:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/14864

الانفجار الفلسطيني القادم-يديعوت

2018-03-19

سيماء شخصية علاء قبها، «المخرب» الذي دهس حتى الموت جنديين وجرح اثنين آخرين، ليست استثنائية بين الشبان الفلسطينيين: معتقداته، مشاعره، ولا سيما الكراهية والرغبة لديه في الانتقام من اسرائيل بشكل عام ومن الاحتلال بشكل خاص، لا تختلف عنها لدى الكثير من الشبان الفلسطينيين في بيت لحم، نابلس، الخليل، أو غزة. في واقع «المناطق»، هو ايضا يائس، محبط، وخائب الأمل. وعليه، فانه من أجل قتل الجنود ما كان يحتاج لأوامر من «حماس»، «الجهاد»، أو «فتح»، ولا لذكرى المئة يوم على تصريح ترامب حول القدس أو التحريض المعربد في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية.
بقي صندوق أدوات الكفاح السياسي الفلسطيني فارغا: فليس لهم سند عربي، ولا اوروبي، والامم المتحدة، على حد فهمهم، أصبحت ساحة للمناكفة اللفظية عديمة المنفعة العلنية. أميركا ترامب، منذ قرار نقل السفارة، هي عدو حقيقي، وروسيا بوتين ليست حقا معنية بهم. ومن اسرائيل، ولا سيما منذ حكم اليمين، ليس لهم ولا ذرة امل سياسي. العكس هو الصحيح: أمام عيونهم يتشكل في «المناطق» واقع دولة ثنائية القومية من العداء والاغتراب، والتي هي وصفة لتصعيد النزاع وتسريع «الارهاب».
ما تبقى للفلسطينيين من ناحيتهم هو صندوق أدوات «الارهاب». ومع أن المخابرات والجيش الاسرائيلي وكذا السلطة الفلسطينية تبذل جهودا وتنجح في احباط ومنع «الارهاب» المنظم لمنظمات «الارهاب»، فليس بوسعهم احباط «الارهاب» العفوي للأفراد، والذي أصبح في السنوات الأخيرة نمط عمل منتشرا.
علاء كبها، مثل «مخربين» كثيرين عملوا وحدهم، لم يكن بحاجة الى التخطيط ولا الى السلاح والشركاء. من المعقول الافتراض بان قراره بالقتل اتخذه في اللحظة التي لاحظ فيها الجنود: حسب تقارير المخابرات الاسرائيلية في الاشهر الثلاثة الاخيرة نفذت نحو 400 محاولة «ارهابية» في الضفة وفي القدس، وُصفت كلها عمليا كمحاولات فردية.
«ارهاب» الافراد، الذي اصبح النمط السائد في السنوات الاخيرة، يحظى بتعاطف فلسطيني بسبب الإسناد الذي يتلقاه من الجمهور والقيادة الفلسطينية. فبعد لحظة من العملية في نهاية الاسبوع، دخل «المخرب» الى قائمة «الابطال» الفلسطينيين: فقد نشر بوستر على شرفه واطلقت تمجيدات للقتل الذي نفذه. وبعد أن تحاكمه المحكمة العسكرية لعدة مؤبدات، سينضم الى بضعة آلاف من «المخربين» الفلسطينيين المحبوسين والى قائمة اكثر من 600 الف فلسطيني اجتازوا بوابات السجن الاسرائيلي منذ 1967. اما السلطة الفلسطينية من جهتها فستتصرف حسب قوانينها وتمنحه وتمنح ابناء عائلته راتباً ومخصصاً.
لا ينبغي أن تكون ثمة أوهام: خطوات العقاب الإسرائيلية، مهما كانت ثقيلة – مثلا اقتراحات لتصفية «حماس» أو حل السلطة وفرض عقوبات اقتصادية – لن تخفض مستوى الكراهية لاسرائيل او مستوى الدافع لمواصلة «الارهاب». إذ ان «ارهاب» الافراد يتم في الوقت الذي تحدث فيه في المجتمع الفلسطيني الهش تغييرات بعيدة الأثر: قدرة الحكم في مناطق السلطة تضعف، مخيمات اللاجئين الغارقة بالسلاح تقترب من الفوضى، و»حماس» تسيطر على مراكز القوة المدنية (ولا سيما في الجامعات والاتحادات المهنية). أضيفوا الى هذا المشاكل الاقتصادية، البطالة المستشرية في اوساط الشبان المتعلمين والاحتكاك مع المستوطنين واستمرار سياسة الضم الاسرائيلية، فاذا بكم تحصلوا على سلسلة من السياقات التي تقصر الفتيل الذي يؤدي الى الانفجار المتجدد لبرميل البارود في «المناطق».