5 ملايين دولار للفائز باللقب «كأس الملايين» بين الطامحين وأصحاب الخبرة
2019-01-05
تأخذ كأس آسيا 2019 بعداً أكبر من ذاك الذي أخذته في النسخات السابقة، وذلك بسبب التطوّرات الكثيرة التي عرفتها من باب رفع عدد منتخباتها ومواكبتها لكل تفصيل حديث في عالم كرة القدم، وصولاً إلى تغيّر شكل كأسها حتى. لكن الأهم طبعاً هو شكلها الفنّي المتوقّع أن يفرز مباريات كبيرة على مدار 28 يوماً
تنطلق اليوم بطولة كأس آسيا الأكبر في التاريخ، وذلك مع ارتفاع عدد المنتخبات إلى 24، وبينها منتخبات يقدّر عدد سكانها بالملايين لا بل المليارات، ما يعني أن قسماً كبيراً من قاطني القارة الصفراء سيكون موجوداً في الإمارات لمتابعة مباريات منتخبه. تشير الإحصاءات إلى أنّ نحو 800 مليون نسمة سيتابعون مباريات البطولة القاريّة، وهو رقم ضخم يعكس مدى شعبية كرة القدم في القارة الآسيوية. أمّا الأجمل فهو أن المنافسين على لقب الكأس الفضيّة يأتون من كلّ أطرافها، لا بل إن امتدادها أضحى منذ زمنٍ ليس ببعيد خارج حدودها الجغرافيّة مع انضمام أوستراليا حاملة لقب النسخة الأخيرة. باختصار هي البطولة التي يمكن إطلاق عليها اسم «كأس الملايين» مع جوائز ماليّة قياسيّة تصل إلى 5 ملايين دولار للفائز باللقب.لا ترتبط الجماليّة المرتقبة للكأس الآسيوية في منتخبات الصف الأوّل فقط، إذ إنه بات واضحاً أن الكلّ يأخذ على محمل الجدّ مشاركته في بطولة آسيا، فها هي الهند المتواضعة في عالم المستديرة تسخّر كل إمكاناتها عبر شركاتها التسويقيّة والإعلانيّة للإضاءة على حضور منتخبها في العرس القاري، حيث تملك جالية كبيرة في الإمارات. نقطة مهمّة بالنسبة إلى أبناء الهند كونهم يجدون هناك دعماً معنوياً في جمهورهم سعياً لتحقيق نتائج إيجابية، تماماً كما فعلت فرق كرة السلة الفيليبينيّة على سبيل المثال عند مشاركتها في دورة دبي، وهو أمر لا شكّ في أنه سينسحب على المشاركة الفيليبينية التاريخية في كأس آسيا. والكلام هنا لا يرتبط فقط بالشقّ المتعلق ببلوغ الفيليبين النهائيات للمرة الأولى في تاريخها (كما هو حال اليمن وقيرغيزستان)، بل للدلالة على مدى الجدّيّة التي تدخل بها المنتخبات الصغيرة إلى البطولة، فمنتخب الفيليبين عيّن واحداً من أشهر الأسماء في عالم تدريب المنتخبات هو السويدي زفن غوران إريكسون، ليكون إلى جانب كوكبة من «المدربين النجوم»، أمثال الإيطاليَّين مارتشيلو ليبي (الصين) وألبرتو زاكيروني (الإمارات)، والبرتغالي كارلوس كيروش (إيران).وحتى البلدان التي عانت ما عانته طوال سنوات من النزاعات والحروب تحضر بجديّة تامة، إذ لا يشكّ أحد بقدرات المنتخب السوري الذي كان قريباً من بلوغ المونديال الماضي، بينما أكد اليمن أحقيّته بالتأهل من رحم المعاناة، وتخطّى المنتخب الفلسطيني كلّ الظلم الذي يتعرّض له يومياً، فذهب إلى النهائيات معتمداً أيضاً على لاعبين معظمهم من بلاد الانتشار. لا أحد يستهين فعلاً بمشاركته، والدليل الإضافي على هذا الكلام هو منتخب كوريا الشمالية الذي استدعى 6 لاعبين محترفين في الخارج، وهم ينشطون في اليابان والنمسا وسويسرا وإيطاليا.
منتخبات المونديال
رغم كلّ هذه الأجواء المحيطة بغالبية المنتخبات، يبقى التركيز والكلام الكثير عن ما يمكن تسميته بـ«الخمسة الكبار»، وهي المنتخبات التي تأهّلت إلى المونديال الأخير، والتي يرشّحها النقّاد للعب الأدوار الأولى في كأس آسيا، وهي ترشيحات منطقيّة بالنظر إلى الأسماء والقدرات التي تمتلكها. وعلى رأس هذه المنتخبات يأتي طبعاً المنتخب الأوسترالي، الذي لم يعد ضيفاً عابراً على كرة القارة الصفراء بل أصبح وبشكلٍ سريع ثقيلاً عليها بإحرازه اللقب قبل 4 أعوام. لكن لا يخفى أن أسهم الأوستراليين انخفضت نسبياً بعد المونديال، إذ إن هجوم «الكانغارو» لم يعد كما كان عليه سابقاً، وخصوصاً بعد اعتزال الهدّاف التاريخي تيم كايهل، وهي مسألة كان المدرب غراهام أرنولد بحاجةٍ إلى حسمها سريعاً لكي يحدّد الهويّة الهجوميّة لمنتخبه الذي يعيش الحالة الأكبر من الضغوط بين كل المنتخبات المرشّحة، وهو أمر ينسحب أيضاً على مدربه الذي لم يعرف يوماً النجاح على الساحة الآسيوية، لكنه بلا شك اكتسب خبرة كبيرة فيها يمكن أن تفيده كثيراً في النسخة الحالية حيث يتوقع أن يبني كل خططه على صلابة منتخبه دفاعياً لكي يكون بمنأى عن تهديد الخصوم.
وإذا كانت تشكيلة أوستراليا لا تضمّ سوى لاعبَين فقط ينشطان محلّياً، فهو أمر ليس بالمميز بعد الآن لأن منافسيها الأساسيين ينتشر نجومهم بين القارات، أمثال كوريا الجنوبية، التي سيكون منتخبها من المنتخبات المنتظَرة في كأس آسيا. «محاربو التايغوك» كانوا قد سجلوا حضوراً مونديالياً لافتاً، فيكفي أنهم كانوا وراء الإطاحة بألمانيا من دور المجموعات عندما حققوا انتصاراً تاريخياً عليها (2-0). لذا فإنّ هذه المسألة تحتّم عليهم التعامل مع البطولة القارية بجديّة لا كما قيل بأن الكوريين لا يعيرونها الاهتمام المطلوب. وهذه النقطة لا شكّ في أنها سقطت بمجرّد التحاق نجم توتنهام هوتسبر الإنكليزي هيونغ مين - سون بالتشكيلة، ما يعني أن الطموحات كبيرة، وهي تتلاقى مع الحظوظ المرتفعة لمنتخبٍ يملك لاعبين آخرين من طراز رفيع، أمثال كي سونغ - يونغ (نيوكاسل يونايتد الإنكليزي) وجي دونغ - وون وكو جا - شيول (أوغسبورغ الألماني).
الخطر الأكبر يأتي من اليابان، وهي الوحيدة بين الآسيويين التي نجت من الإقصاء المبكر في المونديال الروسي ببلوغها دور الـ16. هو المنتخب الذي يتطوّر يومياً، والذي كان غير محظوظ بعدم بلوغه ربع نهائي المونديال للمرة الأولى في تاريخه. «الساموراي الأزرق» يعيش حالة استقرار منذ وصول المدرب المحلي هاجيمي مورياسو، وذلك رغم اعتزال نجومٍ من الحرس القديم، أمثال كيسوكي هوندا وماكوتو هاسيبي. لكن الجيل الجديد يكمل ما بدأه سلفه عبر انتشاره في أكبر البطولات الأوروبية مثل إنكلترا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا. والأهم أن غالبيّة اللاعبين اليابانيين هم في سن النضوج الكروي وأكثريتهم لم يصل إلى العقد الثالث من العمر، إذ إن تشكيلة مورياسو تضم 4 لاعبين فقط فوق الثلاثين.
والكلام عن الاستقرار يوصِل إلى منتخبٍ مونديالي آخر قد يكون قادراً على الإطاحة بكل هؤلاء، وهو المنتخب الإيراني الذي يعيش فترة تطور مستمرّة مع المدرب كيروش الذي دخل عامه الثامن مع «تيم ميللي».
ببساطة إذا ما أُخذ الأداء في المونديال الأخير بعين الاعتبار تكون إيران المرشحة الأولى للفوز بكأس آسيا، فمنتخبها أحرج إسبانيا والبرتغال في روسيا وخرج من السباق رغم حصوله على أربع نقاطٍ في دور المجموعات!
لكن لا شك في أن العقليّة الدفاعية التي تمّ الاعتماد عليها في كأس العالم يجب أن تكون مختلفة في آسيا حيث يُفترض أن يشكل منتخبان مثل اليمن وفيتنام (تضم المجموعة العراق أيضاً) فرصة للإيرانيين لتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى خصومهم الأساسيين.
ويبقى المنتخب السعودي الأكثر سعياً لمحو الصورة الموندياليّة التي ظهر عليها. وبلا شك فإن البطولة القارية هي الفرصة الأخيرة للمدرب الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي، الذي لن يرحمه أحد في حال فشله كونه قضى وقتاً طويلاً مع «الأخضر» وعمل على التغييرات المطلوبة وبدّل في النمط الفني حتى قيل إنه يملك منتخباً كاملاً متكاملاً يمكنه الفوز باللقب رغم أن التشكيلة تضم لاعبين محليين حصراً، وهو أمر ليس بغريب عن المنتخب السعودي.