ماذا وراء«التحرش» العسكري الإسرائيلي بغزة؟!
2018-04-12
منذ انطلاق فعاليات مسيرات العودة الكبرى في غزة أواخر مارس/آذار المنصرم، بدأ التصعيد الصهيوني تجاه القطاع يتخذ شكلاً مختلفاً؛ بحثاً عن مخرج ممكن للتخلص من هذا السلاح الاستراتيجي الجديد الذي نجح الفلسطينيون ببراعة في استخدامه في وقت حرج.
مسيرات العودة شكّلت بكل فعالياتها وانصهار كل مكونات المجتمع الفلسطيني فيها، إزعاجاً كبيراً للاحتلال، ووضعته أمام تحديات ربما لم تكن في حسبانه، سيما مع جبهة القطاع التي دائماً ما تشهد عدواناً "إسرائيلياً" يستدعي ردّ المقاومة، مما يخلق حالة من توازن الرعب.
استهدف الاحتلال الصهيوني في الآونة الأخيرة مواقع المقاومة في غزة أكثر من مرة، ليس رداً على صاروخ هنا أو قذيفة هناك، بل بهدف استجلاب ردود فعلٍ منها تمكنه من تسخين جبهة غزة.
محاولة الاحتلال التحرش بالمقاومة الفلسطينية يهدف لاستجلاب ردود فعل تؤدي لتسخين الجبهة على حدود قطاع غزة
دوافع الاحتلال لهذا الهدف جعل المشهد في القطاع وكّأنه في حالة اشتباك عسكري، وبالتالي تفقد مسيرات العودة قيمتها السلمية، ويعطي مزيد من المبررات للجيش لاستهداف أكبر عدد من الفلسطينيين على حدود غزة خلال الفترة المقبلة، بهدف إحداث حالة من الردع.
الاحتلال يحتاج في هذه المرحلة إلى التصعيد، كي يجد المبرر لإفشال مسيرات العودة وتحويل المواجهة إلى عسكرية.
يحاول الاحتلال أن ينزع من الفلسطينيين سلاح التعاطف، وذلك من خلال محاولة جر المقاومة لمربع الاشتباك، وبدا هذا من خلال العدد الكبير من القتلى في صفوف المتظاهرين خلال المسيرات في محاولة لإرهاب المتظاهرين واستعادة الردع بعد مشاهد التسلل الأخيرة، وضرب الآليات الهندسية وحرقها
ومع استعداد الفلسطينيين في قطاع غزة للمشاركة في الجمعة الثالثة من مسيرات العودة الكبرى، التي أطلقوا عليها "جمعة رفع العلم الفلسطيني وحرق العلم الصهيوني" بات الاحتلال يشعر بالضغط الشديد.
مسيرات العودة شكلت ضغطاً شديداً على الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، حيث توقفت تدريباته الدورية الهادفة لتطوير قدراته وفق خطة جدعون، وتوقف مشروعه الدفاعي الأهم ضد غزة والمتمثل في الجدار الأرضي
باتت منطقة الحدود منطقة رخوة، والاحتلال بحاجة لمزيد من القوات لحمايتها، وعملية العسكرة ومحاولة جر رد من المقاومة تأتي بهدف إنهاء مسيرات العودة، وإنهاء الحالة الأمنية المعقدة التي تسببت بها من وجهة نظر الاحتلال.
بالرغم من ذلك، فإنّ المقاومة والاحتلال يرسمان قواعد الاشتباك فيما بينهما باستخدام النار، وكل منهم لا يريد الانجرار للحرب خلال الفترة الحالية، نظراً للمعطيات الإقليمية والدولية فالاحتلال مشغول بالشمال، والمقاومة ترى أن المحيط لن يساعدها لرد العدوان.
سيشهد قطاع غزة حالة من التصعيد، سيما مع نبرة التهديد المتصاعدة رداً على المسيرات، إلا أنّ المقاومة الفلسطينية تعي الأهداف التي يريد تحقيقها الاحتلال حاليا، وهي تحاول تفاديها مع المحافظة على معادلة الردع، لكن احتمالية أن تتطور الأمور لحرب ما زالت واردة في حال تجاوز المعادلة من الطرفين