الحكومة والمستوطنون یريدون الارهاب -هآرتس
2018-03-26
الثورات تتطلب الضحايا. لا توجد ثورات دون دم وعنف وعرق ودموع. المؤسسة الاستيطانية هي المؤسسة الثورية التي تعمل داخل المجتمع الإسرائيلي وتقوضه من الداخل، ومثل أي مشروع ثوري ناجح، تنجح في تغيير الواقع.
بسبب المستوطنين، لن تكون هناك دولتان لشعبين بين البحر والأردن. وسوف تكون إسرائيل دولة ثنائية القومية، تفرض نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن الإنجاز الثوري لحركة الاستيطان لم يكتمل بعد.
لم تحقق ثورة المستوطنات جميع أهدافها بعد. هذه حركة تبشيرية تؤمن بأن الله وعد اليهود بهذه الأرض. ولن يهدأ لها بال حتى يتم بناء «الهيكل» في القدس. لكن الفلسطينيين لم يستسلموا بعد. لم يتخلوا بتاتا عن رغباتهم القومية، ولم يتم استيعابهم في المملكة الأردنية.
المستوطنون يحتاجون إلى عامل يواصل تعبئة الجمهور الإسرائيلي، الذي ينغمس معظمه في الحياة البرجوازية داخل الخط الأخضر، عالقا في الاختناقات المرورية، ويخطط لقضاء عطلة، ويسعى للحصول على قروض، ويطور سيرة مهنية، ويبحث عن معلمة خاصة لتدريس الحساب للولد، ويسأل عما سيتناوله على مائدة العشاء.
يحتاج المستوطنون إلى شيء من شأنه إثارة الناس، وإلهام الحماسة القومية، وإثارة الإعجاب بهم، وعدم القيام بأي شيء حيالهم. لهذا السبب يحتاج المستوطنون إلى «الإرهاب» الفلسطيني. إنه يخدم غرضهم. لقد قال حاخام كوخاف هشاحر، أوهاد كراكوفر، عندما قام برثاء عديئيل كولمان، الذي قتل في تفجير القدس: «لقد تمت التضحية بك على مذبح بناء القدس، المدينة المقدسة». الأمور واضحة. المستوطنون مستعدون لتقديم تضحيات بشرية على مذبح ثورتهم.
هكذا يساعد «الإرهاب» المستوطنين. حزنهم على تضحياتهم حقيقي، وهكذا، أيضا، استخدامهم للضحايا من أجل نشر أيديولوجيتهم. في جنازات ضحايا «الإرهاب»، وفي المقابلات الإعلامية مع أقاربهم الحزانى، فور الإعلان عن الهجوم، يستخدم المستوطنون «الإرهاب» كمنبر لتوحيد الناس من حولهم وتجنيدهم لتحقيق الاختراق الثوري الذي يعملون عليه باجتهاد مثير للإعجاب.
وقد أعلن الوزير أوري اريئيل في جنازة كولمان: «يا إله الانتقام، انتقامنا هو الثبات، الاستيطان... يجب أن نغرس الهيكل في قلوب شعب إسرائيل ..».
العلاقة التي أوجدها المستوطنون بين «الإرهاب» ومشروع الاستيطان واضحة: فهم يرون في «الإرهاب» وقودا لدفع نظرتهم التبشيرية في العالم.
ومع كل هذه المأساة، فإنهم يحتاجون إلى هذا الوقود. دون «الإرهاب»، يمكن لثورة الاستيطان أن تفقد زخمها.
لقد ظن اليساريون، ذات مرة، أنه كلما كان الوضع أسوأ فإنه سيكون أفضل - وأنه من ظلام تنفيذ سياسة الجناح اليميني، سيستوعب الجمهور ضرورة التوصل إلى حل وسط مع الفلسطينيين.
لكن اليساريين، كالعادة في قضايا التكتيكات السياسية، كانوا على خطأ. لقد اتضح أنه كلما كان الوضع أسوأ كان أفضل لليمين.
لدى المستوطنين مصلحة واضحة في تشجيع وتغذية وحفظ الإرهاب على نطاق ضيق. قليل من الإرهاب جيد لهم. الكثير من الرعب قد يقلب كفة الميزان ضدهم.
إن استعداد المستوطنين لمواصلة تقديم التضحيات البشرية على مذبح ثورتهم يقربهم من النصر النهائي. الإرهاب الحالي يجبي ثمنا من بينهم في الأساس. وهذا يزيد فقط من الإعجاب بهم من قبل الإسرائيليين، الذين يعيشون داخل الخط الأخضر، الذين هم قوميون ينظرون إلى المستوطنين باعتبارهم رواد جيلنا.
كل مستوطن يقتل في الهجوم يقوي التزام الجمهور بجدول أعمال المستوطنين.
من المريع أن نقول هذا، لكن يجب أن نرى الواقع بعيون رصينة: الحكومة الإسرائيلية ليس لها مصلحة في وقف «الإرهاب» بشكل كامل.