ما الذي يخفونه في مصنع النبيذ في بسغوت - هآرتس
2019-05-13
سكان منطقة البيرة يسمون الجبل الذي يوجد شرق بيوتهم بـ “جبل الطويل”. الكبار منهم يذكرونه ايضا باسم “الجبل الكويتي”، ذكرى لايام بحث فيها السياح من الكويت على قمته الباردة عن ملاذ من الصيف الحار جدا في الخليج الفارسي. البريطانيون بدورهم بنوا على قمة الجبل مجمع للمياه – احد الخلايا في انبوب المياه الذي قاموا بمده من عين ساميا الى رام الله.
في الستينيات بلدية القدس (الاردنية) قامت بشراء الحقوق على الارض وبدأت في انشاء في المكان بنى تحتية للسياحة، ولكن هذه الخطط تم قطعها نهائيا مع وضع اليد على المكان “لاغراض امنية” من قبل اسرائيل في تشرين الثاني 1979. بعد سنتين حكومة بيغن قررت أن تنشيء في المكان المركز الاقليمي بسغوت كجزء من التعويض الذي منحته لنا جميعا قبل الاخلاء المخطط له لشبه جزيرة سيناء في 1982.
سنة 1979 كانت سنة مهمة ايضا في حياة مئير بيرغ، من طلائعيي السيطرة الزراعية حول مستوطنة بسغوت. في هذه السنة هاجر الى اسرائيل من الاتحاد السوفييتي وبعد ذلك انتقل للعيش في المستوطنة الفتية. الصورة الجوية تدل على أنه في التسعينيات هذا المهاجر القديم/ الجديد تمكن من السيطرة على عدد من القسائم التي هي بملكية سكان البيرة وذلك من اجل فلاحتها. بيرغ لم يفعل ذلك لوحده، لقد استعان، ضمن امور اخرى، بقرض حصل عليه من وحدة الاستيطان من اجل شراء ماكينة للرش، وتخصيص كمية مياه جيدة حصل عليها من سلطة المياه. في مركز القسام المسروقة هذه سيبني فيها بعد ذلك الابن الذي واصل طريق والده الطموح، يعقوب، بصورة غير قانونية بالطبع، مصنع النبيذ العائلي، وبقربه ايضا منزله الفاخر.
سنة 2003 كانت سنة ممتازة للمصلحة العائلية هذه. في ظل الانتفاضة الثانية اقيم على شكل قرصنة الجدار الكهربائي حول مستوطنة بسغوت. هكذا تحول الـ 140 دونم الاصلية التي خصصها الجيش للمستوطنة في بداية الثمانينيات الى 650 دونم، التي اكثر من 500 منها هي بملكية مئات الاشخاص من سكان البيرة. اراضيهم بقيت مأسورة داخل المنطقة التي تم تسييجها حول المستوطنة. هذا الوضع مكن اصحاب مصنع النبيذ من السيطرة خلال بضع سنوات على حوالي 80 دونم اخرى وأن يزرعوا فيها كروم العنب.
ليس من نافل القول الاشارة الى أن بيرغ الابن، الجيل الثاني لسارقي الاراضي، لم يتم ظلمه من قبل وحدة الاستيطان التي وضعت تحت تصرفه قرضين رئيسيين من اجل مأسسة المصلحة التجارية العائلية.
مقابل نجاح هذه المقاربة بدأ “مصنع نبيذ بسغوت” في شراء العنب ايضا من مستوطنات ومن بؤر استيطانية غير قانونية اخرى، التي المزيد من سكانها خبراء في السيطرة العنيفة على الاراضي مثل سكان بؤرة كيدا ومستوطنة الون موريه وبراخا. هكذا، خلال بضع سنوات تحول “مصنع نبيذ بسغوت” من مشروع عائلي متواضع الى مصنع ينتج مئات آلاف زجاجات النبيذ في السنة، ومنها ايضا التي ستصدر الى الاتحاد الاوروبي.
مع هذا النجاح برزت ايضا عدة مشاكل. أحد هذه المشاكل هو أنه حسب قوانين الاتحاد يجب أن يكتب على أي منتج أين انتج بالضبط. ولأن مصنع نبيذ بسغوت يوجد خارج اراضي دولة اسرائيل فان الاتحاد يطالب بأن يكتب على الزجاجات بشكل واضح أنها جاءت من “المستوطنات الاسرائيلية في المناطق المحتلة”.
ولكن يتبين أن طلائعيين سرقة الارض في بسغوت هم ايضا طلائعيون في مجال القانون. في السنة الماضية قدم مصنع نبيذ بسغوت بمساعدة منظمتين يهوديتين في فرنسا وفي الولايات المتحدة، المختصتان بـ “محاربة اللاسامية”، قدم التماس ضد وزير الاقتصاد الفرنسي، وطلبوا الغاء واجب الاشارة الى مصدر الزجاجات التي تباع في اوروبا. ادعاء الملتمسين هو أنه لا يوجد أي واجب قانوني للاشارة الى اسم الدولة (خلافا للمكان) الذي جاء منه المنتج. وأصلا، ليس هناك واجب الاشارة الى أن نبيذهم تم انتاجه في مستوطنات في المناطق. يبدو أنه من السهل لهذه المنظمات اليهودية أن تشخص “اللاسامية المغطاة” في اوروبا من سرقة اراضي في وضح النهار، التي يقوم بها يهود اسرائيليون في الضفة الغربية.
المحكمة الفرنسية جمدت بشكل مؤقت تعليمات الاشارة الى المنشأ، وحولت الملف كي تبت فيه المحكمة العليا في الاتحاد الاوروبي، والتي قامت بمناقشته في 9 نيسان، كم يبدو هذا ساخرا، حيث أن هذا اليوم هو اليوم الذي منح فيه الجمهور في اسرائيل 35 مقعد للحزب الذي يترأسه سارق متسلسل في اعمال الفساد والذي وعد بضم المستوطنات.
قرار المحكمة العليا للاتحاد الاوروبي لم يتخذ بعد، وحتى يتم صدوره أردنا أن نقترح أن يشار على الزجاجات بأن مصدر النبيذ هو الاراضي المحتلة، ببساطة يشار عليها بأن النبيذ تم انتاجه من العنب الذي نما على اراض سرقت بالقوة من سكان فلسطينيين، من المهم أن توافق عائلة بيرغ على هذه التسوية.