المقاومة تكسر العدوّ ان و ترفض «الهدوء مقابل الهدوء».
2019-05-06
كان متوقعاً منذ التجربة الثانية لتطبيق التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية والعدو الإسرائيلي أن الأخير لن يقدم شيئاً إلا تحت الضغط. وإذا ما ضُبطت المواجهة الجارية ولم تتحوّل إلى حرب، وعُقد اتفاق جديد على تطبيق الاتفاق الثالث، فستكون هذه هي المرة الرابعة التي تختبر فيها غزة السيناريو نفسه: اتفاق على الهدوء، تنصّل تدريجي، مواجهة متصاعدة. الجديد هذه المرة أن «الساعات القتالية» تطوّرت إلى «أيام قتالية» مع زخم أكبر وتكتيك جديد لدى المقاومة التي أصّرت على إيقاع «خسائر مدروسة» في الجانب الإسرائيلي. وبينما وصلت الصواريخ حتى أمس إلى حدود 60 كلم، وأظهرت فصائل المقاومة تناغماً منقطع النظير في الأداء الميداني، تبيّن فراغ بنك الأهداف الإسرائيلية سوى من قصف الكوادر الميدانيين والاستهداف الأوسع للمباني السكنية والمدنيين. وتتصادف هذه الجولة مع وجود وفدين رفيعي المستوى من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة، وهو ما يعني أن تحصيل ثمار المواجهة التي انكسرت فيها إسرائيل أمام غزة مجدداً ووجدت نفسها مرة أخرى أمام «اللاحرب» و«اللاتهدئة من طرف واحد»، منوط بطريقة إدارة قيادة الحركتين المفاوضات من هناك
لم تقبل المقاومة الفلسطينية فرض معادلات جديدة عليها بعد المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ تفاهمات التهدئة، إذ ردّت بقوة كبيرة على الاعتداءات التي بدأت مساء الجمعة الماضي بقنص جيش العدو عدداً من المتظاهرين في «مسيرات العودة»، عبر الرد فوراً بقنص ضابط وجندية، ليغتال العدو عنصرين من المقاومة، وتنطلق في اليومين الماضيين الردود وردود الفعل بين الطرفين. وحتى الساعة الأخيرة من أمس، بدا واضحاً أن التصعيد مستمر، وخاصة أن قيادة المقاومة الموجود جزء كبير منها حالياً في العاصمة المصرية القاهرة، أصرت على تطبيق تفاهمات التهدئة السابقة دون شروط، رافضة مقترحاً إسرائيلياً تحت عنوان «الهدوء مقابل الهدوء» مثل المرات السابقة، دون ضمان لتطبيق التفاهمات، وهو ما سيدفع غالباً نحو يوم جديد من القتال إذا لم يتنازل العدو ويقبل شرط المقاومة حتى الصباح.
وبينما بدا جلياً قدرة المقاومة على التفاوض بالنار، وعلى إحداث إرباك في الساحة الإسرائيلية وجعل خيار الحرب مكلفاً، أشعل العدو حرب شائعات حول عملية عسكرية كبيرة، لكن ذلك لم يلقَ صدى لدى الغزيين، بل اتضحت المعنويات العالية لديهم وثقتهم بالمقاومة بمواصلتهم حياتهم بصورة طبيعية إلى حد ما. وميدانياً، أسفر العدوان عن استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين، فيما استطاعت المقاومة قتل 5 إسرائيليين وإصابة أكثر من مئة عبر القصف الصاروخي المكثف واستهداف مركبات عسكرية بصواريخ موجهة. وفي الحصيلة أيضاً، دمرت الطائرات الإسرائيلية 15 عمارة سكنية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، النقطة التي كانت منطلقاً لتصعيد رد المقاومة. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفع مساء أمس عدد الشهداء إلى 26، منهم ثلاث سيدات مع جنينين، إضافة إلى رضيعين وطفل، فيما أصيب 154 مواطناً بجراح مختلفة.
وللمرة الأولى منذ 2014، عاد العدو إلى تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال بحق عناصر المقاومة في مناطق مختلفة، ما أدى إلى عدد من الشهداء، لكن النسبة الكبرى كانت من المدنيين جراء استهداف المنازل، ومنهم عائلتان شمال القطاع، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية مأهولة في منطقة الشيخ زايد، ما أدى إلى استشهاد أحد كوادر «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» طلال أبو الجديان وزوجته وطفلته الرضيعة، كما استشهد أربعة آخرون، بينهم امرأة وجنينها في استهداف طاول عائلة المدهون في بيت لاهيا (شمال). وبينما نعت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس» اثنين من عناصرها على الأقل، نعت «سرايا القدس» سبعة من عناصرها. ووفق حصيلة شبه رسمية، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 200 غارة، إضافة إلى استهداف المدفعية والبوارج البحرية أكثر من 100 موقع، بينها بنايات سكنية تضم مؤسسات إعلامية، إضافة إلى قصف وتدمير أراضٍ ودفيئات زراعية، علماً بأن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه هاجم ما لا يقل عن 320 هدفاً منذ السبت.ي المقابل، كبّدت المقاومة الفلسطينية العدو الإسرائيلي خسائر في الأرواح والممتلكات خلال تصديها للاعتداءات. ورغم فرض الرقابة العسكرية حظراً على المعلومات، أقرّ الإعلام العبري بمقتل 5 مستوطنين منذ صباح السبت الماضي وإصابة أكثر من مئة، فيما نقلت الإذاعة العبرية أن أكثر من 600 صاروخ أطلقت من غزة خلال اليومين الماضيين. وكشف العدو مساء أمس أن صاروخاً أصاب منزل رئيس «لجنة الخارجية والأمن» في الكنيست ورئيس «الشاباك» الأسبق، آفي ديختر، في عسقلان صباحاً، كما نقل مسؤول كبير في سلاح الجو الإسرائيلي أن مستوطنات «غلاف غزة» والجنوب تعرضت لـ«هجوم غير مسبوق» بالصواريخ.