتخوف من انفلات الحالة الأمنية وزيادة وتيرة عمليات عسكرية مشابهة لتلك التي نفذها جرار من قِبل الفلسطينيين".