هل قرأ الزعماء العرب تصريحات الحاخام؟
2019-03-17
ترتفع وتيرة التصريحات العدوانية التي يطلقها السياسيون الاسرائيليون عشية الانتخابات اذ يتزاحم قياديو التنظيمات والأحزاب الصهيونية «وهي عنصرية وتوسعية وحاقدة على العرب »، وتتنافس في التصعيد معتقده أنه كلما زاد تطرفها زادت حصتها في الكنيست ، لكن التنافس والصراع على المقاعد في هذه الانتخابات الاسرائيلية يختلف عن الأجواء التي سادت في الانتخابات السابقة ، اذ تتساوى هذه الأحزاب في عنصريتها وكراهيتها للعرب ورغبتها في تهجير الفلسطينيين وضم الضفة الفلسطينية والجولان ، والتوسع الاستعماري الاستيطاني .
هل قرأ الزعماء العرب حُلفاء بنيامين نِتنياهو الذين شاركوا مؤتمر في وارسو الأخير الذي أسّس للتّطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تصريحات الحاخام العنصري المتطرف ميخائيل بن أري؟ التّلميذ المخلص والوفي للحاخام الفاشي مائير كاهانا، التي أدلى بها مؤخرا لوسائل الاعلام، وقال فيها إن العرب لا يفهمون غير لغة القوّة، ومن يتجرّأ منهم على الحديث ضد اليهود لن نسمح له بالبقاء على قيد الحياة، فلا تعايش مع هؤلاء الذين علمنا الحاخام كاهانا أنّه لا تعايش معهم، ويجب طردهم إلى سورية وجميع البلاد التي جاءوا منها. اطلعوا هؤلاء الزعماء ام لم يطلعوا فهم يعيشون في حالة انكار تجعلهم غير مبالين.
الحاخام ميخائيل بن آري، ليس زعيمًا لمنظمة يهوديّة متطرفة محظورة، وإنّما زعيم حزب بعد اقل من شهر سيصبح عُضوًا أصيلًا في قائمة تكتّل اليمين الذي يتزعّمه بنيامين نِتنياهو التي سيخوض على أساسها انتخابات الكنيست الشهر المُقبل، وفي حال فوزه بأعلى المقاعد، سيُصبح، بن آري، وزيرًا للأمن أو الخارجيّة، أو الثّقافة، وربّما تكون أوّل زياراته الخارجيّة، وبعد تولّيه المنصب الجديد، إلى حُلفائه العرب، في منطقة الخليج العربي خُصوصًا، سيرًا على خُطى نِتنياهو نفسه، ووزيرة ثقافته ميري ريغيف، الأشد تطرُّفًا وعُنصريّة.
بعض العرب الذين يتحدّث عنهم بن آري لا يعرفون غير لغة القوّة، ربما!.
ولكن يبدو أن الحاخام بن آري لا يدرك أن الإسرائيليين لا يفهمون غير لغة القوّة أيضًا، فعندما كانت منظمة التحرير الفلسطينيّة حركة مقاومة تضرب كل يوم في عمق هذا الكيان وتدمي وتوجع كان الإسرائيليون يستجدون الجلوس معها على مائدة المُفاوضات، وعندما كانت مصر وسورية تتزعّمان مُعسكر المواجهة، كانت العروض الإسرائيليّة للسلام التي يحملها وزراء الخارجيّة الأمريكان والأوروبيين تنهال عليهم، وخاصّة عندما كانت حرب الاستنزاف في مُدن القناة وسيناء في ذروتها، والأيّام دول، و ميزان القوى متحرك ومتغير ولا شيء يبقى على حاله.
قيادة منظمة التحرير الفلسطينيّة وقعت في فخ أوسلو، مثلما وقعت قبلها مصر في حُفرة كامب ديفيد، وتحوّلت قِوى الأمن الفِلسطينيّة التي شكّلها الجنرال دايتون إلى أدوات في خدمة الاحتلال وضرب ومنع المُقاومة، في أقذر سابقة من نوعها في تاريخ الاحتلالات على مر القُرون.
الغطرسة العُنصريّة الإسرائيليّة لن تطول، بسبب غباء الإسرائيليين وسوء تقديرهم، وقِصَر ذاكرتهم، ولاعتقادهم أنّ هذا الوضع العربيّ المُهين سيستمر لمئات السنين، فمُمارسات الإسرائيليين المُهينة هذه هي التي ستُعيد الزمن الذي توسل فيه قادة الكيان الصهيوني القيادة الفلسطينيّة أن يمر أسبوعين بدون جنائز، ويُجنّدوا العالم بأسره لوقف العمليّات الاستشهاديّة، ويهرع الأمريكان والأوروبيّون إلى تشكيل لجنة رباعيّة ووضع خريطة طريق للوصول إلى السلام الدائم.
فإذا كان الحاخام ميخائيل الذي بات على بعد شهر من دخول الكنيست يُطالب بمحو غزّة من الوجود، وتحويلها إلى مقبرة لمليونين من أبنائها، فعليه أن يتوقّع أن مواقفه هذه ستأتي بمن يُشاركونه المطالب نفسها ولكن بالاتّجاه الآخر، وفي المُعسكر الآخر.
الصهاينة يُريدون الآن حشد العالم الغربي بأسره، ومُعظم حُلفائهم العرب، ضِد إيران وحزب الله وسورية، و المُقاومة في قِطاع غزة، مستخدمين ترامب لحصار و تجويع هذه الدول وشعوبها، متوقعين أن تكون النتيجة الرضوخ والاستسلام، ولكن التجارب تبين كم هم مُخطِئون.
الخرائط تتغيّر وبسُرعة غير مسبوقة، والموازين تتبدل وبات سِلاح الجو الإسرائيليّ وطائراته الأمريكيّة الحديثة عاجِزًا عن حسم الحُروب وإذلال الأنظمة مِثلَما كان عليه الحال في الماضي. وها هي تباشير ما نقول تطل علينا من سلفيت من جبل النار انتشار " البطولة " وانبثاق أبطال جدد مثل قناص الخليل وقناص رام الله ومنفذ عمليات تل أبيب نشأت ملحم ومنفذ عملية عوفرا الشهيد صالح البرغوثي ومنفذ عملية بركان ارئيل الشهيد أشرف نعالو .ابطال فلسطين قادمون ،ولن ينفع إسرائيل تطرفها ولا عنصريتها ولا يمينيتها ،فعلى هذه الأرض من يحميها وسيحررها وها هي الصحف العبرية تقول : نرسل الجنود لحماية المستوطنين ، فمن يحمي الجنود !!
مدير الموقع