:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17465

منظمة المراقبين في الخليل تقول إن اسرائيل تخرق القانون الدولي - هآرتس

2018-12-20

المراقبون الدوليون الذين تم تشكيلهم قبل عشرين سنة لمتابعة ما يحدث في الخليل اصدروا تقرير داخلي شامل ينتقد بشدة اعمال اسرائيل في المدينة – هذا ما قاله الاشخاص الذين قرأوا التقرير وتحدثوا مع “هآرتس”، دون ذكر اسمائهم. هذه هي المرة الاولى التي يصل فيها محتوى تقرير الـ “تي.آي.بي.اتش” (الوجود الدولي المؤقت في الخليل) الى وسائل الاعلام. الوثيقة السرية تعدد سلسلة الخروقات للقانون الدولي من جانب اسرائيل وتتطرق الى الخليل كمدينة تقع تحت نير الاحتلال العسكري والمستوطنين. هذه المنظمة التي شكلت بموافقة اسرائيل من اجل اشعار الفلسطينيين بالأمن وضمان ازدهارهم، تقول إن الخليل مقسمة الآن أكثر من أي وقت سابق بسبب افعال حكومة اسرائيل والمستوطنين.
​“تي.آي.بي.اتش” تشكلت بأيدي اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اطار اتفاق “واي ريفر” التي وقع عليها في 1998 بين ياسر عرفات ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ولايته الاولى. صيغة سابقة لهذه المنظمة تشكلت في اعقاب المذبحة التي نفذها باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي في 1994 والتي قتل فيها 29 من المصلين المسلمين. في الصيغة الحالية تضم “تي.آي.بي.اتش” 64 مراقب من خمس دول مانحة: ايطاليا والنرويج والسويد وسويسرا وتركيا.
إن سمعة هذه المنظمة مختلف عليها والفلسطينيون ينتقدون كونها عديمة الاسنان. ولكن رغم قيودها فان مكانتها هامة اكثر من منظمات دولية اخرى تعمل في المنطقة. موظفون اسرائيليون ينكرون على الاغلب ادعاءات جمعيات ومنظمات حقوق انسان تعمل في الخليل بذريعة أنها منظمات يسارية. في المقابل، فان اعضاء المنظمة يلتقون بشكل دائم مع ممثلي الجيش الاسرائيلي وضباط الادارة المدنية، ولديهم حرية تنقل في شوارع المدينة. الاهم من ذلك هو أن اسرائيل تسمح لهذا الجسم بأن يعمل في الخليل منذ عشرين سنة، وهي تجدد تفويضه كل ستة اشهر.
في الفترة الاخيرة تعرضت المنظمة لانتقادات شديدة لا سيما من رجال اليمين، بعد أن وثق أحد نشطائها وهو يقوم بصفع شاب اسرائيلي، ونشيط آخر قام باعطاب اطارات سيارة للمستوطنين. في اعقاب ذلك استدعى قبل نحو خمسة اشهر رئيس الحكومة، رئيس هذه المنظمة الى مقابلة. خلال زيارة في باريس في الشهر الماضي قال نتنياهو إنه سيناقش “استمرار نشاط هذه المنظمة”. رئيس الحكومة يقع تحت ضغط متزايد لوقف نشاطات المراقبين.
التقرير الخطير نشر في نهاية العام 2017، وقد طلب من اجل اجمال نشاطات عقدين للمنظمة في المدينة حتى الآن، مع التركيز على المشاكل المتكررة التي شخصها اعضاؤها. التقرير يرتكز على 40 ألف “تقرير عن احداث” جمعتها المنظمة على مدى هذه السنوات.
حسب معدو التقرير فان الخليل تسير في الطريق المعاكس لذلك الذي وافقت عليه في 1997 اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اتفاق الخليل، وهو ملحق في اتفاقات اوسلو. الاتفاق قسم المدينة الى قسمين: اتش 1، وهي منطقة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وتضم نحو 80 في المئة من المدينة التي يعيش فيها 175 ألف فلسطيني. واتش 2، وهي منطقة تحت سيطرة اسرائيل ويعيش فيها 500 – 800 اسرائيلي الى جانب 40 ألف فلسطيني.
التقرير وجد أن اسرائيل تقيد حرية الحركة وحقوق العبادة للفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة اتش 2. بهذا تكون اسرائيل مسؤولة عن “خرق واضح وروتيني” لحق عدم التمييز، خلافا لما كتب في الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه اسرائيل في 1991. كما جاء في التقرير أن اسرائيل تخرق بصورة مستمرة المادة 49 من ميثاق جنيف الرابع، التي تحظر طرد الناس من منطقة محتلة. حسب الوثيقة، إن السعي لـ “حياة طبيعية” لا يوجد في أي جزء من المدينة، وبالاساس ليس في منطقة البلدة القديمة في الخليل، التي تقع في منطقة اتش2. هكذا مثلا فان سوق الخضار الفلسطيني القديم تحول الى منطقة عسكرية اسرائيلية، الذي سيطر عليه المستوطنون اكثر مرة. وهو يستخدم كساحة لعب لاولادهم.
حسب “تي.آي.بي.اتش” فان كل وجود لمستوطنة اسرائيلية في الخليل يشكل خرق للقانون الدولي. التقرير ايضا يشكك بالادعاءات التي اسمعها مستوطنون فيما يتعلق بملكية عقارات في البلدة القديمة في الخليل. حسب اقوال المستوطنين، فانهم يمثلون اصحاب ملكية يهود قدامى هربوا أو قتلوا في احداث 1929 في المدينة. ولكن حسب المنظمة فانه لا يوجد للمستوطنين الحاليين أي علاقة عائلية بالمالكين القدامى للمناطق، التي كانت غير مأهولة أو يستخدمها يهود قبل 1929، ومسألة الملكية على الارض لم تحل بعد.
كما جاء في التقرير أن تقسيم المدينة يناقض ما جاء في اتفاق الخليل ويصعب حرية الحركة للاشخاص والبضائع والسيارات. هكذا فان العوائق والحواجز العسكرية الكثيرة التي اقيمت بين شطري المدينة تعيق بالاساس السكان الفلسطينيين فيها.
شارع الشهداء هو كما يبدو الاكثر شهرة في الخليل. والتقرير يركز عليه من أجل التدليل على انتقاداته. في الشارع كان هناك في السابق سوق فلسطيني مزدهر، لكنه اليوم فارغ من الفلسطينيين وتم اغلاق المحلات التجارية فيه. الفلسطينيون لا يسمح لهم بالسفر فيه بالسيارات وليس لديهم طريق للوصول مشيا الى اجزاء منه. التقرير يشير الى كيف أنه في العشرين سنة الاخيرة تابعت المنظمة قيود الحركة المشددة التي فرضت على الفلسطينيين في الشارع، وتطرقت ايضا الى اجزاء اخرى في منطقة اتش2. السائقون الاسرائيليون في المقابل سمحت لهم اسرائيل بالوصول الى كل الشوارع في منطقة اتش2.
حسب التقرير، المستوطنون حصلوا بالتدريج على اذن بالبناء وتوسيع الاستيطان في المدينة، حتى على حساب اراضي الفلسطينيين. كما جاء ايضا أن المستوطنين حصلوا على افضلية في كل ما يتعلق بالبنى التحتية للبناء وصيانة الشوارع وشبكة المياه.
التقرير يشير الى أن اعضاء “تي.آي.بي.اتش” كانوا شهود على استخدام الامر العسكري من اجل اغلاق طريق الوصول الى اراضي في مستوطنة تل رميدة، من اجل القيام بحفريات أثرية، كي تشكل بينات على وجود يهودي في المكان من القرن الاول قبل الميلاد، وبذلك منع وصول الفلسطينيين الى المكان بعد سنوات طويلة كان مسموحا لهم ذلك فيها.
حسب “تي.آي.بي.اتش” فان حرية حركة الفلسطينيين الذين يعيشون في تل الرميدة تضررت جدا. خلال السنين طوقت المنطقة بالحواجز، ولا يسمح للفلسطينيين باستقبال ضيوف لا يظهرون في قوائم الجيش الاسرائيلي الذين يخدمون في المكان، الذين حسب التقرير يضايقون الفلسطينيين غالبا. كما اشير الى أنه وضع امام الفلسطينيين في المكان عقبات كبيرة في نشاطات مثل التعليم والعمل واجراء العلاقات العائلية.
التقرير يفصل ايضا كيف تم شق شوارع على اراضي زراعية فلسطينية مخصصة فقط للمصلين اليهود الذين يسافرون من كريات اربع الى وسط الخليل. بيوت فلسطينية من العهد العثماني اقيمت في الجزء الاخير من هذا المسار تم هدمها.
انتقاد آخر في التقرير وهو عدد العوائق التي وضعت أمام فلسطينيين معنيين بالوصول الى الحرم الابراهيمي – وهو مكان مقدس للمسلمين واليهود على حد سواء – والذي توجد فيه ايضا مغارة الماكفيلاه. اليوم يوجد فقط نقطتين للوصول الى الموقع الاسلامي المقدس، والمصلون يضطرون الى عبور عدة حواجز من اجل الوصول اليه. كذلك، المصلون يضطرون الى اجتياز تفتيش واحيانا يضطرون الى خلع جزء من ملابسهم. كما اشير الى أن المؤذن في الحرم محظور عليه دعوة المصلين الى الصلاة في امسيات الجمعة وايام السبت، من اجل الحفاظ على حرمة السبت. حسب “تي.آي.بي.اتش”، في 2003 كان عدد المصلين المسلمين ايام الجمعة 1600 تقريبا، وفي 2017 العدد تقلص الى النصف.
رغم أن المنظمة توجه انتقاد شديد لاسرائيل، إلا أن التقرير لا يضع امامها أي طلب ولا يدعو الاسرائيليين أو الفلسطينيين الى اتخاذ أي اجراء. التقرير قدم لوزراء خارجية الدول الخمسة المانحة وطرح امام دبلوماسيين زاروا مؤخرا الخليل.
من “تي.آي.بي.اتش” جاء أن التفويض الممنوح لهذا الجسم هو “المساعدة في الاشراف والابلاغ من اجل الحفاظ على حياة طبيعية في المدينة وفقا لاتفاق الخليل. التقارير يتم نقلها بصورة روتينية الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية والدول الخمس المانحة. حسب طلب هذه الدول فان كل معلومة تقدمها “تي.آي.بي.اتش” هي سرية. وهذا الجسم يتحاور بشكل دائم مع الطرفين.
​“هآرتس” توجهت لمكتب رئيس الحكومة من اجل تلقي رد على استنتاجات التقرير. ولكن تم توجيه الصحيفة لوزارة الخارجية التي قالت “تقارير المنظمة غير معدة للنشر. التقارير يتم نقلها للطرفين من خلال تفاهم بأن لا يتم تسريبها، وبالتأكيد ليس لوسائل الاعلام. ليس لدينا نية للرد على معلومات جزئية أو على كل ما ينشر حول هذا الموضوع”.