شكراً آيسلندا - شكراً للمتمردين على مادونا-عودة بشارات
2019-05-21
يعيش في آيسلندا 360 ألف شخص، وفي ألمانيا أكثر من 80 مليون، أي أكثر بـ 225 ضعف آيسلندا. ولكن في اختبار الأخلاق فإن آيسلندا أخلاقية أكثر من 225 ضعف من ألمانيا، بل ألف ضعف، مع تاريخها القاتل خلال أجيال ولا سيما ضد اليهود. في هذه الأثناء، بدل القيام بدور رئيسي في إحلال السلام والعدل في الشرق الأوسط، تضع ألمانيا كل أسهمها في الاحتلال الإسرائيلي وفي مواصلة قمع الشعب الفلسطيني.
هنا في أيام اليوروفيجن السعيدة خرج البوندستاغ الذي ما زال صدى اسمه يثير القشعريرة لدى الكثيرين، خاصة هنا، خرج بقرار يعتبر حركة بي.دي.اس حركة لاسامية وعنصرية، الأمر الذي أثار الحزن والأسى الكبير لدى بتسلئيل سموتريتش، فارس حقوق الإنسان. أجل، يوجد لاساميون في بي.دي.اس، لكن يوجد الكثيرون-ومنهم يهود-يرون في المقاطعة صورة للنضال المشروع ضد المظالم والشر الذي ترتكبه إسرائيل ضد الفلسطينيين. الكثيرون ممن يؤيدون المقاطعة يعتبرون هذه الخطوة جرس إنذار من أجل الشرح للإسرائيليين بأن الاحتلال ينبت ديكتاتورية تعتبر ترتيبات الحكم السليم غريبة عليها. انظروا إلى قانون الحصانة المتبلور.
في هذه الأثناء، المنافقون في هيئة الإذاعة الأوروبية يعلنون أن مسابقة اليوروفيجن «حدثاً غير سياسي»، كل ذلك رداً على ظهور راقصين رسمت على ملابسهما أعلام إسرائيل وفلسطين في الوقت الذي غنت فيه مادونا. الآيسلنديون الذين رفعوا أعلام فلسطين يتوقع أن تفرض عليهم عقوبة، والحديث يدور عن غرامة مالية أو وقفهم في مسابقة اليوروفيجن. إسرائيل المحتلة إلى الداخل وآيسلندا المؤيدة لحقوق الإنسان إلى الخارج. أوروبا اللاسامية والعنصرية تسير في الخلف.
مع ذلك، يطرح سؤال: ما هو سياسي في علم فلسطين؟ حيث إن هذا العلم هو علم شعب. لماذا يتبنى الأوروبيون بسرعة البرق رواية اليمين الإسرائيلي بشأن العلم؟ ففي مرات كثيرة رفرف هذا العلم في لقاءات ثنائية بين زعماء إسرائيليين وفلسطينيين. ما الجريمة التي ارتكبها الراقصون في عرض مادونا؟ باستثناء القول للعالم «انتبهوا للرجل الحاضر ـ الغائب في هذا الاحتفال الكبير الذي يشعر به الجميع، رغم كل محاولات إخفائه. السادة هنا يحاولون إقناع العالم بأن فلسطين غير موجودة، ولكن قطعة قماش بأربعة ألوان أثارت هزة أرضية. نعم، هذه هي قوة فلسطين، هي تقض مضاجع المضطهدين.
رفع العلم الفلسطيني يكشف عن ما وراء «اليوروفيجن»
لذلك، شكراً لكما أيها الراقصان المتمردان على مادونا، فأنتما من أجل أن تحسنا الرقص وتفرحا الـ 200 مليون مشاهد، قررتما التذكير بأن الظلم الذي يحدث حقاً في الساحة الخلفية للمنصة التي وضعت بكامل قوتها أمام العالم. أجل، يوجد أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين تماماً في غزة على بعد مرمى حجر عن تل أبيب. وأردتما الشرح للعالم بأنه من مصلحة هذا الحدث الفاخر تم إغلاق المجال على 3 ملايين شخص في الضفة الغربية. حقاً ما هو الخطأ في هذا البيان الإعلاني البريء، الذي قدم على ظهر راقصين ممتازين؟
الآيسلنديون يستحقون الشكر بـ 225 ضعف الشكر، عدد سكان هذه الدولة الجميلة. أيضاً هم قرروا المشاركة في التشويش على التزييف الكبير المعروف أمام العالم. هؤلاء الأصدقاء من آيسلندا شرحوا لـ 200 مليون مشاهد أنه في الوقت الذي استعدت فيه دولة إسرائيل لاستضافة القادمين إليها بوجه طلق فإنها منعت والدي طفلة عمرها خمس سنوات من غزة، عائشة اللولو، من مرافقتها أثناء إجراء عملية خطيرة لها في شرق القدس.
لذلك، قامت امرأة لا تعرفها بمرافقتها إلى هذا الحدث. عائشة شفيت وهي وحدها في مستشفى المقاصد، وأجريت لها عملية معقدة لاستئصال ورم في الدماغ بدون وجود والديها. من هناك نقلت إلى مستشفى المطلع في شرق القدس من أجل المتابعة، ومنه خرجت وحدها بابتسامة حزينة في الطريق الموحشة إلى غزة، وبعد ذلك إلى طريقها الأخيرة.