:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14719

إعادة إنتاج الموقف الفلسطيني -حمادة فراعنة

2018-02-22

استبق الرئيس الفلسطيني، إعلان الرئيس الأميركي عن صفقته لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كي يُعلن من على منصة أهم منبر عالمي مبادرته وموقفه وخلاصة رؤيته الفلسطينية لتسوية الصراع على أساس حل الدولتين ووفق معايير وخطوط وقرارات الشرعية الدولية، وبذلك قطع الرئيس محمود عباس الطريق على دونالد ترامب، لعله يُجبره لأخذ الموقف الفلسطيني في عين الإعتبار عند إعلان صفقته السياسية نظراً لتطابق الرؤية الفلسطينية مع قرارات الأمم المتحدة والتي سبق للولايات المتحدة أن شاركت ووافقت على صياغتها مثل القرارات 242 و 338 و 476 و 478، أو سهلت تمريرها كالقرار 2234.
فالرئيس الأميركي منذ أن أعلن عن قراره الإعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية ونقل سفارته من تل أبيب إليها، وهو يجد التعارضات الدولية ضد سياساته بشأن فلسطين، حتى من أولئك الذين يعتبرون أصدقاء مقربين للولايات المتحدة كما حصل في دورتي التصويت في مجلس الأمن خلال شهر كانون أول 2017، رداً على قراره المشين يوم 6/12، حيث تضامنت 14 دولة مرتين بما فيهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد، في عملية التصويت ضد صوت واحد هو موقف الولايات المتحدة؛ ما يعكس عزلة السياسة الأميركية وتفردها وعدم قدرتها على تمرير مواقفها المتطرفة الداعمة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والمعادية لحقوق وتطلعات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني المشروعة.
سياسات تل أبي المتطرفة المؤيدة من قبل واشنطن فتحت بوابات التفهم الدولية لشرعية المطالب الفلسطينية ، والإسهام في تسويقها وإعلان شأنها كما حصل في إستقبال وزراء خارجية المجموعة الأوربية 28 في بروكسل يوم 22/ كانون ثاني 2017 ، حين إستمعوا لخطاب من الرئيس الفلسطيني طالبهم بالإعتراف بالدولة الفلسطينية أسوة بأغلبية دول العالم حيث يعترف بفلسطين 138 من أصل 193 دولة ، كما حفزت السياسة الإسرائيلية الأميركية المتطرفة ، في مقابل سياسة الرئيس الفلسطيني الواقعية الموضوعية ، ولأول مرة لأن يلقي خطاباً هاماً أمام مجلس الأمن يوم 20 شباط ، عارضاً ملخصاً للموقف الفلسطيني معتمداً في ذلك على حصيلة السياسات المتقاطعة المتداخلة والقواسم المشتركة ما بين الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية مع قرارات الشرعية الدولية .
الرئيس الفلسطيني ألقى خطابه أمام مجلس الأمن ولم ينتظر الرد الإسرائيلي كما جاء به مندوب المستعمرة الإسرائيلية دان دنون والذي ندد بموقف الرئيس وإعتبره جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل، كما لم يسمع المندوبة الأميركية الصهيونية نيك هيلي التي عبرت عن أسفها؛ لأن الرئيس الفلسطيني لم ينتظر سماع ردها على مبادرته.
قد لا يكون جديداً لدى الرئيس الفلسطيني، فهو أعاد إنتاج مواقفه المتقاطعة مع القرارات الدولية، ولكنه من المؤكد أنه سبق وأن عرض موقفه على موسكو وبكين وباريس، وشجعوه على مواصلة خياره، الذي لا خيار له وأمامه سواه، ولذلك أعاد تأكيد المؤكد، وواضح أن دائرة التفهم والتأييد للشعب الفلسطيني ومطالبه واستعادة حقوقه تجد الاستجابة والتعاطف من كبار صانعي القرارات الدولية، بدلالة التصويت في مجلس الأمن، والجمعية العامة، وقرارات اليونسكو، والتحول الأوروبي الذي يقترب تدريجياً خطوة خطوة باتجاه دعم وإسناد المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، ويبتعد خطوة وراء خطوة عن المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي.
قد تكون ردات الفعل السريعة من قبل تل أبيب وواشنطن، سلبية كما عبر عنها الصهيونيان الإسرائيلي دانون والأميركية هيلي، ولكن لندقق في رد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية قولها :
إذا رأينا في مرحلة ما أن دولاً أخرى قد تكون مفيدة لعملية السلام، فسوف نرغب بالتأكيد في مشاركتهم “ وأضافت “ هل الوقت مناسب لذلك الآن ؟ لست على يقين من أننا قررنا ذلك، لكن هذا بالتأكيد شيء قد يحدث في المستقبل”، كما جاءت تصريحات عضوي الكونغرس الأميركي في عمان الجمهوري ليندسي جراهام والديمقراطي كريستوفر كونز، لتصب في مجرى التفهم والتعديل الأميركي، “ وأن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو موقف أميركي متخذ منذ عقود “ ولكن “ الإعتراف لا يستثني حل الدولتين الذي تدعمه واشنطن كإطار ومرجعية لعملية السلام، واحتمالية أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية “، كما قال غراهام، وأعاد السيناتور كونز الموقف نفسه بقوله “ إن أميركا تدعم حل الدولتين، وأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل لا يعني إنهاء القضية، ونحن نتخذ مزيداً من الخطوات للمستقبل من بينها أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين “.
الإشارات الواردة من تصريح وزارة الخارجية رداً على خطاب الرئيس الفلسطيني حول توسيع قاعدة الرعاية لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية محتملة، وتصريحات عضوي الكونغرس حول القدس الشرقية، يُفسر موقف الرئيس الفلسطيني عدم رغبته بالقطع مع الأميركيين، ورهانه على تحول ما في الموقف الأميركي لصالح الاقتراب من الموقف الفلسطيني، وهذا يُفسر التأكيد على إعادة إنتاج الموقف الفلسطيني بما لا يحمل أي جديد في مضمون خطاب أبو مازن أمام مجلس الأمن.