:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17150

القدس تدفع ثمن الانقسام الفلسطيني والتفكك العربي

2018-10-28

تتصاعد وتيرة الانتهاكات اليومية في مدينة القدس المحتلة، من قبل سلطات الاحتلال، بما في ذلك حملات اعتقالات لصحافيين وناشطين سياسيين، طالت محافظ مدينة القدس، عدنان غيث، ومدير مخابرات ضواحي القدس في السلطة الفلسطينية، العقيد جهاد الفقيه، وذلك في إطار إسكات أي محاولة للتصدي لتسريب العقارات في القدس للجمعيات الاستيطانية، بعد تسريب عقار آل جودة الحسيني في عقبة درويش بالقدس القديمة شمال المسجد الأقصى المبارك، عبر سماسرة لجمعيات استيطانية.
وتشهد المدينة المحتلة انتهاكات عديدة في عمليات اقتحام مباشر لمنازل واعتقالات مواطنين وهدم بيوت في الأحياء المحيطة بالقدس، في انعكاس واضح لـ"قانون القومية" العنصري ولفرض أمر واقع في القدس، بهدف إحكام السيطرة الاحتلالية، أمنيا وسياسيا، على القدس وقمع كل من يحاول التصدي لهذه السيطرة.
وقال الناشط المقدسي، راسم عبيدات، في حديثه لـ"عرب 48" إن "ما يقوم به الاحتلال من خلال هذه الاعتقالات يندرج ضمن حملة قمع لأي محاولة فلسطينية للتصدي لتسريب عقارات فلسطينية، والتي طالت إعلاميين وناشطين وشخصيات رسمية. على هذه الخلفية يقوم الاحتلال بتوجيه رسائل أمنية وسياسية للمواطنين وللسلطة الفلسطينية أنه على السلطة أن تعي وتفهم جيدا أن مسألة الأمن هي مسألة إسرائيلية بحتة، وأن أي محاولة للتدخل في مدينة القدس أو التحقيق مع مشتبهين في قضية العقار بالقدس ستقابل بحزم. وهذا يعني أن التنسيق الأمني الفلسطيني يخدم فقط مصلحة إسرائيل ومن يتعامل معها، وهو تحذير للسلطة الفلسطينية ألا تتجاوز النقطة الحمراء من وجهة النظر الإسرائيلية".
وأضاف عبيدات أن "الرسالة السياسية للاحتلال فهي أن مدينة القدس خارج إطار أي صفقة سياسية، وأن القدس عاصمة دولة الاحتلال الذي يريد أن يعزز من سيطرته على المدينة ويغير من طابع المشهد الكلي في القدس، ولذلك من الواضح أن هذه الانتهاكات ستتواصل".
"عرب 48": ما الذي يمكن فعله لحماية العقارات في القدس المحتلة؟
عبيدات: هناك ردود فعل قوية من قبل المقدسيين، ويدرك المستوى الرسمي أهمية وجود دور فاعل لحماية العقارات في القدس وضرورة التصدي لأي تسريب للعقارات في المدينة، وحمايتها من قبل الجمعيات الاستيطانية والتلمودية. ويجب التحذير من تضخيم النشر حول هذا الموضوع حتى لا يشرعن البيع ولا تخلط الأوراق لأن الهدف أحيانا إحداث حالة من الفوضى وإرباك المجتمع المقدسي وضرب الروح المعنوية لدى المقدسيين الذين يحافظون بغالبيتهم الساحقة على عقاراتهم وممتلكاتهم في القدس. علينا أن نعلم أن الاحتلال نجح في السيطرة على 80 عقارا فلسطينيا بعضها بالقوة وبعضها الأخير سُرب من قبل ضعاف النفوس، ويجب ألا نقلل من خطورة ذلك رغم نسبتها القليلة من أصل 5500 عقار إسلامي ومسيحي في القدس. وعلينا أن نعي أن الاحتلال يسعى بكل الطرق لتعزيز السيطرة على القدس وخصوصا بعد قرار ترامب نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس.
"عرب 48": هل تتحدث عن النشر الصحفي حول قضية العقار؟
عبيدات: لا أبدا، النشر الصحفي المهني الموجه مطلوب وضروري، ولكنني أتحدث عن النشر الواسع الذي يربك الحالة. أعتقد أن بعضهم مرتبط في ماكنة الإعلام الإسرائيلي أو المخابرات الإسرائيلية، وعملية الخلط ما بين البيانات والفيديوهات، وكل ذلك يضر في هذه المرحلة وبعضها محاولات لخلط الحابل بالنابل لإحداث إرباك للمقدسيين.
"عرب 48": في قضية عقار آل جودة، نشر على وجه التحديد فادي السلامين عن محاولة شراء العقار لحمايته وأثبت أن السلطة هي من أحبطت عملية إتمام شراء العقار، ومن ثم بيع لشخص يدعى خالد العطاري، وبالتالي كما نعلم سرب العقار لجمعيات استيطانية؟
عبيدات: نحن نقول بشكل واضح إن فادي السلامين حاول شراء العقار والسلطة أحبطت عملية شراء العقار تحت حجة وذريعة أن هذا الشراء سيتم من قبل عضو اللجنة المركزية المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، وبالتالي تخشى أن يتم تسريب العقار للاحتلال. وكان يفترض بالسلطة أن تسعى بشكل جدي وحقيقي لشراء هذا العقار ومنع تسربه للجمعيات الاستيطانية.
"عرب 48": هل تقوم السلطة بواجبها تجاه القدس؟
عبيدات: السلطة لا تقوم بواجبها تجاه القدس، وهناك قصور واضح في هذا الاتجاه، وهي لا تقوم بالمتابعة الجدية لقضايا القدس، ولا تضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة. بعض العاملين في أجهزة السلطة الفلسطينية، سواء الأمنية أو المدنية، يمثلوا حواضن لمن يقوموا بعمليات بيع وتسريب العقارات، ولا نتهم السلطة الفلسطينية. ولذلك يجب التدقيق في العاملين ورجال الأعمال وكل من يعمل في دوائر الأراضي، سواء في الأردن أو الخارج، لأن عمليات التسريب تتم بمعظمها بارتباط مع الخارج. وعلى السلطة أن تجري عملية مراجعة شاملة لسياستها وموظفيها ومتابعة المقدسيين بشكل جدي وحقيقي ودعم صمود وثبات المقدسيين.
"عرب 48": ما هو سبب اختفاء الدور العربي، هل هو انعكاس لحالة الانقسام الفلسطيني؟
عبيدات: القضية ليست فقط الانقسام الفلسطيني، ونتذكر القمة العربية التي عقدت في عهد الرئيس الليبي، معمر القذافي، في سرت، والتي خصصت 500 مليون دولار لدعم المقدسيين ومدينة القدس، ولم يصل منها سوى 78 مليون دولار تمثلت بمعدات طبية وأجهزة للمدينة، وكثير مما تسمعه عن الدعم العربي والإسلامي ما هو إلا فقاعات إعلامية وبيانات رسمية، وحقيقة الأمر وجود تراجع كبير للدور العربي والإسلامي، ونحن نقر أن الانقسام يلعب دورا هاما في إحجام الدول العربية والإسلامية عن تقديم الدعم بسبب الخلاف بين من يريد دعم "حماس" ومن يريد دعم "فتح".
"عرب 48": ماذا عن التماسك الاجتماعي والمد الشعبي الذي شهدناه في النضال ضد البوابات الإلكتروني أمام المسجد الأقصى، هل ينجح الاحتلال في تفكيك النسيج الاجتماعي في القدس؟
عبيدات: واضح أن الاحتلال يحاول اختراق النسيج الاجتماعي المقدسي وتدمير هذا النسيج. من خلال قراءتي المتواضعة للنضال ضد البوابات الإلكترونية في تموز/ يوليو 2017 ومعركة منع التطهير العرقي في الخان الأحمر، وجدنا أن هناك تلاحما وتكاتفا مقدسيا كبيرا في الحالتين، وهناك حالة استعادة وعي لدى المقدسيين على المستوى الاجتماعي والسياسي، لأن أي اختراق جدي وحقيقي سيلحق ضررا بالغا للقدس على المستوى الوطني والاجتماعي، وحتى على مستوى الأفراد. أعتقد أن الاحتلال لم ينجح في تحقيق اختراق جدي، ولكنني أقول بشكل واضح إن الحركة الوطنية والسلطة الفلسطينية فشلت في تحقيق حالة الوعي الاجتماعي في إطار التوعية من خطر بيع وتسريب العقارات، وهناك حالة من عدم الثقة بين الجمهور المقدسي والسلطة الفلسطينية، وحتى الأحزاب لا تقوم بواجبها تجاه المقدسيين، وهذا ما أوجد هذه الحالة، ويجب أن نعود إلى المسار الصحيح.