:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17333

العنف مجد من جعلناه بطلا- يديعوت أحرونوت

2018-11-29

عملية الدهس في غوش عصيون أمس لا تبشر بالضرورة بموجة عمليات أو تغيير في أنماط عمل الإرهاب في الضفة. ولكن هذا تذكير أليم آخر على الغباء والوقاحة اللذين يميزان عمل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية. فبيديها تبني إسرائيل حماس – ليس فقط في غزة بل وفي الضفة أيضا. وللدقة: إسرائيل تبني يحيى السنوار كالزعيم الفلسطيني السائد. وعندما يقلع السنوار برعاية إسرائيل، فإن أبو مازن يفقد ما تبقى له من مراسي تأييد في الضفة. ومن هنا قصيرة الطريق حتى الانفجار المحتمل للإرهاب الكامن في الضفة – والعملية أمس هي فقط تذويقة صغيرة منه.
يشكل الأسبوعان الاخيران مثالا واضحا على هذه السياسة الشوهاء لتعزيز حماس وإضعاف السلطة – سياسة تخرج من مكتب رئيس الوزراء بينما القيادة الأمنية، لأسبابها هي، تقول وراءه "آمين". في 13 تشرين الثاني، بعد أن أكملت حماس إطلاق مئات الصواريخ نحو إسرائيل وقبل الكابينيت توصية الجيش بوقف النار، خرج الناطقون بلسان جهاز الأمن في حملة إعلامية شرحت لنا بان حماس ضربت بشدة، استجدت وقف النار وتجد صعوبة في التحرر من الصدمة التي تلقتها حين تبين لها بان قوات إسرائيلية سرية تتجول في القطاع دون أن تطلب اذنها.
قد يكون هذا صحيحا، ولكنهم نسوا أن يرووا لنا كيف حولنا زعيم حماس المشهر به إلى بطل قومي. يتعين على السنوار أن يقبل يدي نتنياهو على هذين اليومين الرائعين من المواجهة العسكرية مع إسرائيل واللذين احدثا دفعة واحدة ثورة دراماتيكية في مكانته.
قبل الكشف عن القوة الخاصة للجيش كان السنوار في إحدى نقاط الدرك الأسفل الأكبر في حياته السياسية. فقد اتهم بانه "باع" غزة مقابل حفنة دولارات (في الحقيبة القطرية). والكل هزئ به، السلطة الفلسطينية، وسائل الإعلام العربية، سكان غزة، وعرضوه كمن تخلى عن الكفاح الوطني. وبالتوازي، أعلنت الإدارة الأميركية عن جائزة بمبلغ 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن رقم 2 في حماس، صالح العاروري، المقيم في بيروت.
وفي نفس الوقت كانت حماس مستعدة لان تتوصل إلى حلول وسط بعيدة الأثر مع السلطة الفلسطينية كي تبقى على قيد الحياة يوما آخر. وعندها قدمت إسرائيل لحماس جميلا كبيرا واستجابت بشكل منهاجي، متوقع، عديم الطيران ومعدوم التفكير السياسي للتحدي العسكري الذي وضعته قبالتها. فاستقالة ليبرمان منحت حماس صورة النصر التي بحثت عنها. في اليوم الذي توقفت فيه النار أصبح السنوار الزعيم الفلسطيني المطلق.
من هنا تبدأ مسيرة جد خطيرة، من شأنها ان تؤدي إلى الانفجار ليس فقط في غزة، بل اساسا في الضفة. فقد دخل قادة حماس في حالة من الغرور. العاروري اياه، "المطلوب" للولايات المتحدة، وصل الأسبوع الماضي إلى القاهرة (أحد لم يفكر بتسليمه للأميركيين)، للمحادثات في موضوع المصالحة مع السلطة. يتبين ان كل الاتفاقات بين حماس والسلطة والتي تحققت في السنة الاخيرة من خلال المصريين شطبت وكأنها لم تكن.
وأعلن العاروري بانه ليس هناك أي حديث عن دخول وزراء من رام الله لإدارة غزة. في حماس يتحدثون عن تشكيل حكومة وحدة وطنية الآن، انتخابات الآن، دخول إلى م.ت.ف الآن. فضلا عن ذلك، وفد حماس برئاسة العاروري يجلس الآن أمام المصريين ويقدم لهم قائمة مطالب من إسرائيل، لا يوجد وضع تستجيب فيه إسرائيل لهذه المطالب.
يبدو أن العاروري في صدمة وحرج شديدين بسبب الضربات التي تلقتها حماس في الجولة الاخيرة، مثلما يعتقد خبراء الاستخبارات الإسرائيليين، في انه يسمح لنفسه بعرض مطالب هاذية. فقد طالب مثلا بتوسيع مساحة الصيد من 9 ميل إلى 20 ميل.
وكانت "اتفاقات" الجرف الصامد تحدثت عن حتى 12 ميلا. ولكن بعد الجولة الاخيرة تشعر حماس بانها على الحصان. كما أنها تطالب بخط كهرباء آخر من إسرائيل – بتمويل قطري – مع علم تام بان إسرائيل لا يمكنها ان تفعل ذلك، إذ انه في كل ما يتعلق ببناء البنى التحتية مطلوب الاذن من السلطة الفلسطينية، بل وازالة معظم القيود عن استيراد وتصدير البضائع من غزة.
ان وضعا يكون فيه النشاط العسكري والسياسي الإسرائيلي يعزز حماس ويحطم السلطة هو وضع غير منطقي، ويستدعي من إسرائيل اعادة النظر في المسار العسكري – والسياسي اساسا. عندما تضعف السلطة، تضعف اجهزة الامن الفلسطينية. ، فيما توضح إسرائيل له كل يوم كم هو العنف مجد. من هنا يندفع القطار في اتجاه واحد: التصعيد الأمني.