فلسطينيو اليرموك في جنوب دمشق يعوّلون على المساعدات لإعادة إعمار مخيمهم
2018-11-08
يعوّل أبناء مخيم اليرموك في جنوب دمشق، أكبر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، على مساعدة الجهات المانحة لينهض من ركامه بعدما حولته الحرب مكاناً مقفراً.
ويبدو المخيم الذي كان يؤوي قبل النزاع 160 ألف فلسطيني منحتهم دمشق كل حقوق المواطنة بما فيها حق التملك، باستثناء الانتخاب والترشيح، خالياً من أي حركة إلا من عدد من المهندسين والعمال وبضعة أطفال يشقون طريقهم الى مدرسة خارجه.
وتقول آمنة (46 عاماً)، وهي بين أقلية لم تغادر المخيم، “عشنا كابوساً مرعباً.. لكننا انتصرنا على الخوف وبقينا”.
في العام 2012، وصلت الحرب الى المخيم مع سيطرة فصائل معارِضة عليه ثم حصاره من القوات الحكومية ثم تسلل تنظيم الدولة الإسلامية إليه في 2015. وتسببت المعارك وأزمة إنسانية خانقة بمقتل العديد من السكان وفرار العدد الأكبر.
ورغم طرد التنظيم المتطرف من المخيم في أيار/مايو، يبقى اليرموك منطقة مغلقة يقتصر وجود المدنيين فيها على عشرات العائلات التي لم تغادر المخيم أو أفراد عادوا إليه مؤخراً.
وتضيف آمنة التي ارتدت عباءة سوداء وحجاباً أبيض، “لم تقتلنا الأزمة لكننا نحتاج اليوم لمن يعيد بناء المنازل حتى يتمكن أهلنا وجيراننا من العودة”.
وتقيم آمنة في منزل صغير لم يتضرر كثيرا مع شقيقتها ووالدتها. وتتابع “على الدول أن تساعدنا… حتى نتمكن من السير مجدداً”.
ولم ينجُ مبنى في المخيم من الحرب على ما يبدو. بعضها تصدع جزئياً والآخر سُوّي بالأرض. وتندر رؤية محال احتفظت بواجهاتها.
“قرار دمشق”
وفيما تكاد تنعدم مظاهر الحياة، يشكل الحي حيث تقيم آمنة مع بضع عائلات أخرى، استثناء، بعدما زينه جارها أبو بلال بألعاب وأراجيح “ليفرح الأطفال”. وعلق صوراً للرئيس بشار الأسد والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وراية لحزب الله اللبناني وخريطة لفلسطين.
ويقول الرجل (54 عاماً) العائد الى المخيم مؤخراً والذي يعمل في كنس طرق ترفع الأنقاض منها، “آمل أن تؤمّن الدول المانحة والأونروا وهيئة الأمم (المتحدة) الدعم لمساعدة المتضررين”.
واليرموك هو من أول أحياء العاصمة التي يجري رفع الركام منه في إطار مشروع بدأ تنفيذه قبل شهر ونصف، تموله منظمة التحرير الفلسطينية بالتنسيق مع السلطات. بينما يكرر قياديون فلسطينيون في دمشق أن بدء إعادة الإعمار ينتظر قرار الحكومة السورية.
وتترقب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بدورها هذا القرار. ويقول مديرها العام في سوريا محمد أبدي آدار “القضية الأساسية بالنسبة لنا هي ما هو مستقبل المخيم؟ هل ستسمح الحكومة للناس بالعودة أم لا؟”.
ويضيف “نطرح هذا السؤال منذ تموز/يوليو (…) وقبل أن نتمكن من فعل أي شيء، يجب أن نحصل على إجابة واضحة من الحكومة”.
وتواجه المنظمة التي سمح لها قبل نحو أسبوعين ببدء مسح أضرار منشآتها الـ23 في المخيم بينها 16 مدرسة، من أزمة تمويل حادة. يضاف اليها، وفق المسؤول الأممي، “قول العديد من المانحين إنهم لن يدعموا إعادة الإعمار في سوريا”.
ويضيف “لكن بالنسبة لنا، هذه ليست إعادة إعمار وانما إعادة تأسيس للخدمات”، معرباً عن اعتقاده بأن “إعادة الإعمار واستعادة الناس لكل الأشياء التي فقدوها، ستستغرق سنوات عديدة”.
وتقدر الأمم المتحدة كلفة الدمار في سوريا بنحو 400 مليار دولار. ودعت موسكو، حليفة دمشق، القوى العظمى الى المشاركة مالياً في إعادة الإعمار.
وفرّ 120 ألف فلسطيني من سوريا منذ بدء النزاع، بينهم عدد كبير من أبناء اليرموك.
تحديات
ويقر المهندس محمود الخالد، أحد أبناء المخيم وعضو لجنة الإشراف على رفع الأنقاض، بأن إعادة الإعمار “تحتاج الى دول ورؤوس أموال كبيرة جداً”.
لكنه يتحدث عن تحديين آخرين يسبقا إعادة الإعمار، الأول “اعادة البنى التحتية الأساسية من شبكات صرف صحي ومياه وكهرباء واتصالات” المتضررة كلياً. والثاني أن “تسهّل الدولة السورية عودة السكان بعد إنهاء الإجراءات الأمنية واللوجستية”.
ويرى أن القرار بالسماح بالعودة يمكن أن يدفع بعض المالكين الى بدء الترميم على نفقتهم الخاصة.
وكلف مجلس الوزراء مطلع تموز/يوليو وزارة الأشغال العامة والإسكان إنجاز مخططات تنظيمية جديدة لأحياء عدة في العاصمة بينها اليرموك.
وتقول قيادات فلسطينية إن هناك مخططا تنظيميا لليرموك يعود الى العام 2004، ويفترض أن تحصل إعادة الإعمار على أساسه، ما يعني استبعاد تطبيق القانون رقم 10 المثير للجدل الذي يسمح للحكومة بإقامة مشاريع عمرانية في منطقة ما، على أن يُعوض أصحاب الممتلكات بحصص اذا أثبتوا ملكياتهم خلال عام من إعلانها منطقة تنظيمية.
وبحسب مسؤول محلي سابق في المخيم، تمتلك الدولة السورية عشرين في المئة، من مساحة المخيم مؤجرة لصالح الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التي تعنى بشؤون الفلسطينيين في سوريا. أما ملكية بقية الأراضي فهي مسجلة بموجب عقود بيع أو وكالات من كاتب عدل غير قابلة للعزل بأسماء أصحابها الفلسطينيين أو السوريين.
ويرى واصل حميدة (29 عاماً)، الطالب في الدراسات العليا في قسم الاعلام، أن العودة ستكون “أمرا صعبا حالياً”.
ويقول الشاب النازح مع عائلته الى ضاحية قدسيا منذ 2012، “لا أظن أن اجراءات العودة معقدة ولكن لا مقومات” لذلك.
وتمكن واصل غداة استعادة القوات الحكومية للمخيم، من الوصول الى منزله “بعد رحلة زحف فوق الردم”.