:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/2160

قصص شعبيه فلسطينيه-حكاية الفخار والمطر

2013-12-16

يحكى أن شخصاً من مدينة جنين (وكانت بلدة زراعية) بفلسطين ؛ رزقه الله بابنتين ؛ ولما كبرتا ؛ كان نصيب الابنة الأولى أن تتزوج من شاب من قرية الجلمة ؛ وكان نصيب الابنة الثانية أن تتزوج من شاب من قرية جبع .
تقع قرية الجلمة في مرج بني عامر ويعتمد أهلها في معيشتهم على زراعة المحاصيل البعلية (المطرية) ؛ بينما تقع قرية جبع في جبل نابلس (هضبة السامرة) ويعتمد أهلها في معيشتهم على زراعة الزيتون والرعي وصناعة الفخار لوجود تربة صلصالية في أرضها تصلح لصناعة الفخار ؛ وكان الفخار من المستلزمات الأساسية لحياة الناس وأصبح الآن للذكرى فقط.
بعد مدة من الزمن كونت الابنتين أسرتين كل أسرة تتكون من 4ـ5 أطفال .
ذات مرة أراد الأب أن يتفقد ابنتيه ليقف على أحوالهما ؛ لأنه كما قال المثل : همّ البنات للممات.
فركب حماره وسافر إلى البنت الأولى المتزوجة في قرية الجلمة ؛ وكان ذلك في منتصف شهر 12 ؛ فلما وصل سألها عن أحوالها فأجابت : لقد تأخر نزول المطر تأخر خطير ونخشى من المحل (القحط) على موسم هذا العام ؛ ونتضرع إلى الله ليل نهار أن يمن علينا بالغيث وينزل المطر كي لا يموت أولادي من الجوع ؛ فهم وكما تراهم أمامك عبارة عن كوم من اللحم لا حول لهم ولا قوة ولا أحد منهم يستطيع مساعدتنا في شيء ولا أن يساعد نفسه وإن أكبر واحد فيهم لا يزيد عمره عن ثمان سنوات ؛ وأن زوجي لا صنعة له سوى الزراعة البعلية (المطرية) وأضافت: "يا ربي مالي باب غير بابك".
رجع الأب إلى بلدته جنين ؛ وبعد أسبوعين هطلت السماء أمطاراً غزيرة استمرت أسبوعين كاملين لم ينقطع لها خيط ؛ ففرح لفرح ابنته المتزوجة في قرية الجلمة والتي كانت قد شكت له من قلة المطر ؛ فاستبشر خيراً وقرر أن يزور ابنته الثانية ؛ فاستغل أول توقف بسيط للمطر وسافر إلى جبع ليطمئن على أحوال ابنته الثانية وكان ذلك في منتصف شهر 1 ؛ فلما وصل سألها عن أحوالها فأجابت :لقد صببنا وجبة الفخار التي تراها أمامك تملأ الغرفة الواسعة منذ أسبوعين ولم تجف للآن والدنيا تمطر المطر الغزير (المطر كبّ من الربّ) ونحن نتضرع إلى الله ليل نهار أن يتوقف المطر كي يجف الفخار ونبيعه ونشتري بثمنه القمح كي نصنع الخبز للأطفال الذين تراهم أمامك عبارة عن كوم من اللحم لا حول لهم ولا قوة ؛ وأن زوجي لا صنعة له سوى الفخار وليس له أرض زراعية ولا يوجد أمامه باب للرزق سوى الفخار وكما قال المثل : يا ربي ما لي باب غير بابك ؛ فليس أمامي غير الدعاء لله عز وجل أن يوقف المطر ليجف الفخار ونبيعه ونشتري للأولاد قمحا يأكلونه كي لا يموتوا من الجوع .
رجع الأب إلى بلدته ؛ فسألته زوجته (أم البنات) عن أحوال ابنتيها فقال لها :
"إن أشتت …الطمي( اللطم على الوجه) ، وإن أصحت …الطمي …"
إن أشتت الطمي على ابنتك التي في جبع ؛ سوف يموت أولادها من الجوع ؛ لأن الفخار لا يجف بسبب المطر .
وإن أصحت الطمي على ابنتك التي في الجلمة ؛ سوف يموت أولادها من الجوع ؛ لأن الزراعة تعتمد على المطر .