:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/15081

دولـــة فــي السـبـعـين مسجـونـــة في قفــص حقـيـقـي-هآرتس

2018-04-19

تحتفل دولة إسرائيل بعيد ميلادها السبعين وكأنها فقط مرشحة لأن تكون دولة، بهذا القدر خوفها عميق جدا على وجودها. ليس فقط بسبب اعدائها الخارجيين الحقيقيين والوهميين.
هي تقوي الجيش الاكثر قوة في الشرق الاوسط والاستخبارات الافضل في العالم (حسب ادعاءاتها)، هي مقبولة في العالم كدولة جديرة ومتطورة ومزدهرة ودولة هاي تيك، مع ذلك هي تشبه مجمعا تجاريا فاخرا مليئا بالمحلات الفاخرة المحمي بأفضل قوات الحماية، ولكن الزبائن غير راضين وخائبو الأمل ومحبطون، وبالاساس يشعرون بأنهم مخدوعون.
لقد وعدوهم بقصر ثقافي، مركز لتطوير القيم، شركة جديدة ومقابل مناسب للثمن الباهظ الذي دفعوه. وبدل ذلك هم يرون بخوف كيف أن استثماراتهم وأموالهم تتهاوى بسرعة نحو الحضيض.
دولتهم تحولت من الأسود إلى الابيض، على سبيل المثال شرقية واشكنازية، مواطنوها منقسمون الى قوميين وخونة وعرب.
الخدمة في الجيش التي كانت ستستخدم كبوتقة صهر تحولت إلى اختبار حصري للمواطنة والانتماء والكارثة، أي ضرورة منع تكرارها، حولت المجتمع الاسرائيلي الى جلعاد انساني لا أكثر من ذلك، تشريع متعصب يهدد باعادتها إلى عهد التوراة والتثنية والتلمود، حيث هويتها تملى من قبل حفنة من المؤكد أنها اختيرت من قبل الله.
ما زالت اسرائيل بعد سبعين سنة مسجونة في قفص، قفص حقيقي مع جدران سميكة ومهددة تحيطها من كل جهة، وفقط جدار واحد لم يتم بناؤه وهو الذي يفصل بين ارض الاستيطان والدولة التي اقيمت باعتراف دول العالم قبل سبعين سنة.
ارض التلال هذه تحولت إلى بطاقة هوية لإسرائيل. من دولة مستقلة قامت بنسج ثقافتها وقوانينها حول المسيحانيين في ارض اسرائيل الكاملة غير المعترف بها، ذريعتها الاساسية هي الخطر الذي يهدد وجودها كدولة مدنية، الجهود الكبيرة، الوحشية والظالمة، لمنع دخول طالبي اللجوء السود كي لا يلوثوا هوية الدولة اليهودية، تجاهلت الفساد والتشويه والظلم التي اغرقت الدولة من الشرق.
السياسة الاسرائيلية موجهة بحرص وبتصميم من اجل ارضاء طموحات سكان هذه البلاد الغريبة.
الهوية القومية للدولة الاسرائيلية مرتبطة بشهادة تأهيل من حاخامات ظلاميين، بارونات العقارات غير القانونية وأخطار عنصرية.
الديمقراطية الاسرائيلية مشوهة حتى جذورها، لأن المواطنين الذين اختاروا العيش في بلاد ليست لهم يحددون اساساتها، نظام القضاء تحول إلى ممسحة فقط لأنه لا يرضي سلطة الاقلية الاستيطانية.
مؤسسات ثقافية وكتب تعليمية وأدب جميل مهددة بسوط الميزانية الذي يجلدها بسبب الانحراف عن التعريف الوطني الذي صيغ على تلال عيلي وبيت عاين.
هذا عقاب من الدولة التي حققت انجازا كبيرا عندما حظيت بحدود معترف بها أعطتها الفرصة التاريخية لخلق أمة اسرائيلية، لكنها تنازلت عن هذه الفرصة وفضلت أن تكون بلا حدود.
لقد سوقت فكرة «الحدود الآمنة» التي ترتكز على مساحة كبيرة وعلى عازل من التضاريس الصخرية وعلى وعد الهي. ولكن هذه الحدود الآمنة تسحب من الدولة قيمها الجوهرية وتحولها الى دولة تابعة تدور حول قمرها هي نفسها.
هكذا دمرت الارض الموعودة والدولة الموعودة، وهي آخذة في الانجذاب الى داخل الثقب الاسود الذي لا يعرف الشبع.
تستحق دولة ابنة سبعين سنة أكثر من ذلك. فهي تستحق أن تكون لها حدود، ليس بسبب القانون الدولي أو الاعتراف الدولي – هي تحتاج اليها من أجل أن تستطيع تحديد هويتها، ماهيتها ومستقبلها.
الحدود مطلوبة من اجل أن يستطيع مواطنوها أن يكونوا اصحاب البيت، لثقافتهم وقوانينهم واحلامهم. حدود وليس جدرانا، هي الهدية الرائعة التي يمكنها أن تمنحها لنفسها ولمواطنيها في يوم ميلادها.