:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/21888

في ذكراه الثامنة: أحمد جرغون شهيداً يتقدم الصفوف الامامية

2019-10-31

تتجدد في هذه الأيام الذكرى الثامنة لرحيل الرفيق القائد أحمد على جرغون «أبو جمال»، قائد الوحدة الصاروخية لكتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، والذي استشهد إثر قصفٍ من طائرات الاحتلال الإسرائيلي، أثناء قيامه بقصف مواقع الاحتلال العسكرية ومستوطناته المحاذية للقطاع، لنقف على ضفاف مجده ولنبحر في سيرته النضالية المشرفة.
ولد الرفيق أحمد جرغون بتاريخ 6 آذار/ مارس 1986، في محافظة رفح، وتربى على عشق الوطن والفداء في أحضان عائلته الفلسطينية المناضلة التي هجرت من مدينة بئر السبع المحتلة، كباقي العائلات التي هجرت من ديارها وممتلكاتها قسراً، إبان النكبة الكبرى في عام 1948.
وتميز الرفيق بأخلاقه النبيلة، وابتسامته الدائمة، وعطاءه اللامحدود، فكان مقاتلاً صنديداً ضد الاحتلال، وبذل جل وقته وجهده لتأدية واجبه النضالي والوطني دون كلل أو ملل، فما وهن ولا استكان ولم يعرف للراحة طعم.
المقاتل الفز
وبدأ الرفيق جرغون حياته النضالية ومشوار التحدي للاحتلال مع بداية «انتفاضة الأقصى»، التي اندلعت في خريف عام 2000، ليكون من اوائل المشاركين في فعالياتها اليومية ضد الاحتلال، ومع اشتدادها وتصاعد عمليات المقاومة النوعية ضد الاحتلال ومنها عملية «حصن مرغنيت» النوعية، التي هزت أركان الاحتلال الاسرائيلي في رفح، تجذرت لدى رفيقنا أحمد روح التضحية والعطاء، فانضم إلى صفوف الجبهة الديمقراطية في عام 2001، مدركاً أهمية مبادئها وادبياتها، قبل أن ينخرط في صفوف كتائب المقاومة الوطنية في عام 2002، حيث تلقي العديد من التدريبات العسكرية رغم صغر سنه الذي لا يتجاوز (16عاماً).
كما شارك في التصدي للاجتياحات والحملات الاسرائيلية التي كانت يشنها الاحتلال في أزقة ومخيمات محافظة رفح، ومنها عملية «قوس قزح» العسكرية الإسرائيلية ضد المخيمات الواقعة في المحافظة، كما ساهم في التخطيط لعمليات بطولية ضد الاحتلال، وخوض اشتباكات مسلحة مع جنوده. ورغم عمل الرفيق في جهاز الشرطة الفلسطينية، لكن ذلك لن يثنيه عن مشوار المقاومة، فكان يشدد دوماً على «العلاقات الوطنية» بين الأجنحة العسكرية المقاتلة لفصائل المقاومة، ويُشهد له أنه كان من المبادرين في العمل العسكري المشترك بين كتائب المقاومة الوطنية وباقي الاجنحة العسكرية، ويعدُ ويجهز مع العديد منهم لعمليات مشتركة ضد الاحتلال، إدراكاً بأهمية هذا العمل الذي يوجع الاحتلال ويكبده الخسائر المعنوية والمادية والبشرية.
رحيل القائد
نفذت طائرات الاحتلال الاسرائيلي عملية اغتيال لمجموعة من كوادر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي غرب محافظة رفح جنوبي القطاع، بتاريخ 29 اكتوبر/ تشرين أول 2011، على إثر ذلك شهدت محافظات القطاع تصعيداً عسكرياً مفاجئاً، فاستنفرت كتائب المقاومة الوطنية مقاتليها، واتخذت قرار الرد على هذه الجريمة، وقام مقاتليها في الوحدة الصاروخية بقصف مواقع الاحتلال الاسرائيلية ومستوطناته المجاورة للقطاع بعشرات الصواريخ وقذائف الهاون، فكان «أبو جمال» من أوائل الذين قاموا بعمليات القصف وتوجيه الضربات واحدة تلو الأخرى صوب الاحتلال.
وفي اليوم الثاني على التوالي واصلت كتائب المقاومة الوطنية وباقي الأجنحة العسكرية المقاتلة قصفها للمستوطنات والمواقع الاسرائيلية المحاذية للقطاع بعشرات الصواريخ، فكان رفيقنا أحمد مترجلاً بنفسه في مواصله قصفه بالصواريخ وقذائف الهاون مواقع ومستوطنات الاحتلال.
وخلال هذا اليوم 30 تشرين أول/ اكتوبر 2011، توجه رفيقنا أحمد برفقة أحد القادة الميدانيين في الكتائب إلى منطقة قريبة من مطار غزة الدولي، حيث قاماً بقصف المواقع والمستوطنات الاسرائيلية بقذائف الهاون، فقامت الطائرات الاسرائيلية التي كانت تغطى اجواء القطاع باستهدافهم بشكل مباشر بعدد من الصواريخ، ما أدى استشهاده واصابة القائد الميداني الآخر بجراح خطرة، ليلتحق بكوكبة شهداء الجبهة الديمقراطية وجناحها العسكري كتائب المقاومة الوطنية، بعد رحلة نضالية مشرفة أذاق فيها الاحتلال الويلات تلو الويلات.
«تصفية جسدية»
وعقب القادة الإسرائيليون على عملية استهداف الشهيد القائد أحمد جرغون ورفيقه، حيث وصف الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز حينذاك، عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه اسرائيل بـ «إعلان حرب».
وأضاف بيريز، أن «حكومة وجيش الاحتلال سيعملان كل ما هو مطلوب لضمان أمن البلدات الاسرائيلية المجاورة للقطاع، وانهاء الوضع غير المحتمل، وهذا هو واجب كل دولة أن تدافع عن أمن سكانها»، مشيراً إلى نجاح اسرائيل في قتل الشهيد جرغون.
فيما تفاخر رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعملية استهداف الشهيد «أبو جمال»، قائلاً: «لقد استهدفت قواتنا أحد المتورطين في تهديد أمن دولة الاحتلال»، مضيفاً: «سنعمل كل ما في وسعنا لضمان أمن وسلامة مواطني اسرائيل» على حد زعمه.
أما ايهود باراك الذي كان يشغل منصب وزير الحرب الاسرائيلي حينذاك، قال: «سنعمل كل ما في وسعنا لضمان أمن وسلامة سكان جنوب اسرائيل، وتوفير الأمن، وانهاء الوضع غير المحتمل وهذا هو واجب علينا». متوعداً بمواصلة سياسة «التصفية الجسدية» لرجال المقاومة.
بدوره، أكد أبو خالد الناطق العسكري لكتائب المقاومة الوطنية في حديث لـ «الحرية»، أن الكتائب ستبقى وفية لدماء الشهيد القائد أحمد جرغون وكل الشهداء، بالسير على خطاهم في مقاومة الاحتلال والدفاع عن أبناء شعبنا الذي يمثل الحاضنة الشعبية للمقاومة حتى تحقيق أهدافه الوطنية، ومواجهة التحديات والصفقات التي تحاك ضده وتهدف لتصفية حقوقه الوطنية وقضيته الفلسطينية وفي مقدمتها «صفقة ترامب- نتنياهو».
وأوضح أبو خالد، أن كتائب المقاومة وباقي الاجنحة العسكرية حققت توازن رعب مع الاحتلال خلال التصعيد العسكري الذي شن في (29-30) تشرين أول/ أكتوبر2011، كما في كل جولة مواجهة جديدة مع الاحتلال، مؤكداً أن الاحتلال هو من استجدى التهدئة التي بذلت بوساطة مصرية.