المطلب الاسرائيلي بقبول الفلسطينيين لـدولة يهودية خدعة لاطالة امد المفاوضات واستمرار الاستيطان .
2014-01-02
نشرت مجلة "كاونتر بنش" الاميركية مقالا للمحامي الدولي جون ويتبيك، المقيم في العاصمة الفرنسية، الذي يقدم المشورة للوفد الفلسطيني خلال المفاوضات مع اسرائيل، قال فيه ان الاخبار الصحفية تواصل الادعاء بان احدى العقبات الرئيسية لاي اتفاق في الجولة الراهنة من المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية تكمن في الرفض الفلسطيني رغم معقوليته ضد المطلب الاسرائيلي ان تعترف فلسطين صراحة بان اسرائيل "دولة يهودية"، ويصف هذا الطلب بانه شاذ من الناحية القانونية ومن الناحية الثقافية. وفيما يلي نص المقال:
الهدف من المطلب الاسرائيلي هو ايجاد مخرج يمنع التوصل الى اي اتفاق في ذات الوقت الذي تعمل فيه على تمرير فشل حملة العلاقات العامة الاسرائيلية المترتبة على الرفض الفلسطيني لتحميل مسؤوليتها على الفلسطينيين تحت الاحتلال.
ان القبول الفلسطيني بهذا المطلب الاسرائيلي يشكل موافقة فلسطينية صريحة بوضع المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل بشكل دائم في المرتبة الثانية، وبتصفية حقوق الملايين من اللاجئين الفلسطينيين ، كما انه يتضمن قبولا فلسطينيا ضمنيا بان عمليات التطهير العرقي للفلسطينيين له ما يبرره معنويا، وهذا بدوره يتطلب اقرار الفلسطينيين انهم في مرتبة ادنى من مرتبة الانسان وانهم لا يستحقون الحقوق الانسانية الرئيسية.
لا يمكن لاي قيادة فلسطينية قبول هذا المطلب وان تظل على قيد الحياة. والاسرائيليون يدركون ذلك. ولهذا السبب يطالبون بذلك.
وفيما تتوقع فئة قليلة في ان تثمر المفاوضات أي شيء (وهي، حسب ما ذكرته الصحافة الاسرائيلية، ما يريد بينيامين نتنياهو الان ان يمددها لسنة خرى بعد الموعد النهائي في نهاية نيسان (ابريل) لكسب الوقت في ذات الوقت الذي يقيم فيه مزيدا من المستوطنات)، فان بامكان دولة فلسطين بل وعليها ان تتخذ اجراء ايجابيا الان لتفويت مناورة "دولة اسرائيل"، التي يبدو ان رئيس وزرائها يرى فيها افضل امل لتحميل الفلسطينيين المسؤولية في نظر الغرب على الاقل.
وبامكان دولة فلسطين بل وعليها ان تشدد التأكيد ان تعريف اسرائيل بكيانها هو مسألة تخص الاسرائيليين (وليس الفلسطينيين)، وان تقرر وبعد ذلك تعلن للملأ انه اذا اختارت اسرائيل تغيير اسمها الرسمي من "دولة اسرائيل" الى "دولة اسرائيل اليهودية"، فان دولة فلسطين، في الوقت الذي تفضل الديمقراطية باعتبارها مسألة مبدأ وان تأمل في ان تصبح اسرائيل مستقبلا دولة ديمقراطية حقا، وعلى اساس الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، من دون اي تمييز على اساس العرق او العقيدة، ستركز جهودها على انهاء الاحتلال الاسرائيلي لدولة فلسطين، وابرام اي اتفاق يمكن بالتالي التوصل اليه مع الصفة الجديدة لـ"دولة اسرائيل اليهودية".
ويشترط فقط استثناء واحد نبينه فيما يلي، في ان كل الدول حرة في تقرير وتثبيت "اسمائها الرسمية" حسب رغبتها.
هناك اربع "جمهوريات اسلامية" رسميا، جمهورية افغانستان الاسلامية، جمهورية ايران الاسلامية، جمهورية موريتانيا الاسلامية و جمهورية باكستان الاسلامية.
وهناك بعض الاسماء التي تبدو غريبة، مثل جمهورية اورغواي الشرقية (وقد اطلق عليها هذا الاسم لان البلاد تقع على الجانب الشرقي من نهر اورغواي) وجمهورية فينزويلا البوليفارية (واطلق الاسم عليها قبل فترة وجيزة لان سيمون بوليفار كان البطل الشخصي لهوغو شافيز).
غير ان بعض الاسماء الرسمية تجافي الادراك لدرجة السخف، ومنها جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، والاحتمال المنتظر لـ"دولة اسرائيل اليهودية والديمقراطية".
وهناك اسمان رسميان توحيان بصفة القربى لاعمال تملكها عائلات: المملكة الاردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية (والعائلة الهاشمية الحاكمة في الحجاز دُحر اسلافها من اقطاعياتهم على ايدي عائلة آل سعود المحتلة من نجد، وبالتال منحها حلفاؤها الغربيون السابقون منطقة كتسوية، بينما اكد آل سعود اسم عائلتهم على شبه الجزيرة العربية).
غير ان هناك حالة واحدة فرضت الامم المتحدة عليها اسم الدولة الرسمي كشرط لعضوية المنظمة الدولية وقد رفضته الدولة ولم تستخدمه – "جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية سابقا"، التي فضلت ان تطلق على نفسها اسم "جمهورية مقدونيا" مع ان اسم "مقدونيا" يخضع لخلاف بشأنه مع اليونان.
واذا تقررت صفة اسرائيل كـ"دولة يهودية" باعتبار ان ذلك يمثل اهتماما حقيقيا لحكومة اسرائيل او يشعر الاسرائيليون بالحاجة الماسة له، وليس لمجرد استخدام ذلك مناورة ساخرة لافشال المفاوضات وايجاد اعذار له، واذا كانت حكومة اسرائيل ترغب في اعلان هذه الصفة رسميا، امام العالم، فان الطريق مفتوح وليس هناك ما يقف في طريقها لتحقيق ذلك بنفسها. الا ان اسرائيل تفضل ان يكون التعريف الذاتي والاسم الرسمي مسائل ليس لدولة فلسطين اي دور فيها.
واذا كانت حكومة اسرائيل لا تجرؤ على اعلان صفتها الرسمية "يهودية" (وان تقبل بالمخاطر المصاحبة لهذا العمل)، فكيف يمكنها ان تطالب هؤلاء الذين احتلت ارضهم واستعمرت والتي شرد شعبها وتفرق، في امكان جعل دولة اسرائيل ممكنة، ان يقوموا بذلك العمل بالنيابة عنها؟
وسواء كان لدى القيادة الفلسطينية في رام الله او ليس لديها اي امل (او خشية) من ان لا تنتج جولة المفاوضات الحالية اي شيء، فان عليها ان تجعل زيف مطلب الحكومة الاسرائيلية وعقلانية الرفض الفلسطيني بقبول ذلك واضحة تماما، امام المجتمع الدولي وبخاصة الحكومات والشعوب الغربية لكي تدرك حقيقة الامر