:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/24935

بعد سنوات من التجميد، نتنياهو يدفع الى الامام ، بخطط تقطع الضفة عن شرقي القدس

2020-02-28

هآرتس /

قبل بضعة ايام على موعد الانتخابات قام نتنياهو بخطوة في الطريق نحو تحويل الدولة الفلسطينية الى فكرة نظرية عديمة المعنى. وهذا ربما يكون قرار آخر استهدف ارضاء اليمين الاستيطاني، لكن يحتمل أنه فعليا اسرائيل تقترب من الدولة ثنائية القومية.

في السنوات الـ 15 الاخيرة وضع المجتمع الدولي لاسرائيل خطين احمرين في مسألة المستوطنات: تلة الطائرة ومنطقة “إي1”. بالنسبة للعالم والفلسطينيين فان بناء اسرائيل في هذين الموقعين يشكل نقطة اللاعودة– سيحول الدولة الفلسطينية الى أمر نظري تماما، ليست له قيمة على الارض. الخط الذي يصل بين الكيان الاسرائيلي والكيان الفلسطيني الذي تم رسمه في خرائط كثيرة جدا منذ العام 1967 سيتحول الى أمر مستحيل.

خلال العقد السابق صمد نتنياهو امام ضغوط اليمين وواصل تجميد البناء في تلة الطائرة وفي منطقة “إي1”. هل كان ذلك بسبب خوفه من الضغط الدولي أم بسبب أنه فهم معنى هذا القرار على مستقبل اسرائيل. هذا الامر لن نعرفه. ولكن الآن، وقبل ستة ايام على الانتخابات الثالثة، حيث العالم منشغل بفيروس الكورونا، قرر نتنياهو اجتياز هذين الخطين الاحمرين وأخذنا جميعنا معه. من الواضح أن الامر يتعلق بمناورة انتخابية. وهذا هو قرار آخر من بين القرارات الشعبوية التي استهدفت ارضاء جمهور ناخبين مختلفين، لكن هذا لا يعني أن نتنياهو سيجب عليه اعادة الدولاب الى الخلف في الاسبوع القادم. والاكثر احتمالا هو أن دولة اسرائيل قامت اليوم بخطوة اخرى نحو الدولة ثنائية القومية.

تلة الطائرة هي ارض قفر المرتفعة وتشرف على جنوب القدس. في التسعينيات دفع شارون الى الامام ببرنامج لاقامة حي من الكرفانات على هذه الارض لمهاجرين من روسيا. بعد ذلك تم الترويج لبرنامج للبناء عليها تمت المصادقة عليه نهائية في 2014. ولكن في حينه ادارة اوباما التي تلقت من نتنياهو اهانات كثيرة في كل ما يتعلق بالبناء في شرقي القدس، وضعت الفيتو على البناء في التلة. الامريكيون قاموا بفتح الخرائط وعرفوا أن البناء في تلة الطائرة يعني الفصل بين شرقي القدس وبيت لحم. وعزل قريتين فلسطينيتين هما بيت صفافا وشرفات، عن الاحياء الفلسطينية الاخرى في المدينة. وقد اضطر نتنياهو الى الخضوع للضغوط رغم جميع الاصوات التي جاءت من اليمين، وتم وقف الخطة قبل نشر المناقصات بلحظة.

منطقة “إي1” هي منطقة واسعة تقع بين معاليه ادوميم والقدس. في حلم اليمين هذه المنطقة هي “مبسيرت ادوميم”: توسيع جنوبي للاستيطان نحو الشمال. وقبل سنوات كثيرة قامت الحكومة باعداد الارض، شقت الطرق وانشأت ميادين، وغرست اعمدة كهرباء وحتى أنها قامت ببناء مقر شرطة السامرة – القدس على رأس التلة، بتمويل من جمعية المستوطنين التي حصلت في المقابل على المبنى القديم للشرطة في شرقي القدس.

هكذا وجد احد الامور الغريبة للاحتلال الاسرائيلي: بلدة فارغة توجد فيها شوارع وميادين وحتى مقر كبير للشرطة، لكن ليس فيها أي منزل أو أي ساكن. وخلال سنوات تم تجميد البناء في المكان. والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اعتبروا البناء في منطقة “إي1” حدث سيغير بشكل كامل الوضع الجيوسياسي في الضفة الغربية. ليس فقط لأن هذه المنطقة هي منطقة التوسع الوحيدة التي بقيت للقدس الفلسطينية، بل إن البناء فيها سيقسم الضفة الغربية الى قسمين ولن يسمح بتواصل جغرافي فلسطيني في الضفة الغربية.

صحيح أنه بصورة مبدئية فانه في اتفاق سلام يمكن التغلب على أي عائق، انشاء جسر آخر أو نفق آخر، فتح المزيد من المعابر الحدودية أو تحويل جميع القدس الى “مدينة مفتوحة”. ولكن اضافة الى ذلك هناك كتلة حاسمة من المشكلات التي يمكن تحميلها على اتفاق سلام مستقبلي. كل سيناريو توجد فيه نقطة انكسار، وهذه هي النقطة التي فيها نشر المستوطنات سيحول التقسيم الى أمر غير عملي وعديم الاحتمالية السياسية، هندسيا واقتصاديا.

مبدأ التقسيم الى دولتين تعرض في ولاية نتنياهو الى ضربات كثيرة، بدء من التغيير الزاحف للوضع الراهن في منطقة الحرم ومرورا بمقاربة “لا يوجد شريك” واهانة السلطة الفلسطينية وانتهاء بتفشي وهياج البؤر الاستيطانية والمستوطنات في الضفة الغربية. وليس من غير المعقول أن تحرير البناء في تلة الطائرة وفي “إي1″، حتى لو تم ذلك لاعتبارات انتخابية، سينقلنا الى واقع لا يمكن فيه حتى تصور الدولة الفلسطينية المستقبلية. في الوقت الحالي اصبحت الخطوط الحمراء خلفنا في الطريق نحو دولة واحدة يعيش فيها شعبان. واذا كانت هذه الدولة ستكون مساواتية فهي لن تكون صهيونية. واذا كانت صهيونية فهي ستكون دولة ابرتهايد. في الواقع ربما أنها اصبحت هكذا. وفي نهاية المطاف هذا هو الارث الحقيقي لنتنياهو.