:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/18387

التطبيع خدمة مجانية للمستعمرة- حمادة فراعنة

2019-04-04

سألني صديق ألا تؤمن بالحوار مع الإسرائيليين وتدعو بمقالاتك لضرورة اختراق المجتمع الإسرائيلي ؟؟ أجبت نعم قوية وكبيرة، فقال إذن لماذا دافعت عن زملائك الكتاب الثلاثة وكأن الذين كانوا أو شاركوا بعشاء السفير الإسرائيلي من المدانين أو الخارجين عن القانون أو الوطنية أليس البرلمان الأردني من وافق على معاهدة السلام ؟ أجبت هناك فرق كبير بين مجاملة سفير المستعمرة الإسرائيلية باحتفال ومودة وهو يُمثل رسمياً سياسة المستعمرة التوسعية الاستعمارية ويدافع عنها ويعمل على اختراق صفوفنا لتسويق سياسات المستعمرة وكسب ود الأردنيين وإزالة الفجوة بيننا وبين مشروعهم الاستعماري وكأن الخلاف بين جارين تربطهما مصالح أو اتفاقات، وبين ما أقوله وأدعو له وهو العمل على اختراق المجتمع الإسرائيلي لكسب انحيازات إسرائيلية لعدالة القضية الفلسطينية وهذا ما أدعو له تنفيذاً للبرنامج الوطني الفلسطيني الذي يؤكد ضرورة فتح الحوار مع الإسرائيليين الذين لديهم الاستعداد لقبول الحقوق الفلسطينية، مثلما هنالك فرق جوهري بين التنسيق الأمني مع مؤسسات العدو الأمنية وبين الحوار العلني مع مؤسسات إسرائيلية تُعنى بحقوق الشعب الفلسطيني مثل مؤسسة بتسيلم التي تكشف جرائم الاسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني وتدافع عن حقوقهم وكتابات عميرة هيس وجدعون ليفي والنائب الشيوعي المستقيل دوف حنين لصالح رفيقه عوفر كسيف الذي يؤمن بحق الشعب الفلسطيني بالعودة ولهذا السبب عملت لجنة الانتخابات الاسرائيلية على رفض ترشيحه بقائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، هذا الحوار والاختراق هو أحد شرطي الانتصار، انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني على المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وهزيمته ودحره، فالشرط الأول للانتصار الفلسطيني هو وحدة الفلسطينيين ضمن ثلاثة عناوين: الأول صياغة برنامج سياسي مشترك بين كافة المكونات والفصائل والاتجاهات والشخصيات والفعاليات الفلسطينية، والعنوان الثاني الوحدة والتحالف على قاعدة البرنامج السياسي المشترك في إطار منظمة التحرير وسلطتها الوطنية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وقائدة نضاله والمعبرة عن معاناته والأمينة لتطلعاته واستعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة، والعنوان الثالث إختيار الأدوات الكفاحية المناسبة لممارسة النضال على طريق استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، لا أن يلجأ كل طرف باستعمال أداة نضالية لا تتناسب والظرف والمعطيات والضرورات الوطنية .
والشرط الثاني للانتصار هو العمل بشكل منهجي مدروس ومنظم وعلناً للحوار مع مؤسسات المجتمع المدني الإسرائيلية بهدف اختراق المجتمع الإسرائيلي لإزالة التأثير الاستعماري العنصري الصهيوني وتبديد المفاهيم أو القناعات التضليلية السائدة لديهم، شريطة أن يتم ذلك بشكل وطريقة جماعية وبإرادة فلسطينية لا بشكل فردي مصلحي أناني، بل لمصلحة الشعب الفلسطيني الوطنية لزيادة التأثير والفعالية خدمة لأهداف النضال الفلسطيني التراكمية، لأن التعامل مع المجتمع الإسرائيلي باعتباره كتلة اجتماعية وسياسية متراصة واحدة، يعكس عدم الفهم وعدم المعرفة لواقع الداخل الإسرائيلي المليء بالتناقضات والصراعات والتباينات، والحكم عليهم على أنهم كتلة واحدة متماسكة موحدة، يصب في مصلحة قادة المستعمرة واستمرارية تحكمها وسيطرتها وقيادتها للمجتمع الإسرائيلي لمصلحة العنصرية والعداء للعرب والمسلمين وللمسيحيين .
ولذلك يرى الفلسطينيون أن يعملوا على كسب الرأي العام الإسرائيلي، على أثر سلسلة الجرائم التي ترتكبها سياسات وإجراءات مؤسسات المستعمرة الإسرائيلية العسكرية والأمنية وقطعان المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني، وعلينا ملاحظة أن الجرائم التي ترتكبها حكومة المستعمرة الإسرائيلية تشمل الفلسطينيين في مناطق 48 ملثما تشمل مناطق 67، في النقب كما هو في الغور وفي القدس كما تفعل في الجليل، فهم يعملون من أجل استعمار كامل فلسطين بشكل تدريجي، وعلى الشعب الفلسطيني أن يعمل أيضاً بشكل تدريجي شريطة أن يوحدوا نضالهم ومؤسساتهم وبرنامجهم في مناطق 48 كما في مناطق 67، كما لدى الفلسطينيين في بلدان الشتات واللجوء والتشرد .
ونحن في الأردن وسائر البلدان العربية علينا أن لا نقفز من خلف الشعب الفلسطيني لفتح حوارات التطبيع مع مؤسسات وشخصيات العدو الإسرائيلي لا عبر سفاراتهم ولا عبر مؤسساتهم، بل يجب أن يبقى الاشتباك السياسي بيننا وبينهم في إطار المؤسسات الدولية لتعرية ما يفعلوه ضد القرارات الدولية والقيم الإنسانية، وتعرية جرائمهم، وهذا ما يجب فعله بعد أيام في الدوحة في مؤتمر البرلمان الدولي للمطالبة بتعليق عضوية الكنيست الإسرائيلي حتى يتراجع عن قراريه بضم مدينة القدس وهضبة الجولان، وهكذا يجب أن نفعل بعد أن أُجبروا على الانسحاب من اليونسكو مع الولايات المتحدة، فالنضال الدبلوماسي والاشتباك السياسي يجب أن يعكس نضال الفلسطينيين على الأرض وبسالتهم ضد العدو الوطني والقومي المشترك لنا ولهم، وهو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته .
هل أدركت صديقي ما هو الفرق الجوهري بين التمتع بوجبة عشاء مع سفير المستعمرة الإسرائيلية وبين الانخراط في اشتباك سياسي مع إسرائيليين بهدف كسب انحيازات لصالح قضية الشعب الفلسطيني وعدالة مطالبه ومشروعية حقوقه في العودة وفق القرار 194، وفي الدولة وفق القرار 181 .